شهد القلوب
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Welcome_042

* عزيزي الزائر *
اهلا و سهلا بك
كم اسعدتنا بهذه الزيارة و شرفتنا
و يزيدنا شرف بتسجيلك معنا و تصبح قلب من قلوب
* شهد القلوب *

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 41160_1234692989

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شهد القلوب
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Welcome_042

* عزيزي الزائر *
اهلا و سهلا بك
كم اسعدتنا بهذه الزيارة و شرفتنا
و يزيدنا شرف بتسجيلك معنا و تصبح قلب من قلوب
* شهد القلوب *

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 41160_1234692989
شهد القلوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ديوان شعرأحمد شوقي

صفحة 5 من اصل 10 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:05 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ



قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ متى كانت الأَرضُ مَثْوَى القمرْ؟
سلوا الأَرضَ: هل زُيِّنَتْ للعليـ ـم؟ وهل أرجتْ كالجنان الحفر؟
وهل قام رضوانُ من خلفها يلاقي الرضيَّ النقيَّ الأبرّ؟
فلو علِمَ الجمعُ مِمَّنْ مَضَى تنَحَّى له الجمعُ حتى عَبر
إلى جَنَّة ٍ خُلِقَتْ للكريم ومَن عَرَفَ الله، أَو مَنْ قَدَر
برغمِ القلوبِ وحبَّاتها ورَغْمِ السماعِ، ورَغْمِ البصر
نزولكَ في التربِ زينَ الشبابِ سناءَ النَّدِيِّ سَنَى المؤتمر
مُقيلَ الصديقِ إذا ما هَفا مُقيلَ الكريمِ إذا ما عثر
حَيِيتَ فكنتَ فخارَ الحياة ِ ومتَّ فكنتَ فخارَ السير
عجيبٌ رَداكَ، وأَعجبُ منه حياتُك في طولها والقِصَر
فما قبلها سمعَ العالمون ولا علموا مصحفاً يختضر
وقد يَقتلُ المرءَ همُّ الحياة ِ وشغلُ الفؤادِ، وكدُّ الفِكر
دفنَّا التجاربَ في حفرة ٍ إليها انتهى بك طولُ السَّفر
فكم ذلك كالنَّجم من رحلة ٍ رأَى البدوُ آثارَهَا والحَضَر
نِقاباتُك الغُرُّ تَبكي عليك ويبكي عليك النديُّ الأغر
ويبكي فريقٌ تحيرته شَريفَ المَرامِ، شَريفَ الوَطَر
ويبكي الألى أنتَ علمتهمْ وأَنت غرسْتَ، فكانوا الثمر
حَياتُك كانَتْ عِظاتٍ لهم وموتُك بالأَمسِ إحدى العِبَر
سَهِرنا قُبَيْلَ الرَّدى ليلة ً وما دارَ ذكرُ الرَّدى في السمر
فقمتَ إلى حفرة هُيِّئَتْ وقمتُ إلى مثلِها تُحْتَفَر
مددتُ إليك يداً للوداع ومدَّ يداً للقاءِ القدر
ولو أَنّ لي علمَ ما في غدٍ خَبَأْتُك في مُقْلتِي مِن حذَر
وقالوا: شكوتَ، فما راعني وما أولُ النارِ إلا شرر
رثيتُك لا مالكاً خاطري من الحزن، إلا يسيراً خطر
ففيك عرفتُ ارتجالَ الدموعِ ومنك علمتُ ارتجالَ الدُّرر
ومثلُك يُرثَى بآيِ الكتابِ ومثلُك يُفدَى بنصف البشر
فيا قبرُ، كنْ روضة ً من رضى عليه، وكنْ باقة ً من زهر
سقتك الدموعُ، فإن لم يدمنَ كعادتهنّ سقاك المطر
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:06 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
ساجعُ الشؤقِ طارَ عن أوكاره



ساجعُ الشؤقِ طارَ عن أوكاره وتَوَلَّى فنٌّ على آثاره
غاله نافذُ الجناحين ماضٍ لا تفِرُّ النسورُ من أَظفاره
يطْرُق الفرخَ في الغصون ويَغشَى لبداً في الطويل من أعماره
كان مزمارهُ ، فأصبحَ داو دُ كئيباً يبكي على مِزماره
عبدُهُ بَيْدَ أَن كلَّ مُغَنٍّ عَبْدُه في افتنانِه وابتكاره
مَعْبَدُ الدَّوْلَتَيْنِ في مصرَ، وإسحا قُ السَّمِيَّيْنِ رَبِّ مصرٍ وجاره
في بساط الرشيدِ يوماً، ويوماً في حمى جعفرٍ وضافي ستاره
صفوُ ملكيهما به في ازديادٍ ومن الصَّفو أَن يلوذَ بداره
يخرج المالكين به جشمة ِ المل ـكِ، ويُنْسِي الوقورَ ذِكْرَ وَقاره
ربَّ ليلٍ أغار فيه القمارى وأَثارَ الحِسانَ من أَقماره
بصَباً يُذْكِرُ الرِّياض صَباهُ وحجازٍ أرقّ من أسحاره
وغناءٍ يدارُ لحناً فلحناً كحديثِ النديمِ أَو كعُقاره
وأنينٍ لو أنه من مشوقٍ عرف السامعون مَوْضِعَ ناره
يتمنَّى أخو الهوى منه آهاً حينَ يلحى تكون من أعذاره
زَفَراتٌ كأَنها بَثُّ قيسٍ في معاني الهوى وفي أخباره
لا يُجاريه في تفنُّنِه العو دُ، ولا يَشْتكِي إذا لم يُجارِه
يسمع الليل منه في الفجر: يا لي لُ، فيصغي مستمهلاً في فراره
فجع الناسُ يوم مات الحمولي بدواءِ الهمومِ في عطَّاره
بأبي الفنِّ، وابنه، وأخيه القويِّ المكينِ في أَسراره
والأبيِّ العفيفِ في حالتيهِ والجوادِ الكريمِ في إيثاره
يحبسُ اللحنَ عن غنيٍّ مدلِّ ويذيق الفقيرَمن مختاره
يا مُغيثاً بصوته في الرزايا ومُعيناً بماله في المَكاره
ومُحِلَّ الفقيرِ بين ذَويه ومعزَّ اليتيمِ بين صغاره
وعِمادَ الصديقِ إن مال دهر وشِفاءَ المحزونِ من أَكداره
لستَ بالراحلِ القليلِ فتنسى واحدُ الفنِّ أمة ٌ في دياره
غاية ُ الدهرِ إن أتى أو تولَّى ما لقيتَ الغداة َ من إدباره
نزل الجد في الثرى ، وتساوى ما مضى من قيامه وعثاره
وانقضى الداءُ باليقين من الحا لَيْن، فالموتُ مُنتهَى إقصاره
لَهْفَ قومي على مخايلِ عزٍّ زال عنّا بروضِهِ وهَزاره
وعلى ذاهبٍ من العيش ، ولَّيـ تَ فولَّى الأخيرُ من أوطاره
وزمانٍ أَنت الرِّضَى من بقايا هُ، وأَنت العَزاءُ من آثاره
كان للناس ليلُه حينَ تشدو لحقَ اليومَ ليله بنهاره
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:07 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
ما جلَّ فيهم عيدُك المأْثورُ



ما جلَّ فيهم عيدُك المأْثورُ إلا وأَنت أَجلُّ يا فكتورُ
ذكروكَ بالمئة السنينَ ، وإنها عُمرٌ لمثلكَ في النجوم قصير
ستدوم ما دامَ البيان ، وما ارتقتْ للعالمينَ مداركٌ وشعور
ولئن حجبتَ فأنت في نظر الورى كالنجم لم ير منه الا النور
لولا التقى لفتحتُ قبركَ للملا وسألتُ : أين السيدُ المقبور ؟
ولقلتُ: يا قومُ انظروا إنجيلكم هل فيهِ من قلمِ الفقيدِ سطور ؟
مَنْ بَعدَه مَلَكَ البيانَ؟ فعندكم تاجٌ فقدتم ربهُ وسرير
مات القريضُ بموتْ هوجو ، وانقضى مُلْكُ البيانِ، فأَنتُمُ جُمهور
ماذا يزيد العيدُ في إجلاله وجلاله بيراعه مسطور؟
فقدتْ وجوه الكائناتِ مصوراً نزل الكلام عليه والتصوير
كُشِفَ الغطاءُ له، فكلُّ عبارة ٍ في طَيِّها للقارئين ضَمير
لم يُعْيِهِ لفظٌ، ولا معنى ً، ولا غرضٌ، ولا نظمٌ، ولا منثور
مسلي الحزينِ يفكُّهُ من حزنهِ ويرده لله وهوَ قرير
ثأرَ الملوك، وظلَّ عندَ إبائه يرجو ويأمن عفوه المثؤور
وأعارَ واترلو جلال يراعهِ فجلالُ ذاك السيفِ عنه قصير
يا أيها البحرُ الذي غمر الثرى ومِنَ الثرى حُفَرٌ له وقبور
أَنت الحقيقة ُ إن تَحَجَّب شخصُها فلها على مرَّ الزمانِ ظهور
ارفعْ حدادَ العالمين وعدْ لهم كيما يعيد بائسٌ وفقير
وانظرْ إلى البُؤساءِ نظرة َ راحمٍ قد كان يسعد جمعهم ويجير
الحالُ باقية ٌ كما صورتها من عهد آدَم ما بها تغيير
البؤس والنُّعْمى على حاليهما والحظُّ يعدل تارة ً ويجور
ومن القويِّ على الضعيف مسيطر ومن الغنيِّ على الفقير أمير
والنفسُ عاكفة ٌ على شهواتها تأوي إلى أحقادها وتثور
والعيشُ آمالٌ تَجِدُّ وتنقضي والموتُ أصدقُ ، والحياة ُ غرور
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:08 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm

كأْسٌ مِن الدنيا تُدارْ



كأْسٌ مِن الدنيا تُدارْ منْ ذاقها خلع العذارْ
الليلُ قوامٌ بها فإذا وَنَى قام النهار
وحبا بها الأعمارَ ، لم تدم الطوالُ ، ولا القصار
شَرِبَ الصبيُّ بها، ولم يخل المعمرُّ من خمار
وحسا الكرامُ سلافها وتناول الهَمَلُ العُقار
وأصاب منها ذو الهوى ما قد أَصاب أَخو الوقار
ولقد تميلُ على الجما د، وتصرع الفلَكَ المُدار
كأسُ المنية ِ في يدٍ عَسْراءَ، ما منها فِرار
تجري اليمينَ، فَمَنْ تولَّى تولَّى يسرة ً جرت اليسار
أَوْدَى الجريءُ إذا جرى والمستميتُ إذا أَغار
ليثُ المعامعِ، والوقا ئع ، والمواقعِ ، والحصار
وبقيّة ُ الزُّمَرِ التي كانت تذود عن الذمار
جندُ الخلافة ِ، عَسكرُ السـ ـلطانِ، حامية ُ الديار
ضاقت كريدُ جبالها بك يا خلوصي والقفار
أيامكم فيها - وإن طال المدى - ذاتُ اشتهار
علمَ العدوُّ بأنكم أنتم لمعصمها سوار
أَحْدَقْتُمُ بمقرِّه فتركتموه بلا قرار
حتى اهتدى منْ كان ضـ لَّ ، وثاب من قد كان ثار
واعتزَّ ركنٌ للولا ية كان مُنْقضَّ الجِدار
عِشْ للعُلا والمجدِ ـ يا خيرَ البنين ـ ولِلفخار
أَبكي لدمعك جارياً ولدمع إخوتِكَ الصِّغار
وأودُّ أنكمُ رجا لٌ مثل والدكم كبار
وأُريد بيتكُمُ عما را ، لا يحاكيه عمار
لا تخرجُ النَّعماءُ منـ ـه ، ولا يزايلُه اليسار
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:08 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ



يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ كلُّ البلادِ وسادٌ حين تتَّسدُ
قد غيَّبَ الغربُ شمساً لا سقامً بها كانت على جَنَباتِ الشرقِ تَتَّقِد
حدا بها الأجلُ المحتومُ فاغتربتْ إن النفوسَ إلى آجالها تفد
كلُّ اغترابٍ متاعٌ في الحياة ِ سوى يومٍ يفارقُ فيه المهجة َ الجسد
نعى الغمامَ إلى الوادي وساكنهِ برقٌ تمايلَ منه السهلُ والجَلد
برقُ الفجيعة ِ لما ثار ثائِرُه كادتْ كأَمسٍ له الأَحزابُ تَتَّحِد
قام الرجالُ حيارى منصتين له حتى إذا هدَّ من آمالهم قعدوا
علا الصعيدَ نهارٌ كلُّه شجنٌ وجلَّل الريفَ ليلٌ كلُّه سُهُدُ
لم يُبْقِ للضاحكين الموتُ ما وجدوا ولم يَرُدَّ على الباكين ما فقدوا
وراءَ ريبِ الليالي أو فجاءتها دمعٌ لكلِّ شماتٍ ضاحكٍ رصد
باتت على الفكِ في التابوتِ جوهرة ٌ تكادُ بالليل في ظلِّ البِلَى تقِدُ
يفاخرُ النيلُ أصداف الخليج بها وما يدبُّ إلى البحرين أَو يَرِدُ
إنّ الجواهر أسناها وأكرمها مايقذفُ المهدُ ، لا ما يقذفُ الزَّبدُ
حتى إذا بلغ الفلكُ المدى انحدرتْ كأنها في الأكفِّ الصارمُ الفرد
تلك القيَّة ُ من سيف الحمى كسرٌ على السرير ، ومن رمح الحمى قصد
قد ضمّها فزكا نعشٌ يطاف به مُقدَّمٌ كلِواءِ الحقِّ مُنفرِد
مشتْ على جانبيه مصرُ تَنْشُدُه كما تدَلَّهَت الثَّكْلَى ، وتَفتقِد
وقد يموت كثيرٌ لا تحسُّهمُ كأَنهم من هَوانِ الخطب ما وُجِدوا
ثكلُ البلاد له عقلٌ ، ونكبتها هي النجابة ُ في الأولاد ، لا العدد
مكلِّل الهامِ بالتصريح ، ليس له عودٌ من الهام يَحويه ولا نَضد
وصاحبُ الفضل في الأَعناقِ ليس له من الصنائعِ أَو أَعناقهم سَنَد
خلا من المِدْفَع الجبَّارِ مَركَبُهُ وحلّ فيه الهدى والرفقُ والرَّشَد
إن المدافِعَ لم يُخْلَقْ لصُحبتها جندُ السلام، ولا قُوّادُه المُجُد
يا بانِيَ الصرح لم يَشغَله مُمتدِحٌ عن البناءِ، ولم يصرفه مُنتقِد
أَصمَّ عن غضبٍ مِنْ حَوْلِه ورِضًى في ثورة ٍ تَلِدُ الأَبطالَ أَو تَئِد
تصريحك الخطوة ُ الكبرى ومرحلة ٌ يدنو على مثلها ، أو يبعد الأمد
الحقُّ والقوة ُ ارتدّا إلى حكمٍ من القياصل ، ما في دينه أود
لولا سِفارتُك المهديّة ُ اختصما وملَّ النِّضالِ الذئبُ والنَّقد
ما زِلْت تَطرقُ بابَ الصلح بينهما تفتحت الأبوابُ والسُّدد
وجَدْتها فرصة ً تُلْقى الحِبالُ لها إنَّ السياسة َ فيها الصَّيْدُ والطَّرَد
طلبْتَها عندَ هُوجِ الحادثاتِ كما يمشي إلى الصيد تحتَ العاصفِ الأَسَد
لما وجدت مُعدّاتِ البناءِ بنَتْ يداك للقوم ما ذمُّوا وما حمدوا
بنيت صرحك من جهد البلاد ، كما تبنى من الصخرِ الآساسُ والعمد
فيه ضحايا من الأَبناءِ قَيِّمة ٌ وفيه سَعْيٌ من الآباءِ مُطَّرِد
وفيه ألوية ٌ عزَّ الجهادُ بهم لولا المنيَّة ُ ما مالوا، ولا رقدوا
رميْت في وَتَدِ الذلِّ القديمِ به حتى تَزعزعَ من أسبابه الوتِد
طوى حِمايَتَهُ المحتَلُّ، وانبسطتْ حماية ُ اللهِ ، فاستذرى بها البلد
نمْ غيرَ باكٍ على ما شدت من كرمٍ ما شِيدَ للحقِّ فَهْوَ السَّرْمَدُ الأَبد
يا ثروة َ الوطنِ الغالي، كفَى عظة ً للناس أنك كنزٌ في الثرى بدد
لم يطغك الحكمُ في شتَّى مظاهره ولا استخفَّك لينُ العيشِ والرَّغد
تغْدُو على الله والتاريخِ في ثِقة ٍ ترجو فتُقْدِمُ، أَو تخْشَى فتَتَّئِد
نشأتَ في جبهة ِ النيا ، وفي فمها يدورُ حيثُ تَدور المجدُ والحسَد
لكلِّ يومٍ غَدٌ يمضي برَوْعَتِهِ وما ليومكَ يا خيرَ اللداتِ غدُ
رَمَتْكَ في قنواتِ القلبِ فانصدعَتْ منِيَّة ً ما لها قلبٌ، ولا كَبِد
لمّا أناختْ على تامورك انفجرتْ أَزكَى من الورْدِ، أَو من مائه الوُرُد
ما كلُّ قلبٍ غدا أو راح في دمه فيه الصديقُ وفيه الأَهلُ والولد
ولم تطاولكَ خوفاً أن يناضلها منك الدهاءُ ورأيٌ منقذٌ نجد
فهل رثى الموت للبرِّ الذَّبِيحِ وهل شجاه ذاك الحنانُ الساكنُ الهَمِد؟
هَيْهَات! لو وُجِدَتْ للموت عاطفة ٌ لم يبك من آدمٍ أحبابه أحد
مَشَتْ تَذُودُ المنايا عن وَديعتها مدينة ُ النُّور ، فارتدَّتْ بها رمد
لو يُدفع الموتُ رَدَّتْ عنك عادِيَهُ؟ للعلم حولكَ عينٌ لم تنمْ ويد
أبا عزيز سلامُ اللهِ ، رسلٌ إليك تحمل تسليمي ، ولا بردُ
ونفحة ٌ من قوافي الشعر كنت لها في مجلس الراحِ والريحانِ تحتشدِ
أرسلتها وبعثتُ الدمعَ يكفنها كما تحدَّر حولَ السَّوسن البرد
عطفتُ فيك إلى الماضي ، وراجعني ولا تغّير في أبياتها الشُّهد
حتى لمحتُكَ مَرموقَ الهلالِ على حداثة ٍ تععدُ الأوطانَ ما تعد
والشعرُ دمعٌ، ووجدانٌ، وعاطفة ٌ ياليت شعريَ هل قلتُ الذي أجد
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:09 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ



يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ كلُّ البلادِ وسادٌ حين تتَّسدُ
قد غيَّبَ الغربُ شمساً لا سقامً بها كانت على جَنَباتِ الشرقِ تَتَّقِد
حدا بها الأجلُ المحتومُ فاغتربتْ إن النفوسَ إلى آجالها تفد
كلُّ اغترابٍ متاعٌ في الحياة ِ سوى يومٍ يفارقُ فيه المهجة َ الجسد
نعى الغمامَ إلى الوادي وساكنهِ برقٌ تمايلَ منه السهلُ والجَلد
برقُ الفجيعة ِ لما ثار ثائِرُه كادتْ كأَمسٍ له الأَحزابُ تَتَّحِد
قام الرجالُ حيارى منصتين له حتى إذا هدَّ من آمالهم قعدوا
علا الصعيدَ نهارٌ كلُّه شجنٌ وجلَّل الريفَ ليلٌ كلُّه سُهُدُ
لم يُبْقِ للضاحكين الموتُ ما وجدوا ولم يَرُدَّ على الباكين ما فقدوا
وراءَ ريبِ الليالي أو فجاءتها دمعٌ لكلِّ شماتٍ ضاحكٍ رصد
باتت على الفكِ في التابوتِ جوهرة ٌ تكادُ بالليل في ظلِّ البِلَى تقِدُ
يفاخرُ النيلُ أصداف الخليج بها وما يدبُّ إلى البحرين أَو يَرِدُ
إنّ الجواهر أسناها وأكرمها مايقذفُ المهدُ ، لا ما يقذفُ الزَّبدُ
حتى إذا بلغ الفلكُ المدى انحدرتْ كأنها في الأكفِّ الصارمُ الفرد
تلك القيَّة ُ من سيف الحمى كسرٌ على السرير ، ومن رمح الحمى قصد
قد ضمّها فزكا نعشٌ يطاف به مُقدَّمٌ كلِواءِ الحقِّ مُنفرِد
مشتْ على جانبيه مصرُ تَنْشُدُه كما تدَلَّهَت الثَّكْلَى ، وتَفتقِد
وقد يموت كثيرٌ لا تحسُّهمُ كأَنهم من هَوانِ الخطب ما وُجِدوا
ثكلُ البلاد له عقلٌ ، ونكبتها هي النجابة ُ في الأولاد ، لا العدد
مكلِّل الهامِ بالتصريح ، ليس له عودٌ من الهام يَحويه ولا نَضد
وصاحبُ الفضل في الأَعناقِ ليس له من الصنائعِ أَو أَعناقهم سَنَد
خلا من المِدْفَع الجبَّارِ مَركَبُهُ وحلّ فيه الهدى والرفقُ والرَّشَد
إن المدافِعَ لم يُخْلَقْ لصُحبتها جندُ السلام، ولا قُوّادُه المُجُد
يا بانِيَ الصرح لم يَشغَله مُمتدِحٌ عن البناءِ، ولم يصرفه مُنتقِد
أَصمَّ عن غضبٍ مِنْ حَوْلِه ورِضًى في ثورة ٍ تَلِدُ الأَبطالَ أَو تَئِد
تصريحك الخطوة ُ الكبرى ومرحلة ٌ يدنو على مثلها ، أو يبعد الأمد
الحقُّ والقوة ُ ارتدّا إلى حكمٍ من القياصل ، ما في دينه أود
لولا سِفارتُك المهديّة ُ اختصما وملَّ النِّضالِ الذئبُ والنَّقد
ما زِلْت تَطرقُ بابَ الصلح بينهما تفتحت الأبوابُ والسُّدد
وجَدْتها فرصة ً تُلْقى الحِبالُ لها إنَّ السياسة َ فيها الصَّيْدُ والطَّرَد
طلبْتَها عندَ هُوجِ الحادثاتِ كما يمشي إلى الصيد تحتَ العاصفِ الأَسَد
لما وجدت مُعدّاتِ البناءِ بنَتْ يداك للقوم ما ذمُّوا وما حمدوا
بنيت صرحك من جهد البلاد ، كما تبنى من الصخرِ الآساسُ والعمد
فيه ضحايا من الأَبناءِ قَيِّمة ٌ وفيه سَعْيٌ من الآباءِ مُطَّرِد
وفيه ألوية ٌ عزَّ الجهادُ بهم لولا المنيَّة ُ ما مالوا، ولا رقدوا
رميْت في وَتَدِ الذلِّ القديمِ به حتى تَزعزعَ من أسبابه الوتِد
طوى حِمايَتَهُ المحتَلُّ، وانبسطتْ حماية ُ اللهِ ، فاستذرى بها البلد
نمْ غيرَ باكٍ على ما شدت من كرمٍ ما شِيدَ للحقِّ فَهْوَ السَّرْمَدُ الأَبد
يا ثروة َ الوطنِ الغالي، كفَى عظة ً للناس أنك كنزٌ في الثرى بدد
لم يطغك الحكمُ في شتَّى مظاهره ولا استخفَّك لينُ العيشِ والرَّغد
تغْدُو على الله والتاريخِ في ثِقة ٍ ترجو فتُقْدِمُ، أَو تخْشَى فتَتَّئِد
نشأتَ في جبهة ِ النيا ، وفي فمها يدورُ حيثُ تَدور المجدُ والحسَد
لكلِّ يومٍ غَدٌ يمضي برَوْعَتِهِ وما ليومكَ يا خيرَ اللداتِ غدُ
رَمَتْكَ في قنواتِ القلبِ فانصدعَتْ منِيَّة ً ما لها قلبٌ، ولا كَبِد
لمّا أناختْ على تامورك انفجرتْ أَزكَى من الورْدِ، أَو من مائه الوُرُد
ما كلُّ قلبٍ غدا أو راح في دمه فيه الصديقُ وفيه الأَهلُ والولد
ولم تطاولكَ خوفاً أن يناضلها منك الدهاءُ ورأيٌ منقذٌ نجد
فهل رثى الموت للبرِّ الذَّبِيحِ وهل شجاه ذاك الحنانُ الساكنُ الهَمِد؟
هَيْهَات! لو وُجِدَتْ للموت عاطفة ٌ لم يبك من آدمٍ أحبابه أحد
مَشَتْ تَذُودُ المنايا عن وَديعتها مدينة ُ النُّور ، فارتدَّتْ بها رمد
لو يُدفع الموتُ رَدَّتْ عنك عادِيَهُ؟ للعلم حولكَ عينٌ لم تنمْ ويد
أبا عزيز سلامُ اللهِ ، رسلٌ إليك تحمل تسليمي ، ولا بردُ
ونفحة ٌ من قوافي الشعر كنت لها في مجلس الراحِ والريحانِ تحتشدِ
أرسلتها وبعثتُ الدمعَ يكفنها كما تحدَّر حولَ السَّوسن البرد
عطفتُ فيك إلى الماضي ، وراجعني ولا تغّير في أبياتها الشُّهد
حتى لمحتُكَ مَرموقَ الهلالِ على حداثة ٍ تععدُ الأوطانَ ما تعد
والشعرُ دمعٌ، ووجدانٌ، وعاطفة ٌ ياليت شعريَ هل قلتُ الذي أجد
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:09 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد



أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد وألقى عَصاه المضافُ الشَّريد
وأمسى جماداً عدوُّ الجمود وباتَ على القيد خَصمُ القيود
حداه السفارُ إلى منزلٍ يلاقي الخفيفَ عليه الوئيد
فقرَّ إلى موعدٍ صادقٍ معزُّ اليقينِ مذلُّ الجحود
وباتَ الحواريُّ من صاحبيهِ شَهيدَيْن أَسْرَى إليهم شهيد
تسربَ في منكبيْ مصطفى كأمسِ ، وبينَ ذراعيْ فريد
فيا لَكَ قبراً أكَنّ الكنوزَ وساجَ الحقوقَ، وحاط العهود
لقد غيَّبوا فيك أَمضى السيوفِ فهل أنت يا قبرُ أوفى الغمود ؟
ثَلاثُ عقائدَ في حفرة ٍ تَدُكُّ الجبالَ، وتُوهِي الحديد
فعدنَ فكنّ الأساس المتينَ وقام عليها البناءُ المشيد
فلا تنسَى أمسِ وآلاءَه ألا إن أمسِ أساسُ الوجود
ولولا البلى في زوايا القبورِ لما ظهرَتْ جِدّة ٌ للمُهود
ومَنْ طلب الخُلْقَ من كنزه فإن العقيدة َ كنزٌ عَتيد
تعلمَ بالصبرِ ، أو بالثباتِ جليدُ الرجالِ ، وغيرُ الجليد
طريدَ السياسة ِ منذُ الشبابِ لقد آن يستريح الطريد
لقيت الدواهيَ من كيدها وما كالسياسة داهٍ يكيد
حَمَلْتَ على النفس ما لا يطا قُ، وجاوزَتِ المستطاعَ الجهود
وقلبتَ في النار مثلَ النضا رِ ، وعربتَ مثلَ الجمانِ الفريد
أَتذكر إذْ أَنتَ تحت اللواءِ نبيهَ المكانة ِ ، جمَّ العديد؟
إذا ما تطلَّعْتَ في الشاطئين ربا الريفُ ، وافتنّ فيك الصعيد
وهزّ النديُّ لك المنكبينِ وراحَ الثرى من زحامٍ يَميد
رسائلُ تذري بسجع البديعِ وتنسي رسائلَ عبدِ الحميد
يَعِيها شيوخُ الحِمى كالحديث ويحفظها النشءُ حفظ النشيد
فما بالُها نَكِرَتْها الأُمورُ وطول المدى ، وانتقال الجدود ؟
لقد نسيَ القومُ أمسِ القريبَ فهل لأحاديثه من معيد ؟
يقولون : ما لأبي ناصرٍ وللتُّرْكِ؟ ما شأْنُه والهنود؟
وفِيمَ تحمَّل هَمَّ القريبِ من المسلمينَ وهمَّ البعيد ؟
فقلتُ: وما ضرّكم أَن يَقومَ من المسلمين إمامٌ رشيد ؟
أَتستكثرون لهم واحداً وَلِيَّ القديم نصيرَ الجديد؟
سعى ليؤلف بينَ القلوبِ فلم يَعْدُ هَدْيَ الكتابِ المجيد
يَشُدُّ عُرَى الدينِ في داره ويدعو إلى الله أهلَ الجحود
وللقومِ حتى وراءه القفارِ دعاة ٌ تغني ، ورسلٌ تشيد
جزى الله مَلْكاً من المحسنين رؤوفُ الفؤادِ ، رحيمُ الوريد
كأَنَّ البيانَ بأَيامه أَو العِلْمَ تحتَ ظلالِ الرشيد
يداوي نداه جراحَ الكرامِ ويدركهم في زوايا اللحود
أَجارَ عِيالَك من دهرهم وجاملهم في البلاءِ الشديد
تولى الوليدة في يتمها وكفكفَ بالعطف دمعَ الوليد
سلامٌ أَبا ناصرٍ في التراب يعيرُ الترابَ رفيفَ الورود
بعدتَ وعزَّ إليكَ البريدُ وهل بينَ حيٍّ وميتٍ بريد؟
أجلْ ، بيننا رسلُ الذكرياتُ وماضٍ يطيفُ ، ودمعٌ يجود
وفكرٌ وإن عقلَتْه الحياة ُ يَظَلُّ بوادي المنايا يَرود
أجلْ ؛ بيننا الخشبُ الدائباتُ وإن كان راكبها لا يعود
مضى الدهرُ وهْيَ وراءَ الدموعِ قيامٌ بمُلْكِ الصَّحارى قُعود
وكم حملَتْ من صَديدٍ يَسيلُ وكم وضعتْ من حناشٍ ودود
نَشَدْتُكَ بالموت إلا أَبنْتَ أأنتَ شقيٌّ به أم سعيد؟
وكيف يُسَمَّى الغريبُ امرؤٌ نَزِيلُ الأُبُوّة ِ، ضَيْفُ الجُدود؟
وكيف يقال لجار الأوائ لِ جارِ الأواخرِ : ناءٍ وحيد؟
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:11 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟



سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟ ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ
أَيُّها اللُّوّامُ، ما أَظلمَكم! أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
يا أبي، ما أنتَ في ذا أولٌ كلُّ نفس للمنايا فرضُ عَيْنْ
هلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَى ونَعى الناعون خيرَ الثقلين
غاية ُ المرءِ وإن طالَ المدى آخذٌ يأخذه بالأصغرين
وطبيبٌ يتولى عاجزاً نافضاً من طبَّه خفيْ حنين
إنَّ للموتِ يداً إن ضَرَبَتْ أَوشكَتْ تصْدعُ شملَ الفَرْقَدَيْنْ
تنفذ الجوَّ على عقبانه وتلاقي الليثَ بين الجبلين
وتحطُّ الفرخَ من أَيْكَته وتنال الببَّغا في المئتين
أنا منْ مات، ومنْ مات أنا لقي الموتَ كلانا مرتين
نحن كنا مهجة ً في بدنٍ ثم صِرْنا مُهجة ً في بَدَنَيْن
ثم عدنا مهجة في بدنٍ ثم نُلقى جُثَّة ً في كَفَنَيْن
ثم نَحيا في عليٍّ بعدَنا وبه نُبْعَثُ أُولى البَعْثتين
انظر الكونَ وقلْ في وصفه قل: هما الرحمة ُ في مَرْحَمتين
فقدا الجنة َ في إيجادنا ونَعمْنا منهما في جَنّتين
وهما العذرُ إذا ما أُغضِبَا وهما الصّفحُ لنا مُسْتَرْضَيَيْن
ليتَ شعري أيُّ حيٍّ لم يدن بالذي دَانا به مُبتدِئَيْن؟
ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُه وأَماتَ الرُّسْلَ إلاَّ الوالدين
طالما قمنا إلى مائدة ٍ كانت الكسرة ُ فيها كسرتين
وشربنا من إناءٍ واحدٍ وغسلنا بعدَ ذا فيه اليدين
وتمشَّيْنا يَدي في يدِه من رآنا قال عنّا: أخوين
نظرَ الدهرُ إلينا نظرة ً سَوَّت الشرَّ فكانت نظرتين
يا أبي والموتُ كأسٌ مرة ٌ لا تذوقُ النفسُ منها مرتين
كيف كانت ساعة ٌ قضيتها كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟
أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعة ً أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟
لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكاً جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عين
أنت قد علمتني تركَ الأسى كلُّ زَيْنٍ مُنتهاه الموتُ شَيْن
ليت شعري: هل لنا أن نتلقي مَرّة ً، أَم ذا افتراقُ المَلَوَين؟
وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى أَنلقَى حُفرة ً أَم حُفْرتين؟
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:12 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
لك في الأرض والسماءِ مآتمْ



لك في الأرض والسماءِ مآتمْ قام فيها أَبو الملائِكِ هاشمْ
قعد الآلُ للعزاءِ، وقامتْ باكياتٍ على الحُسين الفَواطم
يا أَبا العِلْيَة ِ البَهاليلِ، سَلْ آ باءك الزُّهرَ: هل من الموتِ عاصم؟
المنايا نَوازلُ الشّعَرِ الأَبـ ـيضِ، جاراتُ كلِّ أسودَ فاحم
ما الليالي إلا قِصارٌ، ولا الدُّنـ ـيا سوى ما رأيتَ أحلام نائم
انحسارُ الشفاهِ عن سنِّ جذلا نَ وراءَ الكرى إلى سنِّ نادِم
سنة ٌ أَفرحَتْ، وأُخرى أَساءَتْ لم يدم في النعيم والكربِ حالم
المَناحاتُ في مَمالِكِ أَبنا ئكَ بدرية ُ العزاءِ قوائم
تلك بغدادُ في الدموعِ، وعمّا نُ وراءَ السَّوادِ، والشامُ واجم
والحِجَازُ النبيلُ رَبْعٌ مُصَلٍّ من رُبوعِ الهُدى ، وآخرُ صائم
واشتركنا، فمصرُ عبرى ، ولبنا نُ سَكُوبُ العيونِ باكي الحمائم
قمْ تأملْ بينك في الشرق زينُ التـ ـاجِ، مِلْءُ السَّرِيرِ، نورُالعواصم
الزكيّون عُنْصُراً مثل إبرا هيمَ، والطيبون مثل القاسم
وعليهم إذا العيونُ رمتهم عُوَذٌ من محمدٍ وتَمائم
قد بنى الله بينهم فهو باقٍ ما بنى الله ما له من هادِم
دبَّروا الملكَ في العراقِ وفي الشا مِ، فسَنّوا الهدى ، ورَدّوا المظالم
أمنَ الناسُ في ذراهم، وطابت عربُ الأرضِ تحتهم والأعاجم
وبنوا دولة ً وراءَ فلسطـ ـينَ، كعابَ الهدى ، فتاة َ العزائم
سَاسَها بالأَناة ِ أَرْوَعُ كالدا خل، ماضي الجنانِ يقظانُ، حازم
قبرصٌ كانت الحديدَ، وقد تنـ ـزل قضبانهُ الليوثُ الضراغم
كره الدهرُ أن يقومَ لواءٌ تُحْشَر البيدُ تحتَه والعماعِم
قم تحدثْ أبا عليٍّ إلينا كيف غامرتَ في جوار الأراقمُ؟
لم تبال النُّيوبَ في الهامِ خشناً وتعلقتَ بالحواشي النواعمِ
هاتِ حدثْ عن العوانِ وصفها لا تُرَعْ في التراب، ما أَنا لائم!
كلُّنا واردُ السَّرابِ، وكلٌّ حمَلٌ في وَلِيمَة ِ الذئبِ طاعم
قد رجوْنا من المغانم حَظّاً ووَرَدْنا الوَغَى ، فكُنَّا الغنائم
قد بَعثْتَ القضية َ اليومَ مَيْتاً رُبّ عظمٍ أَتى الأُمورَ العظائم
أَنتَ كالحقِّ أَلَّف الناسَ يَقظا نَ، وزادَ ائتلافهم وهو نائم
إنما الهمّة ُ البعيدة ُ غرسٌ متأتي الجنى ، بطيءُ الكمائم
ربّما غابَ عن يدٍ غَرَستْهُ وحوته على المدى يدُ قادم
حبَّذا موْقِفٌ غُلِبْتَ عليه لم يقفهُ للعربِ قبلك خادم
ذائداً عن ممالكٍ وشعوبٍ نُقِلتْ في الأَكفِّ نقلَ الدراهم
كلُّ ماءٍ لهم، وكلُّ سماءٍ مَوْطِىء ُ الخيلِ، أَو مَطارُ القَشاعم
لِمَ لَمْ تَدْعُهم إلى الهمّة ِ الشَّـ ـماءِ والعلمِ والطِّماحِ المُزاحم؟
وركوبِ اللجاجِ وهي طواغٍ والسمواتِ وهيَ هوجُ الشكائم؟
وإلى القطب والجليدُ عليه والصّحارى وما بها من سمائم؟
اغسلوه بطيِّبٍ من وَضوءِ الرُّسلِ، كالوَرْدِ في رُباه البواسم
وخذوا من وِسادِهم في المُصَلَّى رُقْعة ً كَفِّنوا بها فرعَ هاشم
واستعيروا لِنعشِه من ذرى المنـ ـبرِ عوداً، ومن شريفِ القوائم
واحملوه على البراق إن اسطعـ ـتم، فقد جلّ عن ظهور الرواسم
وأديروا إلى العتيق حسيناً يبتهلْ ركنه، وتدعو الدعائم
واذكروا للأَمير مكَّة ، والقصـ ـرَ، وعهدَ الصفا، وطيبَ المواسم
ظمىء الحرُّ للديار، وإن كا ن على منهلٍ من الخلد دائم
نقِّلوا النعشَ ساعة ً في ربا الفتـ ـح، وطوفوا بربِّهِ في المعالم
وقفوا ساعة ً به في ثرى الأقـ ـار من قومِه وتُرْب الغمائم
وادفِنوه في القُدس بين سُليما ن وداودَ والملوكِ الأَكارم
إنما القدسُ منزلُ الوحي، مغنى كلِّ حَبْرٍ من الأَوائل عالم
كنفتْ بالغيوب، فالأرضُ أسرا رٌ مدى الدهرِ، والسماءُ طلاسم
وتَحلَّتْ من البُراقِ بطُغرا ءَ، ومِن حافر البُراقِ بخاتم
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:13 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
إلى الله أَشكو مِن عَوادِي النَّوَى سهما



إلى الله أَشكو مِن عَوادِي النَّوَى سهما أصابَ سويداءَ الفؤادِ وما أصمَى
من الهاتكاتِ القلبَ أوَّلَ وهلة ٍ ومَا دَخَلَتْ لحماً، ولا لامستْ عظما
تَوَارَدَ والنَّاعِي، فأَوْجَسْتُ رَنَّة ً كلاماً على سمعي ، وفي كبدي كلما
فما هتفا حتى نزا الجنبُ وانزوَى فيا وَيْحَ جَنْبِي! كم يَسيلُ؟ وكم يَدمَى ؟
طَوَى الشرقَ نحوَ الغربِ، والماءَ للثَّرَى إليَّ ، ولم يركبْ بساطاً ولا يمَّا
أبانَ ولم ينبسْ ، وأدَّى ولم يفهْ وأدمى وما داوى ، وأوهى وما رمَّا
إذا طويتْ بالشهبِ والدُّهمِ شقة ٌ طَوَى الشُّهْبَ، أَو جاب الغُدافِيَّة َ الدُّهْما
ولم أَرَ كالأَحداثِ سهماً إذا جرَتْ ولا كالليالي رامياً يُبعِدُ المَرْمَى
ولم أَرَ حُكماً كالمقاديرِ نافذاً ولا كلقاءِ الموتِ من بينهما حتما
إلى حيثُ آباءُ الفتى يذهبُ الفتى سَبيلٌ يَدينُ العالَمون بها قِدْما
وما العيشُ إلا الجسمُ في ظلِّ روحهِ ولا الموتُ إلا الرُّوحُ فارقَتِ الجِسما
ولا خلْدَ حتى تملأَ الدهرَ حِكْمة ً على نزلاءِ الدهرِ بعدكَ أو علما
زجرتُ تصاؤيفَ الزمانِ ، فما يقعْ ليَ اليومَ منها كان بالأمس لي وهما
وقدَّرتُ للنعمانِ يوماً وضدَّهُ فما اغترَّتِ البوسى ، ولا غرَّتِ النَّعمى
شربتُ الأَسى مصروفة ً لو تعرضتْ بأَنفاسِها بالفمِّ لم يستفِقْ غَمَّا
فأَتْرِعْ وناوِلْ يا زمانُ؛ فإنما نديمكَ سقراطُ الذي ابتدعَ السمَّا
قَتلتُكَ، حتى ما أُبالِي: أَدَرْتَ لي شهيدة ِ حربٍ لم تُقارِفْ لها إثما
مُدَلَّهة ٍ أَزكى مِنَ النارِ زَفْرَة ً وأنزهِ منْ دمعِ الحيا عبرة سحما
سقاها بَشيرِي وهْيَ تَبكِي صَبابة ً فلم يَقْوَ مَغناها على صَوْبِهِ رَسْما
أَسَتْ جُرحَها الأَنباءُ غيرَ رَفيقة ٍ وكم نازعٍ سهماً فكان هو السَّهما!
تغارُ على الحمَّى الفضائلُ والعلا لما قبَّلتْ منها ، وما ضمَّتْ الحمَّى !
أكانت تمنَّاها وتهوى لقاءها إذا هي سَمَّاها بذي الأَرض مَنْ سَمّى ؟
أَلَمَّتْ عليها، واتَّقتْ ثمراتِها فلمَّا وقوا الأسواءَ لم ترها ذمَّا
فيا حسرتا أَلاَّ تراهم أَهِلَّة ً إذا أَقْصَرَ البدرُ التمامُ مَضوْا قُدْما!
رياحينُ في أنف الوليِّ ، وما لها عدوٌّ تراهم في معاطسهِ رغما
وألاَّ يطوفوا خشَّاً حولَ نعشها ولا يُشبِعوا الركنَ استلاماً ولا لَثْما
حلَفْتُ بما أَسلَفْتِ في المهد مِنْ يَدٍ واوليتِ جثماني من المنَّة ِ العظمى
وقبرٍ مَنُوطٍ بالجلال مُقَلَّدٍ تليدَ الخلالِ الكثرَ ، والطارفَ الجمَّا
وبالغادياتِ الساقياتِ نزيلهُ ولا رُمْتُ هذا الثكلَ للناس واليتما
ولم يكُ الطيرِ بالرقّ لي رضاً فكيف رضائي أَن يَرَى البَشَرُ الظُّلما؟
ولم آلُ شُبّانَ البريّة ِ رِقَّة ً كأن ثمارَ القلب منْ ولدي ثمَّا
وكنتُ على نهجٍ من الرأي واضحٍ أرى الناس صنفينِ : الذئابَ أو البهما
وما الحكمُ إلا أولي البأسِ دولة ً ولا العدلُ إلا حائطٌ يعصمُ الحكما
نزلْتُ رُبَى الدنيا، وجَنّاتِ عَدْنِها فما وَجَدَتْ نفسي لأَنهارها طعما
أُرِيحُ أَرِيجَ المِسْكِ في عَرَصاتِها وإن لم أُرِحْ مَرْوانَ فيها ولا لَخْما
إذا ضحكتْ زهواً إليَّ سماوها بكيتُ النَّدى في الأرض والبأسِ والحزما
أطيفُ برسمٍ ، أو ألمُّ بدمنة ٍ أَخال القصور الزُّهر والغُرَفَ الشُّما
فما برحَتْ من خاطري مصرُ ساعة ً ولا أَنتِ في ذي الدارِ زايَلْتِ لي هَمّا
إذا جَنَّنِي الليلُ کهْتَزَزْتُ إليكما فجنحا إلى سعدى ، وجنحا إلى سلمى
فلما بدا للناس صُبْحٌ من المُنَى وأَبصرَ فيه ذو البصيرة ِ والأَعمى
وقرَّتْ سيوفُ الهندِ، وارتكز القَنا وأَقْلَعَتِ البَلْوَى ، وأَقْشَعَتِ الغُمَّى
وحَنَّتْ نواقيسٌ، ورَنّتْ مآذنٌ ورَقَّتْ وجوهُ الأَرضِ تَستقبلُ السلمى
أتى الدهرُ من دونِ الهناءِ، ولم يزلْ ولوعاً ببنيانِ الرجاءِ إذا تمّا!
إذا جال في الأعيادِ حلَّ نظامها أَو العُرسِ أَبْلى في معالمه هَدْما
لئن فاتَ ما أمَّلته من مواكبٍ فَدُونَكِ هذا الحشدَ والموكبَ الضَّخما!
رثيْتُ به ذَات التُّقى ونظمتُه لعنصره الأَزكى وجوهرِهِ الأَسمى
نمتكِ مَناجيبُ العُلا ونمَيْتِها فلم تلحقي بنتاً ولم تسبقي أُمّا
وكنتِ إذا هذي السماءُ تخايلتْ تواضعتِ، لكنْ بعد ما فُتِّها نجما
أتيتُ به لم ينظم الشِّعر مثله وجِئْتِ لأَخلاق الكرامِ به نَظما
ولو نهضَتْ عنه السماءُ، ومَخَّضَتْ به الأرضُ كان المزنَ والتبرَ والكرما!
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:14 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
هالة ٌ للهلالِ فيها اعتصامُ



هالة ٌ للهلالِ فيها اعتصامُ كيف حامَتْ حِيالَها الأَيّامُ؟
دخلتها عليكَ عثمانُ في السل ـم، وقد كنتَ في الوَغَى لا تُرام
وإذا الداءُ كان الداءَ المنايا صعَّبتهُ لأهلها الأحلام
فبرغم المشير أن يتولَّى والخطوبُ المُرَوِّعاتُ جِسام
ويدُ الملكِ تستجيرُ يديهِ والسرايا تدعوه، والأَعلام
وبنوه يرجونه وهُمُ الجُنـ دُ، وهم قادة ُ الجنودِ العظام
مثَّلتهم صفاتهُ للبرايا ربَّ فردٍ سادت به أقوام
بطلَ الشرقِ، قد بَكتْك المعالي ورثاك الوَلِيُّ والأَخصام
خذل الملكَ زنده يوم أودي ـتَ، وأَهوَى من راحتَيْهِ الحُسام
ودهى الدينَ والخلافة َ أمرٌ فادحٌ رائعٌ، جليلٌ، جُسام
علمُ العصر والممالكِ ولَّى وقليلٌ أمثاله الأعلام
وإذا كانت العقولُ كِباراً ولو أنّ المحاصرين الأنام
خَيَّم الروسُ حولَ حِصْنِكَ، لكن أين منْ هامة ِ السِّماكِ الخيام؟
وأَحاطت بعزمك الجندُ، لكن عزمك الشُّهبُ، والجنودُ الظلام
كلما جرّدَ المحاصرُ سيفاً قطع السيفَ رأْيُكَ الصّمصام
وإذا كانت القعولُ كباراً سلمت في المضايق الأجسام
وعجيبٌ لا يأْخذُ السيفُ منكم وينال الطَّوى ، ويعطى الأوام
فخرجتم إلى العِدا لم تُبالوا ما لأُسْدٍ على سُغوب مُقام
تَخرقون الجيوشَ جيشاً فجيشاً مِثلَما يَخرقُ الخَواءَ الغَمام
والمنايا مُحيطة ٌ، وحصونُ الرُّ وسِ تحمي الطريقَ والألغام
ولنارِ العدوِّ فيكم قعودٌ ولِسيفِ العدوِّ فيكم قِيام
جُرِحَ الليثُ يومَ ذاكَ، فخان الـ ـجيشَ قلبٌ، وزُلزِلَتْ أَقدام
ما دفَعْتَ الحُسامَ عجزاً، ولكن عَجَّزتَ ضَيْغَمَ الحروبِ الكِلام
فأعادوه خيرَ شيءٍ أعادوا وكذا يعرفُ الكرامَ الكرام
فتقلَّدته وكنتَ خليقاً سَلَبَتْنا كِلَيْكُما الأَيام
ما لها عودة ٌ، ولا لك ردُّ نِمتَ عنها، ومَنْ تَرَكْتَ نِيام
إنما الملكُ صارمٌ ويراعٌ فإذا فارقاه ساد الطَّغام
ونظامُ الأُمورِ عقلٌ وعدلٌ فإذا ولَّيَا تَوَلَّى النظام
وعجيبٌ خُلِقْتَ للحرب ليْثاً وسجاياك كلُّهن سلام
فهيَ في رأيكَ القويمِ حلالٌ وهيَ في قلبك الرحيمِ حرام
لكَ سيفٌ إلى اليتامَى بغيضٌ وحَنانٌ يُحبّه الأَيتام
مُستبدٌّ على قويٍّ، حليمٌ عن ضعيفٍ، وهكذا الإسلام
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:14 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ



مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ وأعظمُ منه حيرة ُ الشعرِ في فمي
أأنطقُ والأنباءُ تترى بطيبٍ وأسكتُ والأنباءُ تترى بمؤلم؟
أتيتُ بغالٍ في الثناءِ منضَّدٍ فمَنْ لي بِغالٍ في الرِّثاءِ مُنظَّم؟
عسى الشعرُ أن يجزي جريئاً، لفقده بَكى التركُ واليونانُ بالدمع والدّم
وكم من شجاعٍ في العداة ِ مكرَّمٍ وكم من جبانٍ في اللداتِ مذمَّم
وهل نافعٌ جَرْيُ القَوافي لغاية ٍ وقد فتكتْ دهمُ المنايا بأدهم
رمَتْ فأَصابت خيرَ رامٍ بها العِدَى وما السَّهمُ إلا للقضاءِ المحتَّم
فتًى كان سيفَ الهندِ في صورة ِ امرىء ٍ وكان فتى القتيانِ في مسكِ ضيغم
لحاهُ على الإقدام حسَّادُ مجدهِ وما خُلِقَ الإقبالُ إلا لمُقْدِم
مزعزعُ أجيالٍ، وغاشي معاقلٍ وقائدُ جَرّارٍ، ومُزْجِي عَرَمْرَم
سلوا عنه مليونا وما في شعابه وفي ذرويته من نسورٍ وأعظم
وقال أناسٌ: آخرُ العهدِ بالملا وهمتْ ظنونٌ بالتراثِ المقسَّم
فأَطْلَعَ للإسلام والمُلْكِ كوكباً من النصر في داجٍ من الشك مُظلِم
ورحنا نباهي الشرق والغربَ عزَّة ً وكُنَّا حديثَ الشامتِ المترحِّم
مَفاخرُ للتاريخ تُحْصَى لأَدهم ومَنْ يُقْرِضِ التاريخَ يَرْبَحْ ويَغْنَم
أَلا أَيُّها الساعونَ، هل لَيس الصَّفا سواداً، وقد غصَّ الورودُ بزمزم؟
وهل أقبلَ الركبانُ ينعونَ خالداً إلى كلِّ رامٍ بالجمارِ ومحرم؟
وهل مَسجدٌ تَتْلُونَ فيه رِثاءَه؟ فكم قد تَلَوْتُم مَدْحَهُ بالترنُّم!
وكان إذا خاضَ الأسنة َ والظَّبى تَنَحَّتْ إلى أَن يَعْبَر الفارسُ الْكَمِي
ومَنْ يُعْطَ في هذي الدَّنِيَّة ِ فُسْحَة ً يُعَمَّرْ وإن لاقَى الحروبَ ويَسْلم
عليٌّ أَبو الزَّهراءِ داهية ُ الوغَى دهاهُ ببابِ الدّارِ سيفُ ابن مُلْجَم
فروق، اضحكي وابكي فخاراً ولوعة ً وقُومي إلى نعش الفقيدِ المعظَّم
كأمِّ شهيدٍ قد أتاها نعيُّة ُ فخفَّتْ له بينَ البكا والتبسُّم
وخطِّي له بينَ السلاطينِ مضجعاً وقبراً بجنبِ الفاتح المتقدِّم
بَخِلْتِ عليه في الحياة ِ بموكبٍ فُتوبي إليه في الممات بمأْتم
ويا داءُ، ما أَنصَفْتَ إذْ رُعْتَ صدرَهُ وقد كان فيه الملكُ إن رِيعَ يَحتمِي
ويا أيها الماشونَ حولَ سَريرِه أَحَطْتُم بتاريخٍ فَصيحِ التكلُّم
ويا مصرُ، مَنْ شَيَّعْتِ أَعْلى همامة ً وأَثْبَتُ قلباً مِنْ رَواسِي المقطَّم
ويا قومُ، هذا منْ يقام لمثله مثالٌ لباغي قدوة ٍ متعلِّم
ويا بحرُ، تدري قدرَ مَنْ أَنت حاملٌ؟ ويا أَرضُ، صونيه، ويا رَبِّي، ارْحَمِ
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:15 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
يا ثَرَى النيلِ، في نَواحيكَ طيرٌ



يا ثَرَى النيلِ، في نَواحيكَ طيرٌ كان دنيا، وكان فرحة َ جيلِ
لم يزلْ ينزلُ الخمائلَ حتى حلّ في رَبْوَة ٍ على سَلسبيل
أقعد الرَّوضَ في الحياة مليَّاً وأَقامَ الرُّبَى بسِحْر الهَديل
يا لِواءَ الغناءِ في دَوْلة ِ الفـ ـن، إليكَ اتجهتُ بالإكليل
عبقريا كأنه زنبقُ الحلـ ـدِ على فَرْعِه السَّرِيِّ الأَسيل
اينَ منْ مسمع الزمانِ أغانـ ـيُّ عليهنَّ رزعة ُ التمثيل؟
أَين صَوتٌ كأَنه رَنّة ُ البلبـ ـلِ في الناعم الوريفِ الظليل؟
فيه من نَغْمة ِ المزاميرِ مَعنًى وعليه قداسة ُ الترتيل
كلما رَنَّ في المسارح «إن كنـ ـتُ انثنى بالهتاف والتهليل
كعتاب الحبيب في أذنِ الصَّـ ـب، وهمسِ النديمِ حولَ الشمول
كيف إخواننا هناك على الكوْ ثَر بينَ الصَّبا وبينَ القبول؟
كيف في الخلد ضربُ أحمدَ بالعو دِ، ونفخُ الأَمين في الأَرغول؟
فرَحٌ كُلُّهُ النعيمُ، وعُرْسٌ كيف عثمانُ فيه كيف الحمولي؟
فهنيئاً لكم ونعمة ُ بالٍ إستَرحتم من ظِل كلِّ ثَقيل
إنما مَنزلٌ رُفاتُك فيه لَبقايا من كل فَنٍّ جميل
ذبلتْ في ثراهُ ريحانة ُ الفـ ـنِّ، وجفَّتْ ريحانة ُ التمثيل
قام يجزي سلامة ً في ثراه وطنٌ بالجزاءِ غيرُ بخيل
قد يوفي البناءَ والغرسَ أجراً ويُكافِي على الصَّنيعِ الجليل
مُحسنٌ بالبنينَ في حاضرِ العَيْـ ـش، وفي سالفِ الزمانِ الطويل
ويعدُّ الضَّريحَ من مرمرِ الخلـ ـدِ الكريمِ المهذَّبِ المصقول
بدفنُ الصالحين في ورقِ المصـْ ـحَفِ، أَو في صحائف الإنجيل
مصرُ في غَيبة ِ المُشايعِ، والحا سدِ، والحاقد اللَّئيمِ الذَّليل
قامت اليومَ حولَ ذكراك تجري وطنيا من الطِّراز القليل
من رجالٍ بنوا لمصر حديياً وأَذاعوا مَحَاسِناً للنيل
هم سُقاة ُ القلوبِ بالوُدِّ والصَّفـ ـوِ، وهم تارة ً سقاة ُ العقول
ليس منهم إلا فتى عبقريٌّ ليس في المجد بالدَّعِي الدخيل
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:16 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
مال أَحبابُه خليلاً خليلا



مال أَحبابُه خليلاً خليلا وتولَّى اللِّداتُ إلا قليلا
نصلوا أمسِ من غبار الليالي ومضى وحدَه يحثُّ الرحيلا
سكنتْ منهم الركابُ، كأن لم تضطربْ ساعة ً ولم تمضِ ميلا
جُرِّدوا من منازلِ الأرضِ إلا حَجَراً دارِساً ورَملاً مَهيلا
وتَعَرَّوْا إلى البِلَى ، فكساهم خشنة اللحدِ والدجى المسدولا
في يبابٍ من الثرى رَدَّه المو تُ نقياً من الحقودِ غسيلا
طَرَحوا عندَه الهمومَ، وقالوا إن عِبْءَ الحياة ِ كان ثقيلا
إنما العالمُ الذي منه جئنا ملعٌ لا ينوع التمثيلا
بطلُ الموتِ في الرواية ركنٌ بُنِيَتْ منه هيكلاً وفصولا
كلما راح أَو غدا الموتُ فيها سَقط السِّترُ بالدموع بَليلا
ذكرياتٌ من الأحبة تمحى بيدٍ للزمان تمحو الطلولا
كلُّ رسمٍ من منزلٍ أو حبيبٍ سوف يمشي البِلَى عليه مُحيلا
رُبَّ ثُكْلٍ أَساكَ مِن قُرْحة ِ الثُّكْـ ـلِ، ورزْءٌ نسَّاك رُزْءاً جليلا
يا بَناتِ القَرِيضِ، قُمْنَ مَناحا تٍ، وأرسلنَ لوعة ً وعويلا
من بَناتِ الهَدِيلِ أنْتُنَّ أَحْنَى نغمة في الأسى ، وأشجى هديلا
إن دمعاً تَذْرِفْنَ إثرَ رِفاقي سوف يَبْكِي به الخليلُ الخليلا
ربَّ يومٍ يناحُ فيه علينا لو نحسُّ النَّواح والترتيلا
بمراثٍ كتبنَ بالدمع عنّا أَسطُراً من جوًى ، وأُخرى غليلا
يجدُ القائلون فيها المعاني يومَ لا يأْذن البِلى أَن نَقولا
أَخذ الموتُ من يدِ الحقِّ سَيفاً خالديَّ الغرار، عضباً، صقيلا
من سيوف الجهادِ فولاذهُ الحـ ـقُّ، فهل كان قَيْنُه جِبريلا؟
لمسته يدُ السماءِ، فكان الـ ـبَرْقَ والرعدَ خَفْقَة ً وصَليلا
وإباءُ الرجالِ أمضى من السيـ ـفِ على كفِّ فارسٍ مسلولا
ربَّ قلبٍ أصاره الخلقُ ضرغا ماً، وصدرٍ أصاره الحقُّ غيلا
قيلَ: حللهُ، قلتُ: عرقٌ من التـ ـبرِ أراحَ البيانَ والتحليلا
لم يزدْ في الحديد والنارِ إلا لَمحة ً حُرَّة ، وصبراً جميلا
لم يَخَفْ في حياته شَبَح الفقـ ـرِ إذا طاف بالرجال مهولا
جاعَ حيناً، فكان كالليثِ آبى ما تُلاقيه يومَ جُوعٍ هَزيلا
تأكل الهرَّة ُ الصغارَ إذا جا عَتْ، ولا تأْكل اللَّباة ُ الشُّبولا
قيلَ: غالٍ في الرأي، قلتُ: هبوهُ قد يكون الغُلُوُّ رأْياً أَصيلا
وقديماً بَنَى الغُلُوُّ نُفوساً وقديماً بنى الغلوُّ عقولا
وكم استنهضَ الشيوخَ، وأَذكى في الشباب الطِّماحَ والتأْميلا
ومنَ الرأيِ ما يكونُ نفاقاً أَو يكونُ اتجاهُه التضليلا
ومن النقدِ والجِدالِ كلامٌ يشبه البغيَ، والحنا، والفضولا
وأَرى الصدقَ ديْدَناً لسَلِيل الـ ـرافعيِّينَ والعَفافَ سَبيلا
عاش لم يَغْتَبِ الرجالَ، ولم يَجْـ ـعَلْ شؤون النفوسِ قالاً وقِيلا
قد فقدنا به بقيَّة َ رَهْطٍ أيقظوا النيلَ وادياً ونزيلا
حَرَّكوهُ، وكان بالأَمس كالكهـ ـفِ حُزوناً، وكالرَّقِيم سُهولا
يا أمينَ الحقوقِ، أديتَ حتى لم تخنْ مصرَ في الحقوق فتيلا
ولو استطعتَ زدتَ مصرَ من الحقِّ على نيلها المباركِ نيلا
لستُ أنساكَ قابعاً بين درجيـ ـكَ مكبَّا عليهما مشغولا
قد تواريتَ في الخشوع، فخالو كَ ضئيلاً، وما خُلِقْتَ ضئيلا
سائل الشعبَ عنك، والعَلَمَ الخفَّاقَ، أَو سائل اللواءَ الظليلا
كم إمامٍ قربْتَ في الصفِّ منه ومغنٍّ قعدتْ منه رسيلا؟
تُنْشِدُ الناسَ في القَضِيَّة ِ لَحْناً كالحواريِّ رَتَّل الإنجيلا
ماضياً في الجهاد لم تتأخَّر تزنُ الصفَّ، أو تقيم الرعيلا
ما تبالي مضيتَ وحدكَ تحمي حوزة َ الحق، أم مضيتَ قبيلا
إن يفتْ فيكَ منبرَ الأمسِ شعري إن لي المنبرَ الذي لن يزولا
جلّ عن منشدٍ سوى الدهرِ يلقيـ ـهِ على الغابرين جيلاً فجيلا
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:16 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
مال أَحبابُه خليلاً خليلا



مال أَحبابُه خليلاً خليلا وتولَّى اللِّداتُ إلا قليلا
نصلوا أمسِ من غبار الليالي ومضى وحدَه يحثُّ الرحيلا
سكنتْ منهم الركابُ، كأن لم تضطربْ ساعة ً ولم تمضِ ميلا
جُرِّدوا من منازلِ الأرضِ إلا حَجَراً دارِساً ورَملاً مَهيلا
وتَعَرَّوْا إلى البِلَى ، فكساهم خشنة اللحدِ والدجى المسدولا
في يبابٍ من الثرى رَدَّه المو تُ نقياً من الحقودِ غسيلا
طَرَحوا عندَه الهمومَ، وقالوا إن عِبْءَ الحياة ِ كان ثقيلا
إنما العالمُ الذي منه جئنا ملعٌ لا ينوع التمثيلا
بطلُ الموتِ في الرواية ركنٌ بُنِيَتْ منه هيكلاً وفصولا
كلما راح أَو غدا الموتُ فيها سَقط السِّترُ بالدموع بَليلا
ذكرياتٌ من الأحبة تمحى بيدٍ للزمان تمحو الطلولا
كلُّ رسمٍ من منزلٍ أو حبيبٍ سوف يمشي البِلَى عليه مُحيلا
رُبَّ ثُكْلٍ أَساكَ مِن قُرْحة ِ الثُّكْـ ـلِ، ورزْءٌ نسَّاك رُزْءاً جليلا
يا بَناتِ القَرِيضِ، قُمْنَ مَناحا تٍ، وأرسلنَ لوعة ً وعويلا
من بَناتِ الهَدِيلِ أنْتُنَّ أَحْنَى نغمة في الأسى ، وأشجى هديلا
إن دمعاً تَذْرِفْنَ إثرَ رِفاقي سوف يَبْكِي به الخليلُ الخليلا
ربَّ يومٍ يناحُ فيه علينا لو نحسُّ النَّواح والترتيلا
بمراثٍ كتبنَ بالدمع عنّا أَسطُراً من جوًى ، وأُخرى غليلا
يجدُ القائلون فيها المعاني يومَ لا يأْذن البِلى أَن نَقولا
أَخذ الموتُ من يدِ الحقِّ سَيفاً خالديَّ الغرار، عضباً، صقيلا
من سيوف الجهادِ فولاذهُ الحـ ـقُّ، فهل كان قَيْنُه جِبريلا؟
لمسته يدُ السماءِ، فكان الـ ـبَرْقَ والرعدَ خَفْقَة ً وصَليلا
وإباءُ الرجالِ أمضى من السيـ ـفِ على كفِّ فارسٍ مسلولا
ربَّ قلبٍ أصاره الخلقُ ضرغا ماً، وصدرٍ أصاره الحقُّ غيلا
قيلَ: حللهُ، قلتُ: عرقٌ من التـ ـبرِ أراحَ البيانَ والتحليلا
لم يزدْ في الحديد والنارِ إلا لَمحة ً حُرَّة ، وصبراً جميلا
لم يَخَفْ في حياته شَبَح الفقـ ـرِ إذا طاف بالرجال مهولا
جاعَ حيناً، فكان كالليثِ آبى ما تُلاقيه يومَ جُوعٍ هَزيلا
تأكل الهرَّة ُ الصغارَ إذا جا عَتْ، ولا تأْكل اللَّباة ُ الشُّبولا
قيلَ: غالٍ في الرأي، قلتُ: هبوهُ قد يكون الغُلُوُّ رأْياً أَصيلا
وقديماً بَنَى الغُلُوُّ نُفوساً وقديماً بنى الغلوُّ عقولا
وكم استنهضَ الشيوخَ، وأَذكى في الشباب الطِّماحَ والتأْميلا
ومنَ الرأيِ ما يكونُ نفاقاً أَو يكونُ اتجاهُه التضليلا
ومن النقدِ والجِدالِ كلامٌ يشبه البغيَ، والحنا، والفضولا
وأَرى الصدقَ ديْدَناً لسَلِيل الـ ـرافعيِّينَ والعَفافَ سَبيلا
عاش لم يَغْتَبِ الرجالَ، ولم يَجْـ ـعَلْ شؤون النفوسِ قالاً وقِيلا
قد فقدنا به بقيَّة َ رَهْطٍ أيقظوا النيلَ وادياً ونزيلا
حَرَّكوهُ، وكان بالأَمس كالكهـ ـفِ حُزوناً، وكالرَّقِيم سُهولا
يا أمينَ الحقوقِ، أديتَ حتى لم تخنْ مصرَ في الحقوق فتيلا
ولو استطعتَ زدتَ مصرَ من الحقِّ على نيلها المباركِ نيلا
لستُ أنساكَ قابعاً بين درجيـ ـكَ مكبَّا عليهما مشغولا
قد تواريتَ في الخشوع، فخالو كَ ضئيلاً، وما خُلِقْتَ ضئيلا
سائل الشعبَ عنك، والعَلَمَ الخفَّاقَ، أَو سائل اللواءَ الظليلا
كم إمامٍ قربْتَ في الصفِّ منه ومغنٍّ قعدتْ منه رسيلا؟
تُنْشِدُ الناسَ في القَضِيَّة ِ لَحْناً كالحواريِّ رَتَّل الإنجيلا
ماضياً في الجهاد لم تتأخَّر تزنُ الصفَّ، أو تقيم الرعيلا
ما تبالي مضيتَ وحدكَ تحمي حوزة َ الحق، أم مضيتَ قبيلا
إن يفتْ فيكَ منبرَ الأمسِ شعري إن لي المنبرَ الذي لن يزولا
جلّ عن منشدٍ سوى الدهرِ يلقيـ ـهِ على الغابرين جيلاً فجيلا
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:17 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
ألا في سبيلِ الله ذاكَ الدمُ الغالي



ألا في سبيلِ الله ذاكَ الدمُ الغالي وللمجدِ ما أبقى من المثل العالي
وبعضُ المنايا هِمّة ٌ من ورائِها حياة ٌ لأَقوامٍ، ودُنيا لأَجيال
أعينيَّ، جودا بالدموع على دمٍ كريمِ المُصَفَّى من شبابٍ وآمال
تناهَتْ به الأَحداثُ من غُربة ِ النَّوَى إلى حادثٍ من غُربة ِ الدهرِ قتّال
جرى أُرجُوانيّاً، كُمَيْتاً، مُشَعْشَعاً بأَبيضَ من غِسْل الملائِكِ سَلْسَال
ولاذ بقُضبانِ الحديدِ شَهيدُه فعادتْ رفيفاً من عيونٍ وأطلال
سلامٌ عليه في الحياة ِ، وهامداً وفي العُصُرِ الخالي، وفي العالَمِ التالي
خَليلَيَّ، قُوما في رُبَى الغربِ، واسقيا رياحينَ هامٍ في التراب، وأوصال
من الناعماتِ الراوياتِ من الصِّبا ذوت بينَ حِلٍّ في البلاد وتَرحال
نعاها لنا الناعي، فمال على أَبٍ هَلوعٍ، وأُمٍّ بالكنانة ِ مِثكال
طَوَى الغربَ نحوَ الشرقِ يعْدُو سُلَيْكُهُ بمضطربٍ في البرِّ والبحر، مرقال
يُسِرُّ إلى النفس الأَسَى غيرَ هامسٍ ويلقي على القلبِ الشَّجى غيرَ قَّوال
سماءُ الحمى بالشاطئينِ وأرضه منانحة ُ أقمارٍ، ومأتمُ أشبال
تُرَى الريحُ تدرِي: ما الذي قد أعادهَا بساطاً، ولكن من حديدٍ وأَثقال؟
يُقِلُّ من الفِتْيَانِ أَشبالَ غابة ٍ غُداة ً على الأَخطار رُكَّابَ أَهوال
ثَنَتْهُ العوادي دونَ أُودِينَ، فانثنَى بآخَرَ من دُهْمِ المقاديرِ ذَيّال
قد اعتنقا تحتَ الدّخانِ كما التقى كَمِيّان في داجٍ من النقْعِ مُنجال
فسبحانَ منْ يرمي الحديدَ وبأسه على ناعم غضٍّ من الزهر منهال
ومنْ يأخذُ السارين بالفجرِ طالعاً طلوع المنايا من ثنَّيات آجال
ومَن يَجعلُ الأَسفارَ للناس هِمّة ً إلى سفرٍ ينوونه غير قفَّال
فيا ناقليهم، لو تركتم رفاتهم أقام يتيماً في حِراسة ِ لآلِ
وبينَ غَريبالْدي وكافورَ مَضْجَعٌ لنُزَّاعِ أَمصارٍ على الحقِّ نُزَّال
فهل عَطَفتْكم رَنّة ُ الأَهْلِ والحِمَى وضَجَّة ُ أَترابٍ عليهم وأَمثال؟
لئن فاتَ مصراً أن يموتوا بأرضها لقد ظَفِرُوا بالبَعْث من تُرْبِهَا الغالي
وما شغلتهم عن هواها قيامة ٌ إذا اعتلَّ رهنُ المحسينِ بأشغال
حملتم من الغرب الشموسَ لمشرقٍ تَلَقَّى سناها مُظلماً كاسِفَ البال
عواثرَ لم تبلغْ صباها، ولم تنلْ مداها، ولم توصلْ ضحاها بآصال
يطافُ في الأعناقِ تترى زكية ً كتابوتِ موسى في مَناكب إسْرال
ملفَّفة في حلَّة ٍ شفقية ٍ هِلالية ٍ من راية النيلِ تمثال
أَظَلّ جلالُ العلم والموتِ وَفدَها فلم تلقَ إلا في خشوعٍ وإجلال
تُفارِقُ داراً من غُرورٍ وباطِلٍ إلى منزل من جيرة ِ الحقِّ محلال
فيا حلبة ً رفَّتْ على البحر حلية ً وهزّتْ بها حُلوانُ أعطافَ مُختال
جرتْ بين إيماضِ العواصمِ بالضُّحى وبينَ ابتسامِ الثَّغرِ بالموكِبِ الحالي
كثيرة َ باغي السبقِ لم يُرَ مِثلُها على عهدِ إسماعيلَ ذي الطَّوْلِ والنال
لكِ الله، هذا الخطبُ في الوهم لم يقع وتلك المنايا لم يكنَّ على بال
بَلَى ، كلُّ ذي نَفسٍ أَخو الموتِ وابنُه وإن جَرّ أَذيالَ الحداثة ِ والخال
وليس عجيباً أن يموتَ أخو الصِّبا ولكن عجيبٌ عيشهُ عيشة َ السالي
وكلُّ شبابٍ أو مشيبٍ رهينة ٌ بمُعترِضٍ من حادثِ الدهرِ مُغتال
وما الشيبُ من خَيْلِ العُلا؛ فارْكَبِ الصِّبا إلى المجدِ ترْكَبْ مَتْنَ أَقدرِ جَوّال
يَسُنُّ الشبابُ البأْس والجودَ للفتى إذا الشيبُ سنَّ البخلَ بالنفس والمال
ويا نشأ النيلِ الكريمِ، عزاءَكم ولا تذكروا الأَقدارَ إلا بإجمال
فهذا هو الحقُّ الذي لا يرُدُّه تأفُّفُ قالٍ، أو تلطُّفُ محتال
عليكم لواءَ العلم، فالفوزُ تحتهُ وليس إذا الأَعلام خانت بخذَّال
إذا مالَ صفٌّ فاخلفوه بآخَرٍ وَصولِ مَساعٍ، لا ملولٍ، ولا آل
ولا يصلُحُ الفِتيانُ لا علمَ عندَهم ولا يجمعون الأمرَ أنصاف جهَّال
وليس لهم زادٌ إذا ما تزودوا بياناً جُزَاف الكيل كالحَشَفِ البالي
إذا جزعَ الفتيانُ في وقعِ حادثٍ فمَنْ لجليلِ الأَمرِ أَو مُعْضِلِ الحال؟
ولولا معانٍ في الفدى لم تعانهِ نفوسُ الحواريِّين أو مهجُ الآل
فَغَنُّوا بهاتيك المصارعِ بينَكم ترنُّمَ أبطالٍ بأيام أبطال
أَلستم بَني القومِ الذين تكبَّروا على الضربات السّبعِ في الأَبدِ الخالي؟
رُدِدْتُم إلى فِرْعَوْنَ جَدّاً، ورُبما رجعتم لعمٍّ في القبائل أو خال
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:17 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ



ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ وتلك دولاته، أم رسمها البالي؟
أَصَابَها الدهرُ إلاَّ في مآثرِها والدهرُ بالناس من حالٍ إلى حال
وصار ما نتغنَّى من محاسنها حديث ذي محنة ٍ عن صفوه الخالي
إذا حفا الحقُّ أرضاً هانَ جانبُها كأنها غابة ٌ من غيرِ رئبال
وإن تحكَّم فيها الجهلُ أسلمها لفاتكٍ من عوادي الذل قتَّال
نوابغَ الشرقِ، هزُّوهُ لعلّ به من الليالي جمودَ اليائس السَّالي
إن تنفخوا فيه من روح البيانِ، ومن حقيقة ِ العلمِ ينهضْ بعدَ إعضال
لا تجعلوا الدينَ باب الشرِّ بينكمُ ولا محلَّ مباهاة ٍ وإدلال
ما الدينُ إلا تراثُ الناس قبلكمُ كلُّ امرىء ٍ لأبيه تابعٌ تالي
ليس الغلوُّ أَميناً في مَشُورته مناهجُ الرشدِ قد تخفى على الغالي
لا تطلبوا حقّكم بغياً، ولا صلفاً ما أبعدَ مصلحة ٍ ضاعت بإهمال
كم همَّة ٍ دفعتْ جيلاً ذرا شرفٍ ونومة هدمتْ بنيانَ أجيال
والعلمُ في فضله، أَو في مفاخِره ركنُ الممالكِ، صدرُ الدولة ِ الحالي
إذا مشتْ أمّة ٌ في العالمين به أبى لها اللهُ أن تمشي بأغلال
يقِلُّ للعلم عندَ العارفين به ما تقدر النفسُ من حبٍّ وإجلال
فقفْ على أهله، واطلبْ جواهره كناقدٍ ممعنٍ في كفّ لآل
فالعلم يفعل في الأَرواح فاسدُه ما ليس يفعل فيها طِبُّ دجَّال
ورب صاحبِ درسٍ لو وقفتَ به رأيت شبه علم بينَ جهّال
وتسبق الشمسَ في الأَمصار حكمتُه إلى كهولٍ، وشُبّانٍ، وأَطفال
زيدانُ، إني مع الدنيا كعهدِك لِي رِضَى الصديقِ، مقِيلُ الحاسدِ القالي
لي دَوْلة ُ الشعر دونَ العصر وائِلَة ٌ مَفاخِري حِكَمي فيها وأَمثالي
إن تمشِ للخير أو للشر بي قدمٌ أشمِّرُ الذيلَ، أو أعثرُ بأذيالي
وإنْ لَقِيتُ ابنَ أُنثى لي عليه يد جحدتْ في جنبِ فضلِ الله أفضالي
وأشكر الصنع في سري وفي علني إن الصنائع تزكو عند أمثالي
وأَتركُ الغيبَ لله العليمِ به إن الغيوب صناديقٌ بأقفال
كأرعنِ الدَّيرِ إكثاري وموقعه وكالأَذانِ على الأَسماع إقلالي
رثَيْتُ قبلك أَحباباً فُجِعْتُ بِهم ورحتُ مع فرقة ِ الأحبابِ يرثى لي
وما علمتُ رفيقاً غير مؤتمنٍ كالموت للمرءِ في حلٍّ وترحال
أرحتَ بالك من دنيا بلا خُلقٍ أليس في الموت أقصى راحة البالَ؟
طالت عليك عوادي الدهر في خشنٍ من التراب مع الأيام منهال
لم نأْتِه بأَخٍ في العيش بعدَ أَخٍ إلاَّ تركنا رُفاتاً عندَ غِربال
لا ينفعُ النفس فيه وَهْيَ حائرة ٌ إلا زكاة ُ النهى ، والجاهِ، والمال
ما تصنع اليومَ من خيرٍ تجده غداً الخيرُ والشرُّ مثقالٌ بمثقال
قد أَكمل الله ذيّاك الهلالَ لنا فلا رأى الدهرَ نقصاً بعدَ إكمال
ولا يزلْ في نفوس القارئين، له كرامة ُ الصحفِ الأولى على التالي
فيه الروائع من علمٍ، ومن أَدبٍ ومن وقائعِ أيامٍ وأحوال
وفيه همة ُ نفسٍ زانها خلقٌ هما لباغي المعالي خيرُ منوال
أنّ الحياة بآمالٍ وأعمال
ما كان من دُوَلِ الإسلام مُنصرِماً صورته، كلُّ أيامٍ بتمثال
نرى به القوم في عزٍّ وفي ضعة ٍ والملكَ ما بينَ إدبارٍ وإقبال
وما عَرَضْتَ على الأَلبابِ فاكهة ً كالعلمِ تُبرِزُه في أَحسنِ القال
وَضعْتَ خيرَ رواياتِ الحياة ِ، فضَعْ رواية َ الموتِ في أُسلوبِها العالي
وصفْ لنا كيف تجفو الروحُ هيكلها ويستبدُّ البلى بالهيكل الخالي
وهل تحنُّ إليه بعد فرقته كما يحنُّ إلى أوطانه الجالي
هضابُ لبنانَ من منعاتكَ اضطربتْ كأن لبنانَ مرميٌّ بزلزال
كذلك الأرضُ تبكي فقدْ عالمها كالأُم تبكي ذهابَ النافعِ الغالي
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:18 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
ما بينَ دمعي المسبلِ



ما بينَ دمعي المسبلِ عهدٌ وبينَ ثَرَى عَلي
عهدُ البقيعِ وساكني ـه على الحَيا المتهلِّل
والدَّمعُ مروحَة ُ الحزيـ ـنِ وراحَة ُ المُتَمَلْمِل
نمضي، ويلحق من سلا في الغابرينَ بمَنْ سُلي
كم مِنْ تُرابٍ بالدمو عِ على الزمان مبلَّل
كالقبر ما لم يبلَ في من العِظام، وما بلي
ريَّان من مجد يع ـزُّ على القصور مؤثَّل
أمستْ جوانبه قر را للنُّجوم الأفَّل
وحديثم مسكُ النَّد يِّ، وعَنْبَرٌ في المحفلِ
قلْ للنّعيِّ: هتكت دم ـعَ الصابر المتَجَمِّل
المُلتقِي الأَحداثَ إنْ نزلَتْ كأَن لَّم تَنزِل
حمل الأسى بأبي الفتو ح علَيَّ ما لمْ أَحمِل
حتى ذهلتُ، ومن يذق فقدَ الأحبة ِ يذهل
فعتبْتُ في رُكن القضا ءِ على القضاءِ المُنْزَل
لهفي على ذاك الشبا بِ وذلك المستقبل
وعلى المعارف إذ خَلتْ من ركنها والموئل
وعلى شمائلَ كالرُّبى بينَ الصبا والجدول
وحياءِ وجهٍ كان يُؤ ثَر عن يَسوعَ المرسَل
يا راوياً تحتَ الصفيـ ـحِ من الكرى والجندل
ومُسرْبلاً حُلَلَ الوزا رة ِ بات غيرَ مسربل
ومُوَسداً حُفَرَ الثرى بعدَ البناءِ الأَطول
إني التفتُّ إلى الشبا ب الغابرِ المتمثَّل
ووقفتُ ما بين المحقَّـ ـقِ فيه، والمتخيَّل
فرأَيت أَياماً عَجِلْـ ـنَ، وليْتَها لَمْ تَعْجَل
كانت مُوَطَّأَة َ المِها دِ لنا، عِذاب المنهَل
ذَهَبتْ كحُلمٍ، بيْدَ أنّ أنّ الحلمَ لم يتأوَّل
إذ نحن في ظلِّ الشبا بِ الوارفِ المتهدِّل
جاران في دار النوَى مُتقابلانِ بمنزل
ن على خمائل مونبلي
والدرسُ يجمعني بأفـ ضلِ طالبٍ ومحصِّل
ـلِ العلم ما لم يُبذَل
غَضَّ الشباب، فكيف كنـ ـت عن الشبابِ بمعْزِل؟
وإذا دعاكَ إلى الهوى داعي الصَّبا ما لم تحفل
ولو اطَّلعْتَ على الحيا ة ِ فعلتَ ما لم يفعل
لم يَدْرِ إلاَّ الله ما خَبأَتْ لكَ الدنيا، ولي
تَجري بنا لمُفتَّح بينَ الغُيوب ومُقفَل
حتى تبدَّلْنا، وذا ك العهدُ لم يَتبدَّل
هاتيك أيامُ الشبا بِ المحسنِ المتفضِّل
منْ فاته ظلُّ الشبيـ ـبة ِ عاش غير مُظلَّل
يا راحلاً أَخلَى الديا رَ وفضله لم يرحل
تتحملُ الآمالُ إثْـ ر شبابِه المتحمِّل
مشتِ الشبيبة ُ جحفلاً تبكي لواء الجحفل
انظر سريرَك، هل جرى فوق الدموعِ الهطَّل
الله في وطنٍ ضعيـ ـفِ الركنِ، واهي المعقل
وأَبٍ وراءَك حُزنُه لنواك حزنُ المثكل
يَهَبُ الضِّياعَ العامرا تِ لمَنْ يردُّ له علي
ونجيبة ٍ بين العقا ئل همُّها لا ينسلي
دخلتْ منازلها المنو نُ على الجريءِ المشبل
كسرَتْ جناحَ مُنعَّمٍ ورمَتْ فؤادَ مُدلَّل
آلُ الحسينِ بكربلا في كُربة ٍ لا تنجلي
خلعَ الشبابَ على القنا وبذلْتَه لِلمُعْضِل
من عِلَّة ٍ في مَقتل
فاذهب كما ذهبَ الحسيـ ـنُ إلى الجوارِ الأَفضَل
فكلاكما زينُ الشبا بِ بجنة ِ الله العلي
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:34 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm

أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ



أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ وإلى وُجوهِ السَّعْدِ كيف تَحول
وإلى الجبالِ الشمِّ كيف يميلها عادي الرّدى بإشارة ٍ فتميل
وإلى الرياح تخرُّ دون قرارها صرعى عليهن الترابُ مهيل
وإلى النُّسور تقاصرت أعمارها والعهدُ في عمر النسورِ يطول
في كلِّ منزلة ٍ وكل سمِيَّة قمرٌ من الغُرِّ السُّماة ِ قتيل
يهوي القضاء بها، فما من عاصمٍ هيهات! ليس من القضاءِ مُقيل
فتحُ السماءِ ونورُها سكنا الثرى فالأَرضُ وَلْهى ، والسماءُ ثَكول
سِرْ في الهواءِ، ولُذ بناصية ِ السُّها الموتُ يرفرفُ فيه عزرائيل
ولكلّ نفسٍ ساعة ٌ، مَنْ لم يَمُتْ فيها عزيزاً مات وهو ذليل
أَإلى الحياة ِ سَكنْتَ وهْي مَصارعٌ وإلى الأماني يسكنُ المسلولَ؟
لا تحفلنّ ببؤسها ونعيمها نعمى الحياة ِ وبؤسها تضليل
ما بين نَضرَتِها وبين ذُبولِها عمرُ الورودِ، وإنه لقليل
يجري من العبَراتِ حولَ حديثِه ما كان من فرحٍ عليه يسيل
ولرُبَّ أَعراسٍ خَبَأْن مآتماً كالرُّقْط في ظلِّ الرياضِ تقيل
يا أيها الشهداءُ، لن ينسى لكم فتحٌ أَغرُّ على السماءِ جميل
والمجدُ في الدنيا لأَوّلِ مُبْتنٍ ولمن يشيد بعده فيطيل
لولا نفوسٌ زُلْنَ في سُبُل العُلا لم يهدِ فيها السالكين دليل
والناسُ باذلُ روحه، أو مالهِ أَو علمِه، والآخرون فُضول
والنَّصْرُ غرَّتُه الطلائعُ في الوغَى والتابعون من الخميس حُجول
كم ألف ميلٍ نحو مصرَ قطعتمُ فِيم الوقوفُ ودون مصر مِيل؟
طوروسُ تحتكم ضئيلٌ، طرْفُه لمّا طلَعتم في السحاب كَلِيل
ترخون للريح العنان، وإنها لكمُ على طغيانها لذلول
إثنين إثر اثنين، لم يخطر لكم أنّ المنيّة ثالثٌ وزميل
ومن العجائب في زمانِك أَن يَفِي لك في الحياة ِ وفي الممات خليل
لو كان يفدّى هالكٌ لفداكمُ في الجوّ نسرٌ بالحياة بَخيل
أيُّ الغُزاة ِ أُولِي الشهادة ِ قبلكم عرضُ السماءِ ضريحهم والطول؟
يغدو عليكم بالتحية ِ أهلها ويرفرفُ التسبيح والتهليل
إدريسُ فوقَ يمينهِ ريحانة ٌ ويَسوعُ فوق يمينِه إكليل
في عالم سكانه أنفاسهم طيب، وهمسُ حديثهم إنجيل
إني أخاف على السماء من الأذى في يومِ يفسد في السماءِ الجيل
كانت مطهَّرة الأَديمِ، نَقِيَّة ً لا آدمٌ فيها، ولا قابيل
يَتوجَّه العاني إلى رحماتِها ويرى بها برقَ الرجاءِ عليل
ويُشيرُ بالرأْس المُكَلَّلِ نحوَها شيخٌ، وباللحظ البريءِ بتول
واليومَ للشهواتِ فيها والهوى سَيْلٌ، وللدَّمِ والدموعِ مسيل
أضحتْ ومن سفن الجواءِ طوائفٌ فيها، ومن خيل الهواءِ رَعيل
وأزيل هيكلها المصونُ وسرُّه والدهرُ للسر المصون مذيل
هلِعَت دِمشْقُ؛ وأَقبلَتْ في أَهلها ملهوفة ً، لم تدر كيف تقول
مشت الشجونُ بها، وعمَّ غياطها بينَ الجداولِ والعيونِ ذُبول
في كلِّ سهلٍ أَنة ٌ وَمناحة ٌ وبكلِّ حَزْنٍ رنَّة ٌ وعويل
وكأَنما نُعِيَتْ أُميَّة ُ كلُّها للمسجد الأُمَوِيِّ، فهْوَ طُلول
خضَعَتْ لكم فيه الصفوفُ، وأُزْلِفَتْ لكمُ الصلاة ُ، وقربَ الترتيل
من كل نَعْشٍ كالثُّريّا، مَجْدُه في الأَرضِ عالٍ، والسماء أَصيل
فيه شهيدٌ بالكتاب مكفنٌ بمدامع الروحِ الأَمين غَسيل
أَعواده بين الرجالِ، وأَصلُه بين السُّهى والمشتري محمول
يَمشي الجنودُ به، ولولا أَنهم أولى بذاكَ مشى به جبريل
حتى نزلتم بُقعة ً فيها الهوى من قبلُ ثاوٍ، والسماحُ نَزيل
عَظُمَتْ، وجلَّ ضَريحُ يوسفَ فوقَها حتى كأَنّ الميْت فيه رسول
شعري، إذا جبتَ البحار ثلاثة ً وحواكَ ظلُّ في فروقَ ظليل
وتداولَتْكَ عصابة ٌ عربيّة ٌ بينَ المآذنِ والقِلاعِ نُزول
وبَلغْتَ من بابِ الخِلافة ِ سُدَّة ً لستورها التَّمسيحُ والتقبيل
قلْ للإمام محمدٍ، ولآله صبرُ العظامِ على العظيم جميل
تلك الخطوبُ ـ وقد حملتم شطرَها ـ ناءَ الفراتُ بشطرها والنيل
إن تَفقِدوا الآسادَ أَو أَشبالَها فالغابُ من أمثالها مأهول
صبراً، فأجرُ المسلمينن وأجركم عند الإله، وإنه لجزيل
يا من خلافته الرَّضيَّة ُ عصمة ٌ للحقِّ، أنت بأن يحقّ كفيل
والله يعلم أنّ في خلفائه عدلاً يقيم الملكَ حين يميل
والعدلُ يَرفع للممالك حائطاً لا الجيشُ يرفعه ولا الأُسطول
هذا مقامٌ أنت فيه محمدٌ والرفقُ عند محمدٍ مأمول
بالله، بالإسلام، بالجرح الذي ما انفكَّ في جنب الهلال يسيل
إلا حللتَ عن السجين وَثَاقَه إنَّ الوثاق على الأسود ثقيل
أيقول واشٍ، أو يردِّدُ شامتٌ صنديدُ برقة موثقٌ مكبول؟
هو من سيوفِك أَغمدُوه لريبة ٍ ما كان يُغمَدُ سيفُك المسلول
فاذكر أميرَ المؤمنين بلاءه واستبقه، إن السيوفَ قليل
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:35 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm


أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟



أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟ كفى عظة ً أيها المنزلُ؟
حكيْتَ الحياة وحالاتِها فهلاَّ تخطَّيْتَ ما تنقل؟
أَمِن جنْحِ ليلٍ إلى فجرِه حمّى يزدهي، وحمى يعطل؟
وذلك يوحش من ربة ٍ وذلك من ربة ٍ يأهل؟
أجاب النعيُّ لديكَ البشيرَ وذاقَ بكأسيهما المحفل
وأطرق بينهما والدٌ أَخو ترْحَة ٍ، ليلُه أَلْيَل
يفىء ُ إلى العقل في أمره ولكِنَّهُ القلبُ، لا يعقِل
تهاوت عن الوردِ أَغصانُه وطارَ عن البيضة البلبل
وراحت حياة ٌ، وجاءت حياة ٌ وأَظهرَ قدرتَه المُبْدِل
وما غيرُ منْ قد أتى مدبرٌ ولا غيرُ منْ قد مضى مقبل
كأني بسامي هلوعُ الفؤادِ إذا أَسمعَتْ همْسة ٌ يَعجَل
يرى قدراً يأملُ اللطفَ فيه وعادي الردى دون ما يأمل
يُضيءُ لضِيفانه بِشْرُه وبين الضلوعِ الغَضَى المُشْعَل
ويَقْرِيهُمُ الأُنَس في منزلٍ ويجمعهُ والأسى منزل
إلى غادة ٍ داؤها معضل
وذي في نفاستِهَا تَنطوي وذي في نفائسها تَرفُل
تَقسَّمَ بينهما قلبُه وخانته عيناه والأرجل
فيا نكدَ الحرِّ، هل تنقضي؟ ويا فرح الحرِّ، هل تَكْمُل؟
ويا صبر سامي، بلغتَ المدى ويا قلبه السهلَ، كم تحمل؟
لقد زدتَ من رقة ٍ كالصراط ودون صَلابتِكَ الجَنْدَل
يَمرّ عليك خليطُ الخُطوب ويجتازك الخفُّ والمثقل
ويا رجل الحِلْمِ، خُذ بالرضى فذلك من متقٍ أجمل
أتحسب شهدا إناءً الزمانِ وطينتُه الصابُ والحَنْظَل؟
وما كان مِن مُرِّهِ يَعتلي وما كان مِن حُلوهِ يسْفل
وأَنت الذي شربَ المترَعاتِ فأَيُّ البواقي به تَحفِل؟
أَفي ذا الجلالِ، وفي ذا الوقارِ تُخِيفُك ضَراءُ أَو تُذهِل؟
أَلم تكن الملْكَ في عزِّه وباعُك من باعه أَطْوَل؟
وقولك من فوق قولِ الرجالِ وفعلك من فعلهم أنبل؟
ستعرفُ دنياك من ساومتْ وأن وقارك لا يبذل
كأنك شمشون لهذي الحياة ِ وكلُّ حوادثها هيكل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:36 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm


المشرقانِ عليكَ ينتحبان



المشرقانِ عليكَ ينتحبان قاصيهُما في مأْتَمٍ والداني
يا خادمَ الإسلامِ، أجرُ مجاهدٍ في الله من خُلْدٍ ومِنْ رِضْوان
لمّا نعيتَ إلى الحجاز مشى الأسى في الزائرينَ وروِّع الحرمان
السكة ُ الكبرى حيالَ رباهما مَنكوسة ُ الأَعلامِ والقُضْبان
لم تَأْلُها عندَ الشدائدِ خِدمة ً في الله والمختار والسلطان
يا ليتَ مكة َ والمدينة َ فازتا في المحفِلَيْن بصوتِكَ الرَّنَّان
ليرى الأَواخرُ يومَ ذاكَ ويسمعوا ما غابَ من قسٍّ ومن سحبان
جارَ التراب وأنتَ أكرمُ راحل ماذا لقيتَ من الوجود الفاني؟
أَبكِي صِباكَ؛ ولا أُعاتبُ من جَنى هذا عليه كرامة ً للجاني
يتساءلون: أبـ السلالِ قضيت، أم بالقلبِ، أَم هل مُتَّ بالسَّرَطان؟
الله يَشهد أَنّ موتَك بالحِجا والجدِّ والإقدامِ والعِرفان
إن كان للأخلاق ركنٌ قائمٌ في هذه الدنيا، فأنت الباني
بالله فَتِّشْ عن فؤادِك في الثّرى هل فيه آمالٌ وفيه أماني؟
وجدانك الحيُّ المقيمُ على المدى ولرُبَّ حَيٍّ مَيِّتُ الوجْدان
الناسُ جارٍ في الحياة ِ لغاية ٍ ومضللٌ يجري بغير عنان
والخُلْدُ في الدنيا ـ وليس بهيِّنٍ ـ عُليا المرَاتبِ لم تُتَحْ لجبان
فلو أن رسلَ اللهِ قد جبنوا لما ماتوا على دينٍ من الأَديان
المجدُ والشَّرفُ الرفيعُ صحيفة ٌ جعلتْ لها الأخلاقُ كالعنوان
وأحبُّ من طولِ الحياة ِ بذلة ٍ قصرٌ يريكَ تقاصرَ الأقران
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له: إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
للمرءِ في الدنيا وجَمِّ شؤونها ما شاءَ منْ ريحٍ ومنْ خسران
فَهي الفضاءُ لراغبٍ مُتطلِّعٍ وهي المَضِيقُ لِمُؤثِرِ السُّلْوان
الناسُ غادٍ في الشقاءِ ورائحٌ يَشْقى له الرُّحَماءُ وهْوَ الهاني
ومنعَّمٌ لم يلقَ إلا لذة ً في طيِّها شجَنٌ من الأَشجان
فاصبر على نُعْمى الحياة ِ وبُؤسِها نعمى الحياة ِ وبؤسها سيَّان
يا طاهرَ الغدواتِ، والروحاتِ، والـ ـخطراتِ، والإسْرارِ، والإعْلان
هل قامَ قبلكَ في المدائن فاتحٌ غازٍ بغيرٍ مُهنّدٍ وسِنان؟
يدعو إلى العلم الشريفِ، وعنده أَن العلومَ دعائمُ العُمران؟
لفُّوكَ في علم البلادِ منكَّساً جزع الهلال على فتى الفتيان
ما احمرَّ من خجلٍ، ولا من ريبة ٍ لكنَّما يبكي بدمع قاني
يُزْجُون نَعشك في السَّناءِ وفي السَّنا فكأَنما في نِعشكَ القمران
وكأَنه نعشُ الحُسينِ بكرْبَلا يختالُ بين بُكاً، وبينَ حَنان
في ذِمَّة ِ الله الكريمِ وبِرِّهِ ما ضمَّ من عرفٍ ومن إحسان
ومشى جلالُ الموتِ وهو حقيقة ٌ وجلالك المصدوقُ يلتقيان
شَقَّتْ لِمَنظرِك الجيوبَ عقائلٌ وبكتكَ بالدمعِ الهتونِ غواني
والخلقُ حولَكَ خاشعون كعهدِهم إذ يُنصِتُون لخطبة ٍ وبَيان
يتساءلون: بأيٍّ قلبٍ ترتقى بَعْدُ المنابرُ، أَم بأَيِّ لسان؟
لو أَنّ أَوطاناً تُصوَّرُ هَيْكلاً دفنوكَ بين جوانحِ الأوطان
أو كان يحمل في الجوارح ميتٌ حملوك في الأَسماع والأَجفان
أو صيغَ من غرِّ الفضائلِ والعلا كفنٌ لَبِستَ أَحاسنَ الأَكفان
أَو كان للذكر الحكيم بقية ٌ لم تَأْتِ بعدُ؛ رُثِيتَ في القرآن
ولقد نظرتك والردى بك محدقٌ والداءُ ملءُ معالمِ الجثمان
يَبْغِي ويطْغَى ، والطبيب مُضلَّلٌ قنطٌ، وساعاتُ الرحيل دواني
ونواظرُ العُوّادِ عنكَ أَمالَها دمعٌ تُعالِج كتْمَهُ وتُعاني
تُمْلِي وتَكتُبُ والمشاغِل جَمَّة ٌ ويداك في القرطاسِ ترتجفان
فهششتَ لي، حتى كأنك عائدي وأَنا الذي هَدَّ السَّقامُ كِياني
ورأيتُ كيف تموتُ آسادُ الشَّرى وعرفتُ كيف مصارعُ الشجعان
ووَجَدْتُ في ذاك الخيالِ عزائماً ما للمنونِ بدكهنَّ يدان
وجعلتَ تسألني الرثاءَ، فهاكه من أدمعي وسرائري وجناني
لولا مُغالبة ُ الشُّجونِ لخاطري لنظمتُ فيكَ يَتيمة َ الأَزمان
وأَنا الذي أَرثِي الشموسَ إذا هَوَتْ فتعودُ سيرتها إلى الدوران
قد كنتَ تهتفُ في الورى بقصائدي وتجلُّ فوق النيراتِ مكاني
مَاذَا دَهانِي يومَ بِنْتَ فَعَقَّني فيكَ القريضُ، وخانني إمكاني؟
هوِّنْ عليكَ، فلا شماتَ بميِّتٍ إنّ المنيَّة غاية ُ الإنسان
مَنْ للحسودِ بميْتة ٍ بُلِّغْتَها عزتْ على كسرى أنوشروان؟
عُوفِيتَ من حَرَبِ الحياة ِ وحَرْبِها فهل استرحْت أَم استراح الشاني؟
يا صَبَّ مِصْرَ، ويا شهيدَ غرامِها هذا ثرى مصرٍ، فنمْ بأمان
اخلَعْ على مصرٍ شبابَك عالياً وکلبِسْ شَبابَ الحُورِ والوِلْدان
فلعلَّ مصراً من شبابِكَ تَرتدِي مجداً تتيهُ به على البلدان
فلوَ أنّ بالهرمينِ من عزماته بعضَ المَضَاءِ تحرّك الهَرمان
علَّمْتَ شُبانَ المدائنِ والقُرى كيف الحياة ُ تكونُ في الشبان
مصرُ الأَسيفة ُ ريفُها وصعيدُها

قبرٌ أَبرُّ على عظامِك حاني
أقسمتُ أنك في الترابِ طهارة ٌ ملكٌ يهابُ سؤاله الملكان

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:38 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm



أَمسِ انقضى ، واليومُ مِرْقاة ُ الغدِ



أَمسِ انقضى ، واليومُ مِرْقاة ُ الغدِ إسكندرية ُ، آن أن تتجددي
يا غرَّة َ الوادي وسدَّة َ بابه رُدّي مكانَكِ في البرِية ِ يُرْدَدِ
فيضي كامسِ على العلوم من النُّهى وعلى الفنونِ من الجمالِ السَّرْمَدِي
وسمي النبالة َ بالملاحمِ تتسمْ وسمي الصبابة َ بالعواطف تخلدِ
وضعي رواياتِ الخلاعة ِ والهوى لممثِّلين من العصورِ، وشُهَّدِ
لا تجعلي حبَّ القديمِ وذكره حسراتِ مِضياعٍ، ودفعَ مُبَدّدِ
إنّ القديمَ ذخيرة ٌ من صالحٍ تبني المقصِّرَ، أوتحثُّ المقتدي
لا تفْتَتِنْكِ حضارة ٌ مَجلوبة ٌ لم يبنَ حائطها بمالكِ واليدِ
لو مالَ عنكِ شِراعُها وبُخارُها لم يبقَ غيرُ الصَّيْدِ والمتصيّد
وُجدَتْ وكان لغيرِ أَهلِكِ أَرضُها وسماؤها، وكأنها لم توجد
جاري النزيلَ، وسابقيه إلى الغنَى وإلى الحجا، وإلى العلا والسؤدد
وابني كما يبني المعاهدَ، واشرعي لشبابك العرفانَ عذبَ المؤرد
أَخِزانة َ الوادي، عليكِ تحيَّة ٌ رَبَضتْ كجُنْحِ الغيهَب المتلبِّدِ
ما أَنتِ إلا من خزائنِ يوسفٍ بالقصدِ، موحِيَة ٌ لمن لم يقصِدِ
قلدتِ من مال البلادِ أمانة ً يا طالما افتقرتْ إلى المتقلِّد
وبلغْت من إيمانِها ورجائِها ما يبلغُ المحرابُ من متعبِّد
فلوَ أنَّ أَستارَ الجلالِ سَعَتْ إلى غيرِ العتيقِ لبستِ ممّا يرتدي
إنَّا نُعَظِّمُ فيكِ أَلوِيَة ً على جنباتها حشدٌ يروح ويغتدي
وإذا طمعتَ من الخليَّة ِ شهدها فاشهَدْ لقائدها وللمُتجَنّد
لا تمنحِ المحبوبَ شُكرَك كلَّه واقرنْ به شكرَ الأجيرِ المجهد
إسكندرية ُ شرفتْ بعصابة ٍ بيضِ الأسرة ِ، والصحيفة ِ، واليد
خدموا حِمى الوطنِ العزيزِ، فبورِكوا خدَماً، وبورك في الحمى مِن سَيّد
ما بالُ ذاك الكوخِ صَرَّحَ وانجلَى عن حائطيْ صرحٍ أشمَّ ممردٍ؟
مِن كسْرِ بيتٍ، أَو جِدارِ سَقِيفة ٍ رَفع الثباتُ بِناية ً كالفرْقَد
فإذا طلعتَ على جلالة ِ ركنها قلْ: تِلك إحدى مُعجزات محمدِ
ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:38 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm

اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا



اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا وأَوَيْتِ الكواكب الزُّهْرَ سَكْنا
وجمعتِ السعادتين، فباتت فيك دُنيا الصلاحِ للدين خِدنا
نادَمَا الدهر في ذراكِ وفَضَّا من سُلاف الودادِ دَنّاً فدَنّا
وإذا الخلقُ كان عقدَ ودادٍ لم ينل منه منْ وشى وتجنَّى
وارى العلمَ كالعبادة في أبـ ـعدِ غاياته: إلى الله أدنى
واسعَ الساحِ، يرسل الفكرَ فيها كلُّ مَن شكَّ ساعة ً أَو تَظنَّى
هل سألنا أبا العلاءِ وإن قلَّـ ـب عيناً في عالم الكونِ وَسْنَى
كيف يهزا بخالق الطيرِ منْ لم يعلم الطيرَ، هل بكى أو تغنَّى ؟
أَنتِ كالشمس رفرفاً، والسماكيْـ ـنِ روافاً، وكالمجرَّة صحنا
لو تَستَّرْتِ كنتِ كالكعبة الغرّ اءِ ذيلاً من الجلال وردنا
إن تكن للثواب والبِرِّ داراً أَنت للحق والمراشدِ مَغْنَى
قد بلغتِ الكمال في نصف قرنٍ كيف إن تمت الملاوة قرنا؟!
وهْوَ باقٍ على المدى ليس يفنى
يا عكاظاً حوى الشبابَ فصاحاً قرشيينَ في المجامع، لسنا
بَثَّهُمْ في كنانة الله نوراً مِن ظلام على البصائر أَخْنَى
علموا بالبيانِ، لا غرباءَ فيه يوماً، ولا أعاجمَ لكنا
فتية ٌ محسنون، لم يُخْلِفوا ـلمَ رجاءً، ولا المعلِّمَ ظنّا
صدعوا ظلمة ً على الريف حلتْ وأَضاءوا الصعيدَ سهلاً، وحَزْنا
منْ قضى منهمُ تفرَّق فكراً في نُهَى النَّشْءِ، أَو تَقَسَّم ذِهنا
نادِ دارَ العلوم ان شئتَ: يا عا ئش، أو شئتَ نادها: يا سكينا
قل لها: يا ابنة المبارك إيهٍ قد جَرَتْ كاسمه أُمورُكِ يُمْنا
هو في المهرجان حَيٌّ شهيدٌ يجتلي غرسَ فضله كيف أجنى
وهو في العرسٍ - إن تحجَّبَ، أو لم يَحْتَجِب ـ والدُ العروسِ المُهنّا
ما جرى ذكرهُ بناديكِ حتى وقف الدمعُ في الشؤونِ فأَثنى
ربَّ خيرٍ ملئتَ منه سروراً ذكر الخيرين فاهتجتَ حزنا
أَدَرَى إذا بناك أَنْ كان يبني فوق أنف العدو للضاد حصنا؟
حائطُ الملكِ بالمدارس إن شِئْـ ـتَ، وإن شِئْت بالمعاقل يُبنى
انظر الناس، هل ترى لحياة ٍ عطّلتْ من نباهة ِ الذكرِ معنى ؟
لا الغنى في الرجال ناب عن الفضـ ـلِ وسلطانهِ، ولا الجاهُ أغنى
رُبَّ عاثٍ في الأَرض لم تجعل الأَر ضُ له إن أَقام أَو سار وَزنا
عاش لم ترْمِهِ بعينٍ، وأَودى هملاً لم تهب لناعيه أذنا
نظمَ الله مُلكَه بعبادٍ عبقريين أورثوا الملكَ حسنا
شغلتهم عن الحسود المعالي إنما يحسدُ العظيمُ ويشنا
من ذكيِّ الفؤادِ يورثُ علماً أو بديعِ الخيالِ يخلقُ فنَّا
كم قديمٍ كرقعة ِ الفنِّ حرٍّ لم يقلل له الجديدان شأنا
وجديدٍ عليه يختلف الدهـ ـرُ، ويفنى الزمانُ قرناً فقرنا
فاحتفظ بالذخيرتين جميعاً عادة ُ الفطنِ بالذخائر يعنى
يا شباباً سقوني الودَّ محضاً وسقوا شانئي على الغلّ أجنا
كلما صار للكهولة شعري أنشدوه، فعاد أمردَ لدنا
أُسرة ُ الشاعرِ الرُّواة ُ، وما عَنَّـ ـوهُ، والمرءُ بالقريب معنى
هم يضنُّون في الحياة بما قا ل، ويلفونَ في الممات أضنَّا
وإذا ما انقضى وأَهْلُوهُ لم يَعـ ـدَم شقيقاً من الرُّواة أَو کبْنا
النبوغَ النبوغَ حتى تنصُّوا راية َ العلم كالهلال وأَسنَى
نحن في صورة الممالكِ ما لم يُصْبِحِ العلمُ والمعلِّمُ مِنّا
لا تنادوا الحصونَ والسُّفنَ، وادْعُوا العـ ـلم يُنشىء ْ لكم حصوناً وسُفْنا
إنْ ركبَ الحضارة ِ اخترق الأرْ ضَ، وشقّ السماءَ ريحاً ومُزْنا
وصَحِبْناه كالغبارِ، فلا رجْـ ـلاً شدَدْنا، ولا رِكاباً زَمَمْنا
دان آباؤنا الزمانَ مَلِيّاً ومليَّاً لحادثِ الدهر دنَّا!
كم نُباهِي بلحْدِ مَيْتٍ؟ وكم نحـ ـملُ من هادمٍ ولم يبنِ منّا؟!
قد أتى أن نقول: نحن، ولا نسـ ـمع أبناءنا يقولون: كنَّا!


ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:39 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm


اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا



اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا وأَوَيْتِ الكواكب الزُّهْرَ سَكْنا
وجمعتِ السعادتين، فباتت فيك دُنيا الصلاحِ للدين خِدنا
نادَمَا الدهر في ذراكِ وفَضَّا من سُلاف الودادِ دَنّاً فدَنّا
وإذا الخلقُ كان عقدَ ودادٍ لم ينل منه منْ وشى وتجنَّى
وارى العلمَ كالعبادة في أبـ ـعدِ غاياته: إلى الله أدنى
واسعَ الساحِ، يرسل الفكرَ فيها كلُّ مَن شكَّ ساعة ً أَو تَظنَّى
هل سألنا أبا العلاءِ وإن قلَّـ ـب عيناً في عالم الكونِ وَسْنَى
كيف يهزا بخالق الطيرِ منْ لم يعلم الطيرَ، هل بكى أو تغنَّى ؟
أَنتِ كالشمس رفرفاً، والسماكيْـ ـنِ روافاً، وكالمجرَّة صحنا
لو تَستَّرْتِ كنتِ كالكعبة الغرّ اءِ ذيلاً من الجلال وردنا
إن تكن للثواب والبِرِّ داراً أَنت للحق والمراشدِ مَغْنَى
قد بلغتِ الكمال في نصف قرنٍ كيف إن تمت الملاوة قرنا؟!
وهْوَ باقٍ على المدى ليس يفنى
يا عكاظاً حوى الشبابَ فصاحاً قرشيينَ في المجامع، لسنا
بَثَّهُمْ في كنانة الله نوراً مِن ظلام على البصائر أَخْنَى
علموا بالبيانِ، لا غرباءَ فيه يوماً، ولا أعاجمَ لكنا
فتية ٌ محسنون، لم يُخْلِفوا ـلمَ رجاءً، ولا المعلِّمَ ظنّا
صدعوا ظلمة ً على الريف حلتْ وأَضاءوا الصعيدَ سهلاً، وحَزْنا
منْ قضى منهمُ تفرَّق فكراً في نُهَى النَّشْءِ، أَو تَقَسَّم ذِهنا
نادِ دارَ العلوم ان شئتَ: يا عا ئش، أو شئتَ نادها: يا سكينا
قل لها: يا ابنة المبارك إيهٍ قد جَرَتْ كاسمه أُمورُكِ يُمْنا
هو في المهرجان حَيٌّ شهيدٌ يجتلي غرسَ فضله كيف أجنى
وهو في العرسٍ - إن تحجَّبَ، أو لم يَحْتَجِب ـ والدُ العروسِ المُهنّا
ما جرى ذكرهُ بناديكِ حتى وقف الدمعُ في الشؤونِ فأَثنى
ربَّ خيرٍ ملئتَ منه سروراً ذكر الخيرين فاهتجتَ حزنا
أَدَرَى إذا بناك أَنْ كان يبني فوق أنف العدو للضاد حصنا؟
حائطُ الملكِ بالمدارس إن شِئْـ ـتَ، وإن شِئْت بالمعاقل يُبنى
انظر الناس، هل ترى لحياة ٍ عطّلتْ من نباهة ِ الذكرِ معنى ؟
لا الغنى في الرجال ناب عن الفضـ ـلِ وسلطانهِ، ولا الجاهُ أغنى
رُبَّ عاثٍ في الأَرض لم تجعل الأَر ضُ له إن أَقام أَو سار وَزنا
عاش لم ترْمِهِ بعينٍ، وأَودى هملاً لم تهب لناعيه أذنا
نظمَ الله مُلكَه بعبادٍ عبقريين أورثوا الملكَ حسنا
شغلتهم عن الحسود المعالي إنما يحسدُ العظيمُ ويشنا
من ذكيِّ الفؤادِ يورثُ علماً أو بديعِ الخيالِ يخلقُ فنَّا
كم قديمٍ كرقعة ِ الفنِّ حرٍّ لم يقلل له الجديدان شأنا
وجديدٍ عليه يختلف الدهـ ـرُ، ويفنى الزمانُ قرناً فقرنا
فاحتفظ بالذخيرتين جميعاً عادة ُ الفطنِ بالذخائر يعنى
يا شباباً سقوني الودَّ محضاً وسقوا شانئي على الغلّ أجنا
كلما صار للكهولة شعري أنشدوه، فعاد أمردَ لدنا
أُسرة ُ الشاعرِ الرُّواة ُ، وما عَنَّـ ـوهُ، والمرءُ بالقريب معنى
هم يضنُّون في الحياة بما قا ل، ويلفونَ في الممات أضنَّا
وإذا ما انقضى وأَهْلُوهُ لم يَعـ ـدَم شقيقاً من الرُّواة أَو کبْنا
النبوغَ النبوغَ حتى تنصُّوا راية َ العلم كالهلال وأَسنَى
نحن في صورة الممالكِ ما لم يُصْبِحِ العلمُ والمعلِّمُ مِنّا
لا تنادوا الحصونَ والسُّفنَ، وادْعُوا العـ ـلم يُنشىء ْ لكم حصوناً وسُفْنا
إنْ ركبَ الحضارة ِ اخترق الأرْ ضَ، وشقّ السماءَ ريحاً ومُزْنا
وصَحِبْناه كالغبارِ، فلا رجْـ ـلاً شدَدْنا، ولا رِكاباً زَمَمْنا
دان آباؤنا الزمانَ مَلِيّاً ومليَّاً لحادثِ الدهر دنَّا!
كم نُباهِي بلحْدِ مَيْتٍ؟ وكم نحـ ـملُ من هادمٍ ولم يبنِ منّا؟!
قد أتى أن نقول: نحن، ولا نسـ ـمع أبناءنا يقولون: كنَّا!

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 Empty رد: ديوان شعرأحمد شوقي

مُساهمة من طرف عبير الروح الجمعة 23 مارس 2012, 12:40 am

ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm

نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ



نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ شرقٌ تنبهَ بعدَ طولِ منام
ثابتْ سلامته، وأقبل صحوهُ إلا بقايا فترة ٍ وسقام
صاحتْ به الآجامُ: هنتَ! فلم ينمْ، أَعَلى الهوانِ يُنامُ في الآجامِ؟
أُمَمٌ وراءَ الكهفِ جُهْدُ حَياتِهم حركاتُ عيشٍ في سُكونِ حِمام
نفضوا العيونَ من الكرَى ، واستأنفوا سفرَ الحياة ، ورحلة َ الأيام
مَنْ ليس في رَكْبِ الزمانِ مُغَبِّراً فکعْدُدْهُ بين غوابرِ الأَقوام
في كلِّ حاضرة ٍ وكلِّ قبيلة ٍ هممٌ ذهبنَ يرمن كلَّ مرام
من كلِّ ممتنعٍ على أرسانهِ أو جامحٍ يعدو بنصفِ لجام
يا مصرُ، أنتِ كنانة ُ اللهِ التي لا تُستباحُ، وللكِنانة ِ حامِ
استقبلي الآمالَ في غاياتها وتأمَّلي الدنيا بطرفٍ سام
وخُذِي طَريفَ المجدِ بعدَ تَليدِه من راحَتيْ مَلِكٍ أَغرَّ هُمام
يُعْنَى بِسُؤدد قومِه، وحُقوقِهم ويذودُ دونَ حياضهم، ويحامي
ما تاجِ العالي، ولا نوَّابه بالحانِثين إليكِ في الإقسام
جَرَّبْتِ نُعْمَى الحادثاتِ وبُؤسَها أَعَلِمْتِ حالاً آذَنَتْ بدوامِ؟
عبستْ إلينا الحادثاتُ، وطالما نَزَلَتْ فلم نُغْلَبْ على الأَحلام
من أَين جئتَ له بدارِ مُقام؟! ويُرَقِّدون نَوازِيَ الآلام
الحقُّ كلُّ سلاحهم وكفاحهم والحقُّ نِعْمَ مُثَبِّتُ الأَقدام
يَبنون حائطَ مُلْكِهم في هُدنَة ٍ وعلى عواقبِ شحنة ٍ وخصام
قلْ للحوادث: أقدِمي، أَو أَحجمي إنَّا بنو الإقدامِ والإحجام
نحن النيامُ إذا الليالي سالمتْ فإذا وَثَبْنَ فنحنُ غيرُ نيام
فينا من الصبرِ الجميلِ بقية ٌ لحوادثٍ خَلْفَ العُيوبِ جِسام
أين الوفودُ الملتقونَ على القرى المُنزَلون مَنازلَ الإكرامِ
الوارثون القُدْسَ عن أَحبارِه والخالِفونَ أُميَّة ً في الشَّام؟
الحاملو الفصحى ونورِ بيانها يَبنون فيه حضارة َ الإسلام؟
ويؤلِّفون الشرقَ في برهانها لمَّ الضياءِ حَواشِيَ الإظلام؟
تاقوا إلى أَوطانِهم، فتحَمَّلوا وهَوَى الديارِ وراءَ كلِّ غرام
ما ضرَّ لو حبسوا الركائبَ ساعة ً وثنَوْا إلى الفُسطاطِ فضلَ زِمام؟
ليُضيف شاهدُهمْ إلى أَيامِه يوماً أغرَّ ملمَّحَ الأعلام
ويرى ويسمع كيف عادَ حقيقة ً ما كان ممتنعاً على الأوهام
مِنْ هِمّة ِ المحكومِ وهو مُكبَّلٌ بالقيد، لا من همَّة ِ الحكامِ
مِصرُ التقتْ في مِهرجانِ مُحمدٍ وتجمعتْ لتحية ٍ وسلامِ
هَزَّتْ مَناكبَها له، فكأَنه ظِلٌّ، وسُنْبُلة ٌ، وقَطرُ غَمام
وكأنه في الفتح عموريَّة ٌ

أَسِمُ العصورَ بحسنِهِ، وأنا الذي يروي، فينتظمُ العصورَ كلامي
شرفاً محمدُ، هكذا تبنى العلا: بالصبرِ آوِنة ً وبالإقدام
هممُ الرجالِ إذا مضتْ لم يثنها خدعُ الثناءِ ولا عوادي الذَّام
وتمامُ فضلكَ أن يعيبكَ حسدٌ يجدون نقصاً عندَ كلِّ تمَام
المالُ في الدنيا منازلُ نقلة ٍ

فرفعتَ إيواناً كرُكنِ النَّجمِ، لم يُضرَبْ على كِسرى ، ولا بَهرام
صَيَّرْتَ طينتَه الخلودَ، وجئتَ مِنْ وادي الملوكِ بجَنْدَلٍ ورَغام
هذا البناءُ العبقريُّ أَتى به بيتٌ له فضل وحقُّ ذمام
كانت به الأرقام تدركُ حسبة ً واليومَ جاوز حسبة َ الأرقام
يا طالما شغف الظنونَ، وطالما كثر الرجاءُ عليه في الإلمام
ما زلتَ أَنتَ وصاحباك بِركنه حتى استقام على أغرِّ دعام
أَسَّسْتُم بالحاسدين جِدارَه وبينتمو بمعاول الهدَّام
شركاتك الدنيا العريضة ُ لم تنل إلا بطول رعاية ٍ وقيام
الله سخَّر للكنانة ِ خازناً أَخذ الأَمانَ لها من الأَعوام
وكأَن مالَ المودِعين وزرعَهم في راحتيْك ودائعُ الأَيتام
ما زلتَ تَبني رُكنَ كلِّ عظيمة ٍ حتى أتيتَ برابع الأهرام


ديوان شعرأحمد شوقي - صفحة 5 1420304sbnme9uulm
عبير الروح
عبير الروح
عضو ماسي
عضو ماسي

empty empty empty empty empty
empty empty empty empty empty empty empty empty empty انثى

عدد المساهمات : 29839

نقاط : 114677

تاريخ التسجيل : 09/02/2010

empty empty empty empty

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 5 من اصل 10 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى