ديوان شعر المتنبي
4 مشترك
صفحة 3 من اصل 5
صفحة 3 من اصل 5 • 1, 2, 3, 4, 5
رد: ديوان شعر المتنبي
ومنتسب عندي إلى من أحبه
ومُنْتَسِبٍ عِندي إلى مَنْ أُحِبّهُ وللنَّبْلِ حَوْلي مِن يَدَيهِ حَفيفُ
فَهَيّجَ مِنْ شَوْقي وما من مَذَلّةٍ حَنَنْتُ ولَكِنّ الكَريمَ ألُوفُ
وكلُّ وِدادٍ لا يَدومُ على الأذَى دَوامَ وِدادي للحُسَينِ ضَعيفُ
فإنْ يكُنِ الفِعْلُ الذي ساءَ واحِداً فأفْعالُهُ اللائي سَرَرْنَ أُلُوفُ
ونَفْسي لَهُ نَفْسي الفِداءُ لنَفْسِهِ ولكِنّ بَعضَ المالِكينَ عَنيفُ
فإنْ كانَ يَبغي قَتْلَها يَكُ قاتِلاً بكَفّيهِ فالقَتْلُ الشّريفُ شريفُ
أعددت للغادرين أسيافا
أعْدَدْتُ للغَادِرِينَ أسْيَافَا أجْدَعُ مِنْهُمْ بِهِنّ آنَافَا
لا يَرْحَمُ الله أرْؤساً لَهُمُ أطَرْنَ عَن هامِهِنّ أقْحَافَا
ما يَنْقِمُ السّيفُ غَيرَ قِلّتِهمْ وَأنْ تَكُونَ المِئُونَ آلافَا
يا شَرّ لَحْمٍ فَجَعْتُهُ بدَمٍ وَزَارَ للخامِعَاتِ أجْوَافَا
قد كنتَ أُغنيتَ عن سؤالِكَ بي مَنْ زَجَرَ الطّيرَ لي وَمَنْ عَافَا
وَعَدْتُ ذا النّصْلَ مَن تعَرّضَهُ وَخِفْتُ لمّا اعترَضْتَ إخْلافَا
لا يُذكَرُ الخَيرُ إنْ ذُكِرْتَ وَلا تُتْبِعُكَ المُقْلَتَان تَوْكَافَا
إذا امْرُؤٌ راعَني بِغَدْرَتِهِ أوْرَدْتُهُ الغَايَةَ التي خَافَا
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي
وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي
وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ
وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي
سَقَى الله أيّامَ الصّبَى ما يَسُرّهَا وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ
إذا ما لَبِسْتَ الدّهْرَ مُستَمتِعاً بِهِ تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ
وَلم أرَ كالألحَاظِ يَوْمَ رَحِيلِهِمْ بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ
أدَرْنَ عُيُوناً حائِراتٍ كأنّهَا مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ
عَشِيّةَ يَعْدُونَا عَنِ النّظَرِ البُكَا وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ
نُوَدّعُهُمْ وَالبَيْنُ فينَا كأنّهُ قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ
قَوَاضٍ مَوَاضٍ نَسجُ داوُدَ عندَها إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ
هَوَادٍ لأمْلاكِ الجُيُوشِ كأنّهَا تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي
تَقُدّ عَلَيْهِمْ كلَّ دِرْعٍ وَجَوْشنٍ وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغِيرُ بهَا بَينَ اللُّقَانِ وَوَاسِطٍ وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ
وَيَرْجِعُهَا حُمْراً كأنّ صَحيحَهَا يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ
ضَرُوبٌ بأطرافِ السّيُوفِ بَنانُهُ لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
كسَائِلِهِ مَنْ يَسألُ الغَيثَ قَطرَةً كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ
لقد جُدْتَ حتى جُدْتَ في كلّ مِلّةٍ وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ
رَأى مَلِكُ الرّومِ ارْتياحَكَ للنّدَى فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ
وخَلّى الرّماحَ السّمْهَرِيّةَ صاغِراً لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ
وكاتَبَ مِن أرْضٍ بَعيدٍ مَرامُهَا قَريبٍ على خَيْلٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسُولُهُ فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ
فَلَمّا دَنَا أخْفَى عَلَيْهِ مَكانَهُ شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
ولَمْ يَثْنِكَ الأعْداءُ عَنْ مُهَجاتِهمْ بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
وَكُنْتَ إذا كاتَبْتَهُ قَبْلَ هذِهِ كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ
فإنْ تُعْطِهِ مِنْكَ الأمانَ فَسائِلٌ وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ
وَهَلْ تَرَكَ البِيضُ الصّوارِمُ منهُمُ حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ
لَقَد وَرَدوا وِرْدَ القَطَا شَفَرَاتِهَا وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ
بَلَغْتُ بسَيْفِ الدّوْلَةِ النّورِ رُتْبَةً أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ
إذا شاءَ أنْ يَلْهُو بلِحيَةِ أحْمَقٍ أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ
وَما كمَدُ الحُسّادِ شيءٌ قَصَدْتُهُ وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
وَيَمْتَحِنُ النّاسَ الأميرُ برَأيِهِ وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ
وَإطراقُ طَرْفِ العَينِ لَيسَ بنافعٍ إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ
فيا أيّها المَطلوبُ جاوِرْهُ تَمْتَنِعْ وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ
وَيا أجبنَ الفُرْسانِ صاحِبْهُ تجترىءْ ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ
إذا سَعَتِ الأعْداءُ في كَيْدِ مجْدِهِ سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ
وَما ينصُرُ الفضْلُ المُبينُ على العدَى إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّقِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أيدري الربع أي دم أراقا
أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا وَأيَّ قُلُوبِ هذا الرّكْبِ شَاقَا
لَنَا ولأهْلِهِ أبَداً قُلُوبٌ تَلاقَى في جُسُومٍ ما تَلاقَى
ومَا عَفَتِ الرّياحُ لَهُ مَحَلاًّ عَفَاهُ مَنْ حَدَا بِهِمِ وَسَاقَا
فَلَيْتَ هوَى الأحبّةِ كانَ عَدلاً فَحَمّلَ كُلّ قَلبٍ ما أطَاقَا
نَظَرْتُ إلَيْهِمِ والعَينُ شَكْرَى فَصارَتْ كُلّهَا للدّمعِ مَاقَا
وَقَدْ أخَذَ التّمامَ البَدْرُ فيهِمْ وَأعْطاني مِنَ السّقَمِ المُحاقَا
وَبَينَ الفَرْعِ والقَدَمَينِ نُورٌ يَقُودُ بِلا أزِمّتِهَا النّياقَا
وَطَرْفٌ إنْ سَقَى العُشّاقَ كأساً بهَا نَقْصٌ سَقانِيهَا دِهَاقَا
وَخَصْرٌ تَثْبُتُ الأبْصارُ فِيهِ كأنّ عَلَيْهِ مِن حَدَقٍ نِطاقَا
سَلي عَنْ سِيرَتي فَرَسي ورُمحي وَسَيْفي والهَمَلَّعَةَ الدِّفَاقَا
تَرَكْنَا من وَرَاءِ العِيسِ نَجْداً وَنَكّبْنَا السّماوَةَ والعِراقَا
فَمَا زالَتْ تَرَى واللّيلُ داجٍ لِسَيفِ الدّوْلَةِ المَلِكِ ائتلافَا
أدِلّتُهَا رِياحُ المِسْكِ مِنْهُ إذا فَتَحَتْ مَناخِرَهَا انتِشاقَا
أبَاحَكِ أيّهَا الوَحْشُ الأعَادي فَلِمْ تَتَعَرّضِينَ لَهُ الرّفَاقَا
وَلَوْ تَبّعْتِ ما طَرَحَتْ قَنَاهُ لَكَفّكِ عَن رذَايَانَا وَعَاقَا
وَلَوْ سِرْنَا إلَيْهِ في طَرِيقٍ مِنَ النّيرانِ لمْ نَخَفِ احتِرَاقَا
إمَامٌ للأئِمّةِ مِنْ قُرَيْشٍ إلى مَنْ يَتّقُونَ لَهُ شِقَاقَا
يَكونُ لهُمْ إذا غَضِبُوا حُساماً وَللهَيْجاءِ حينَ تَقُومُ سَاقَا
فَلا تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا
فَقَدْ ضَمِنَتْ لَهُ المُهَجَ العَوَالي وَحَمّلَ هَمَّهُ الخَيْلَ العِتَاقَا
إذا أُنْعِلْنَ في آثَارِ قَوْمٍ وَإنْ بَعُدُوا جَعَلْنهُمُ طِرَاقَا
وَإنْ نَقَعَ الصّريخُ إلى مَكَانٍ نَصَبْنَ لَهُ مُؤلَّلَةً دِقَاقَا
فَكَانَ الطّعْنُ بَيْنَهُمَا جَوَاباً وَكانَ اللّبْثُ بَيْنَهُما فُوَاقَا
مُلاقِيَةً نَواصِيهَا المَنَايَا مُعاوِدَةً فَوَارِسُهَا العِنَاقَا
تَبِيتُ رِمَاحُهُ فَوْقَ الهَوَادي وَقَدْ ضَرَبَ العَجاجُ لَها رِوَاقَا
تَميلُ كأنّ في الأبْطالِ خَمْراً عُلِلْنَ بها اصْطِباحاً وَاغْتِبَاقَا
تَعَجّبَتِ المُدامُ وَقَدْ حَسَاهَا فَلَمْ يَسكَرْ وَجادَ فَما أفَاقَا
أقامَ الشِّعْرُ يَنْتَظِرُ العَطَايَا فَلَمّا فَاقَتِ الأمْطارَ فَاقَا
وَزَنّا قِيمَةَ الدّهْمَاءِ مِنْهُ وَوَفّيْنا القيَانَ بِهِ الصَّداقَا
وَحاشا لارْتِياحِكَ أنْ يُبارَى وَللكَرَمِ الذي لَكَ أنْ يُبَاقَى
وَلَكِنّا نُداعِبُ مِنْكَ قَرْماً تَرَاجَعَتِ القُرُومُ لَهُ حِقَاقَا
فَتًى لا تَسْلُبُ القَتْلَى يَداهُ ويَسْلُبُ عَفْوُهُ الأسرَى الوِثَاقَا
وَلم تَأتِ الجَميلَ إليّ سَهْواً وَلم أظْفَرْ بهِ مِنْكَ استِراقَا
فَأبْلِغْ حاسِدِيّ عَلَيْكَ أنّي كَبَا بَرْقٌ يُحاوِلُ بي لَحاقَا
وَهَلْ تُغْني الرّسائِلُ في عَدُوٍّ إذا ما لم يَكُنَّ ظُبًى رِقَاقَا
إذا ما النّاسُ جَرّبَهُمْ لَبِيبٌ فإنّي قَدْ أكَلْتُهُمُ وَذاقَا
فَلَمْ أرَ وُدّهُمْ إلاّ خِداعاً وَلم أرَ دينَهُمْ إلاّ نِفَاقَا
يُقَصّرُ عَن يَمينِكَ كُلُّ بحْرٍ وَعَمّا لم تُلِقْهُ مَا ألاقَا
وَلَوْلا قُدْرَةُ الخَلاّقِ قُلْنَا أعَمْداً كانَ خَلْقُكَ أمْ وِفَاقَا
فَلا حَطّتْ لَكَ الهَيْجَاءُ سَرْجاً وَلا ذاقَتْ لَكَ الدّنْيَا فِراقَا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
تذكرت ما بين العذيب وبارق
تَذَكّرْتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبَارِقِ مَجَرَّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السّوَابِقِ
وَصُحْبَةَ قَوْمٍ يَذبَحُونَ قَنيصَهُمْ بفَضْلَةِ ما قد كَسّرُوا في المَفارِقِ
وَلَيْلاً تَوَسَّدْنَا الثَّوِيّةَ تَحْتَهُ كأنّ ثَرَاهَا عَنْبَرٌ في المَرَافِقِ
بِلادٌ إذا زارَ الحِسانَ بغَيرِهَا حَصَى تُرْبِهَا ثَقّبْنَهُ للمَخانِقِ
سَقَتْني بهَا القُطْرُبُّليَّ مَليحَةٌ على كاذِبٍ منْ وَعدِها ضَوْءُ صَادقِ
سُهادٌ لأجفانٍ وَشَمْسٌ لِنَاظِرٍ وَسُقْمٌ لأبدانٍ وَمِسْكٌ لِناشِقِ
وَأغْيَدُ يَهْوَى نَفْسَهُ كلُّ عاقِلٍ عَفيفٍ وَيَهوَى جسمَهُ كلُّ فاسِقِ
أدِيبٌ إذا ما جَسّ أوْتَارَ مِزْهَرٍ بلا كُلَّ سَمْعٍ عن سِواها بعائِقِ
يُحَدِّثُ عَمّا بَينَ عادٍ وَبَيْنَهُ وَصُدْغاهُ في خَدّيْ غُلامٍ مُراهِقِ
وَمَا الحُسْنُ في وَجْهِ الفتى شَرَفاً لَهُ إذا لم يكُنْ في فِعْلِهِ وَالخَلائِقِ
وَمَا بَلَدُ الإنْسانِ غَيرُ المُوافِقِ وَلا أهْلُهُ الأدْنَوْنَ غَيرُ الأصادِقِ
وَجائِزَةٌ دَعْوَى المَحَبّةِ وَالهَوَى وَإنْ كانَ لا يخفَى كَلامُ المُنافِقِ
برَأيِ مَنِ انْقادَتْ عُقيلٌ إلى الرّدَى وَإشماتِ مَخلُوقٍ وَإسخاطِ خالِقِ
أرَادوا عَلِيّاً بالذي يُعجِزُ الوَرَى وَيُوسِعُ قَتلَ الجحفَلِ المُتَضايِقِ
فَمَا بَسَطُوا كَفّاً إلى غَيرِ قَاطِعٍ وَلا حَمَلُوا رَأساً إلى غَيرِ فَالِقِ
لَقَد أقدَمُوا لَوْ صادَفُوا غيرَ آخِذٍ وَقد هرَبوا لوْ صَادَفوا غيرَ لاحِقِ
وَلَمَّا كَسَا كَعْباً ثِياباً طَغَوْا بِهَا رَمَى كلَّ ثَوْبٍ مِنْ سِنانٍ بخارِقِ
وَلمّا سَقَى الغَيْثَ الذي كَفَرُوا بِهِ سَقَى غَيرَهُ في غَيرِ تلكَ البَوَارِقِ
وَما يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ حارِمٍ كمَا يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ رازِقِ
أتَاهُمْ بهَا حَشْوَ العَجَاجَةِ وَالقَنَا سَنَابِكُهَا تحشُو بُطُونَ الحَمالِقِ
عَوَابِسَ حَلّى يَابِسُ الماءِ حُزْمَها فَهُنّ على أوْساطِها كالمَنَاطِقِ
فَلَيْتَ أبَا الهَيْجا يرَى خَلْفَ تَدْمُرٍ طِوَالَ العَوالي في طِوال السَّمالِقِ
وَسَوْقَ عَليٍّ مِنْ مَعَدٍّ وَغَيرِها قَبَائِلَ لا تُعْطي القُفِيَّ لِسَائِقِ
قُشَيرٌ وَبَلْعَجْلانِ فيها خَفِيّةٌ كَرَاءَينِ في ألْفاظِ ألثَغَ نَاطِقِ
تُخَلّيهِمِ النّسْوانُ غَيرَ فَوَارِكٍ وَهُمْ خَلّوُا النّسْوانَ غَيرَ طَوَالِقِ
يُفَرِّقُ ما بَينَ الكُماةِ وَبَيْنَهَا بطَعْنٍ يُسَلّي حَرُّهُ كلَّ عاشِقِ
أتَى الظُّعْنَ حتى ما تَطيرُ رَشاشَةٌ منَ الخَيلِ إلاّ في نُحُورِ العَوَاتِقِ
بكُلّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإنْسَ أرْضُهَا ظعائنُ حُمْرُ الحَليِ حمرُ الأيانِقِ
وَمَلْمُومَةٌ سَيْفِيّةٌ رَبَعِيّةٌ تَصيحُ الحَصَى فيها صِياحَ اللّقالِقِ
بَعيدَةُ أطْرَافِ القَنا مِنْ أُصُولِهِ قَريبَةُ بَينَ البَيضِ غُبرُ اليَلامِقِ
نَهَاهَا وَأغْنَاهَا عَنِ النّهْبِ جُودُه فَمَا تَبْتَغي إلاّ حُماةَ الحَقائِقِ
تَوَهّمَهَا الأعرابُ سَوْرَةَ مُترَفٍ تُذَكّرُهُ البَيْداءُ ظِلَّ السُّرادِقِ
فَذَكّرْتَهُمْ بالمَاءِ ساعَةَ غَبّرَتْ سَماوَةُ كَلبٍ في أُنوفِ الحَزَائِقِ
وكانُوا يَرُوعونَ المُلُوكَ بأنْ بدَوْا وَأنْ نَبَتَتْ في المَاءِ نَبْتَ الغَلافِقِ
فهاجُوكَ أهْدَى في الفَلا من نُجُومه وَأبْدَى بُيُوتاً من أداحي النّقانِقِ
وَأصْبَرَ عَن أمْوَاهِهِ من ضِبابِهِ وَآلَفَ منْها مُقْلَةً للوَدائِقِ
وَكانَ هَديراً مِنْ فُحُولٍ تَرَكتَها مُهَلَّبَةَ الأذنابِ خُرْسَ الشّقاشِقِ
فَما حَرَمُوا بالرّكضِ خَيلَكَ رَاحةً وَلَكِنْ كَفَاهَا البَرُّ قَطعَ الشّوَاهقِ
وَلا شَغَلُوا صُمّ القَنَا بِقُلُوبِهِم عنِ الرَّكْزِ لكِنْ عن قلوبِ الدماسقِ
ألمْ يحذَروا مَسْخَ الذي يَمسَخُ العِدى ويجعَلُ أيدي الأُسدِ أيدي الخرانِقِ
وَقد عايَنُوه في سِواهُمْ وَرُبّمَا أرَى مارِقاً في الحَرْبِ مصرَعَ مارِقِ
تَعَوّدَ أنْ لا تَقْضَمَ الحَبَّ خَيْلُهُ إذا الهَامُ لم تَرْفَعْ جُنُوبَ العَلائِقِ
وَلا تَرِدَ الغُدْرانَ إلاّ وَمَاؤهَا منَ الدّمِ كالرّيحَانِ فَوْقَ الشّقائقِ
لَوَفْدُ نُمَيرٍ كانَ أرْشَدَ منْهُمُ وقد طَرَدوا الأظْعانَ طَرْدَ الوَسائقِ
أعَدّوا رِماحاً مِنْ خُضُوعٍ فطاعَنُوا بهَا الجَيشَ حتى رَدّ غَرْبَ الفَيالِقِ
فَلَمْ أرَ أرْمَى منهُ غَيرَ مُخاتِلٍ وَأسرَى إلى الأعداءِ غَيرَ مُسارِقِ
تُصِيبُ المَجانيقُ العِظامُ بكَفّهِ دَقائِقَ قد أعْيَتْ قِسِيَّ البَنَادِقِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أرق على أرق ومثلي يأرق
أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ
مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ
جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ
وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ
نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا
أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ
خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ
كَبّرْتُ حَوْلَ دِيارِهِمْ لمّا بَدَتْ منها الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ
وعَجِبتُ من أرْضٍ سَحابُ أكفّهمْ من فَوْقِها وَصُخورِها لا تُورِقُ
وَتَفُوحُ من طِيبِ الثّنَاءِ رَوَائِحٌ لَهُمُ بكُلّ مكانَةٍ تُسْتَنشَقُ
مِسْكِيّةُ النّفَحاتِ إلاّ أنّهَا وَحْشِيّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعْبَقُ
أمُريدَ مِثْلِ مُحَمّدٍ في عَصْرِنَا لا تَبْلُنَا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ
لم يَخْلُقِ الرّحْم?نُ مثلَ مُحَمّدٍ أحَداً وَظَنّي أنّهُ لا يَخْلُقُ
يا ذا الذي يَهَبُ الكَثيرَ وَعِنْدَهُ أنّي عَلَيْهِ بأخْذِهِ أتَصَدّقُ
أمْطِرْ عَليّ سَحَابَ جُودِكَ ثَرّةً وَانظُرْ إليّ برَحْمَةٍ لا أغْرَقُ
كَذَبَ ابنُ فاعِلَةٍ يَقُولُ بجَهْلِهِ ماتَ الكِرامُ وَأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي
شَوْقي إلَيكَ نَفَى لَذيذَ هُجُوعي فَارَقْتَني وأقَامَ بَينَ ضُلُوعي
أوَمَا وَجَدْتُمْ في الصّراةِ مُلُوحَةً مِمّا أُرَقْرِقُ في الفُراتِ دُمُوعي
ما زِلْتُ أحذَرُ مِنْ وَداعِكَ جاهِداً حتى اغْتَدَى أسَفي على التّوْديعِ
رَحَلَ العَزاءُ برِحْلَتي فكأنّمَا أتْبَعْتُهُ الأنْفَاسَ للتّشْييعِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
هو البين حتى ما تأنى الحزائق
هُوَ البَينُ حتى ما تَأنّى الحَزائِقُ ويا قَلْبُ حتى أنْتَ مِمّن أُفارِقُ
وَقَفْنا ومِمّا زادَ بَثّاً وُقُوفُنَا فَرِيقَيْ هَوًى منّا مَشُوقٌ وشائِقُ
وقد صارَتِ الأجفانُ قَرْحى منَ البُكا وصارَتْ بهاراً في الخدودِ الشّقائقُ
على ذا مضَى النّاسُ اجتماعٌ وفُرْقَةٌ ومَيْتٌ ومَوْلُودٌ وقالٍ ووامِقُ
تَغَيّرَ حَالي واللّيالي بحالِها وشِبْتُ وما شابَ الزّمانُ الغُرانِقُ
سَلِ البِيدَ أينَ الجِنّ منّا بجَوْزِها وعن ذي المَهاري أينَ منها النَّقانِقُ
ولَيْلٍ دَجوجيٍّ كَأنّا جَلَتْ لَنا مُحَيّاكَ فيهِ فاهْتَدَيْنا السَّمالِقُ
فما زالَ لَوْلا نُورُ وَجهِكَ جِنحُهُ ولا جابهَا الرُّكْبانُ لوْلا الأيانِقُ
وهَزٌّ أطارَ النّوْمَ حتى كَأنّني من السُّكرِ في الغَرْزَينِ ثوْبٌ شُبارِقُ
شدَوْا بابنِ إسحقَ الحُسينِ فصافحتْ ذَفارِيَها كِيرانُها والنَّمارِقُ
بمَنْ تَقشَعرّ الأرْضُ خوفاً إذا مشَى عليها وتَرْتَجّ الجبالُ الشّواهِقُ
فتًى كالسّحابِ الجونِ يُخشَى ويُرْتَجى يُرَجّى الحَيا منها وتُخشَى الصّواعقُ
ولَكِنّها تَمْضِي وهذا مُخَيِّمٌ وتَكذبُ أحياناً وذا الدّهرَ صادِقُ
تَخَلّى منَ الدّنْيا ليُنْسَى فَما خلتْ مَغارِبُها مِنْ ذِكْرِهِ وَالمَشارِقُ
غَذا الهِنْدُوانيّاتِ بالهَامِ والطُّلَى فَهُنّ مَدارِيها وهُنّ المَخانِقُ
تَشَقَّقُ مِنهُنّ الجُيوبُ إذا غَزا وتُخضَبُ منهنّ اللّحَى والمَفارِقُ
يُجَنَّبُها مَنْ حَتْفُهُ عنهُ غافِلٌ ويَصلى بها مَن نَفسُهُ منهُ طالِقُ
يُحاجَى به ما ناطِقٌ وهْوَ ساكِتٌ يُرَى ساكتاً والسّيفُ عن فيه ناطِقُ
نَكِرْتُكَ حتى طالَ منكَ تَعَجّبي ولا عَجَبٌ من حُسنِ ما الله خالِقُ
كأنّكَ في الإعطاءِ للمَالِ مُبغِضٌ وفي كلّ حَرْبٍ للمَنيّةِ عَاشِقُ
ألا قَلّما تَبْقَى علَى ما بَدا لَهَا وحَلّ بهَا مِنْكَ القَنَا والسّوابِقُ
خَفِ الله وَاسْتُرْ ذا الجَمالَ ببُرْقعٍ فإنْ لُحتَ ذابتْ في الخدورِ العواتقُ
سَيُحيي بكَ السُّمّارُ ما لاحَ كوْكبٌ ويَحدو بكَ السُّفّارُ ما ذرّ شارِقُ
فَما تَرْزُقُ الأقدارُ من أنتَ حارِمٌ ولا تَحْرِمُ الأقدارُ مَن أنتَ رازِقُ
ولا تَفْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ راتِقٌ ولا تَرْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ فاتِقُ
لكَ الخَيرُ غَيري رامَ من غيرك الغنى وغَيري بغَيرِ اللاذِقيّةِ لاحِقُ
هيَ الغَرضُ الأقصَى ورُؤيَتُكَ المنى ومَنزِلُكَ الدّنْيا وأنْتَ الخَلائِقُ
سقاني الخمر قولك لي بحقي
سَقاني الخَمْرَ قَوْلُكَ لي بحَقّي وَوُدٌّ لمْ تَشُبْهُ لي بِمَذْقِ
يَميناً لَوْ حَلَفْتَ وأنتَ تأتي على قَتْلي بها لَضَرَبتُ عُنْقي
ما للمروج الخضر والحدائق
ما للمُرُوجِ الخُضْرِ والحَدائِقِ يَشكُو خَلاها كَثرَةَ العَوائِقِ
أقامَ فيها الثّلجُ كالمُرافِقِ يَعقِدُ فَوْقَ السّنّ ريقَ الباصِقِ
ثمّ مَضَى لا عادَ مِنْ مُفارِقِ بقائِدٍ مِنْ ذَوْبِهِ وسائِقِ
كأنّما الطّخرُورُ باغي آبِقِ يأكُلُ من نَبْتٍ قَصيرٍ لاصِقِ
كَقَشْرِكَ الحِبرَ عَنِ المَهارِقِ أرودُهُ مِنْهُ بكَالشُّوذانِقِ
بمُطْلَقِ اليُمْنى طَويلِ الفائِقِ عَبْلِ الشَّوَى مُقارِبِ المَرَافِقِ
رَحْبِ اللَّبانِ نَائِهِ الطّرائِقِ ذي مَنخِرٍ رَحْبٍ وإطلٍ لاحِقِ
مُحَجَّلٍ نَهْدٍ كُمَيْتٍ زاهِقِ شادِخَةٍ غُرّتُهُ كالشّارِقِ
كأنّها مِنْ لَوْنِهِ في بارِقِ باقٍ على البَوْغاءِ والشّقائِقِ
والأبْرَدَينِ والهَجِيرِ المَاحِقِ للفارِسِ الرّاكِضِ منهُ الواثِقِ
خَوْفُ الجَبَانِ في فُؤادِ العاشِقِ كأنّهُ في رَيْدِ طَوْدٍ شاهِقِ
يَشأى إلى المِسمَعِ صَوْتَ النّاطقِ لوْ سابَقَ الشّمسَ من المَشارِقِ
جاءَ إلى الغَرْبِ مَجيءَ السّابِقِ يَتْرُكُ في حِجارَةِ الأبارِقِ
آثَارَ قَلْعِ الحَلْيِ في المَناطِقِ مَشْياً وإنْ يَعْدُ فكالخَنادِقِ
لَوْ أُورِدَتْ غِبَّ سَحابٍ صادِقِ لأحْسَبَتْ خَوامِسَ الأيانِقِ
إذا اللّجامُ جاءَهُ لطارِقِ شَحَا لَهُ شَحْوَ الغُرابِ النّاعِقِ
كأنّما الجِلْدُ لعُرْيِ النّاهِقِ مُنْحَدِرٌ عَنْ سِيَتيْ جُلاهِقِ
بَزّ المَذاكي وهْوَ في العَقائِقِ وزادَ في السّاقِ على النَّقانِقِ
وزادَ في الوَقْعِ على الصّواعِقِ وزادَ في الأُذْنِ على الخَرانِقِ
وزادَ في الحِذْرِ على العَقاعِقِ يُمَيّزُ الهَزْلَ مِنَ الحَقائِقِ
وَيُنْذِرُ الرَّكْبَ بِكُلِّ سَارِقِ يُرِيكَ خُرْقاً وَهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ
يَحُكّ أنّى شَاءَ حَكَّ الباشِقِ قُوبِلَ مِنْ آفِقَةٍ وآفِقِ
بَينَ عِتاقِ الخَيْلِ والعَتائِقِ فعُنْقُهُ يُرْبي على البَواسِقِ
وحَلْقُهُ يُمْكِنُ فِتْرَ الخانِقِ أُعِدُّهُ للطّعنِ في الفَيالِقِ
والضّرْبِ في الأوْجُهِ والمَفارِقِ والسّيرِ في ظِلّ اللّواءِ الخَافِقِ
يحمِلُني والنّصْلُ ذو السّفاسِقِ يَقطُرُ في كُمّي إلى البَنائِقِ
لا ألحَظُ الدّنْيا بعَيْنيْ وامِقِ ولا أُبالي قِلّةَ المُوافِقِ
أيْ كَبْتَ كُلّ حاسِدٍ مُنافِقِ أنْتَ لَنا وكُلُّنا للخالِقِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أتراها لكثرة العشاق
أتُراها لكَثْرَةِ العُشّاقِ تَحْسَبُ الدّمعَ خِلقَةً في المآقي
كيفَ تَرْثي التي ترَى كلَّ جَفْنٍ راءها غَيرَ جَفْنِها غَيرَ راقي
أنْتِ مِنّا فَتَنْتِ نَفسَكِ لَكِنّـ ـكِ عُوفيتِ مِنْ ضَنًى واشتياقِ
حُلتِ دونَ المَزارِ فاليَوْمَ لوْ زُرْ تِ لحالَ النُّحولُ دونَ العِناقِ
إنّ لَحْظاً أدَمْتِهِ وأدَمْنَا كانَ عَمداً لَنا وحَتفَ اتّفاقِ
لوْ عَدا عَنكِ غيرَ هجرِكِ بُعدٌ لأرارَ الرّسيمُ مُخَّ المَنَاقي
ولَسِرْنا ولَوْ وَصَلْنا عَلَيها مثلَ أنْفاسِنا على الأرْماقِ
ما بِنا مِنْ هوَى العُيونِ اللّواتي لَوْنُ أشفارِهِنّ لَوْنُ الحِداقِ
قَصّرَتْ مُدّةَ اللّيالي المَواضِي فأطالَتْ بها اللّيالي البَواقي
كاثَرَتْ نائِلَ الأميرِ مِنَ الما لِ بما نَوّلَتْ مِنَ الإيراقِ
لَيسَ إلاّ أبا العَشائِرِ خَلْقٌ سادَ هذا الأنامَ باستِحقاقِ
طاعنُ الطّعنَةِ التي تَطْعَنُ الفيـ ـلَقَ بالذّعْرِ والدّمِ المُهرَاقِ
ذاتُ فَرْغٍ كأنّها في حَشَا المُخْـ ـبَرِ عَنها من شِدّةِ الإطْراقِ
ضارِبُ الهَامِ في الغُبارِ وما يَرْ هَبُ أن يَشرَبَ الذي هوَ ساقِ
فَوْقَ شَقّاءَ للأشَقِّ مَجَالٌ بَينَ أرْساغِها وبَينَ الصّفاقِ
ما رآها مكَذِّبُ الرُّسلِ إلاّ صَدّقَ القَوْلَ في صِفاتِ البُراقِ
هَمُّهُ في ذوي الأسِنّةِ لا فيـ ـها وأطْرافُها لَهُ كالنّطاقِ
ثاقبُ الرّأيِ ثابِتُ الحِلْمِ لا يَقـ ـدِرُ أمْرٌ لَهُ على إقْلاقِ
يا بَني الحارِثِ بنِ لُقمانَ لا تَعـ ـدَمْكُمُ في الوَغى متونُ العتاقِ
بَعَثُوا الرُّعبَ في قُلوبِ الأعاد يِّ فكانَ القِتالُ قَبلَ التّلاقي
وتكادُ الظُّبَى لِما عَوّدوها تَنْتَضِي نَفْسَها إلى الأعْناقِ
وإذا أشفَقَ الفَوارِسُ مِنْ وَقْـ ـعِ القَنَا أشفَقوا مِنَ الإشْفاقِ
كلُّ ذِمرٍ يزْدادُ في الموْتِ حُسناً كَبُدورٍ تَمامُها في المُحاقِ
جاعِلٍ دِرْعَهُ مَنِيّتَهُ إنْ لم يكُنْ دونَها منَ العارِ واقِ
كَرَمٌ خَشّنَ الجَوانبَ مِنهُمْ فَهْوَ كالماءِ في الشّفارِ الرّقاقِ
ومَعالٍ إذا ادّعاها سِواهُمْ لَزِمَتْهُ جِنايَةُ السُّرّاقِ
يابنَ مَنْ كُلّما بَدَوْتَ بدا لي غائبَ الشّخصِ حاضرَ الأخلاقِ
لوْ تَنَكّرْتَ في المَكَرّ لقَوْمٍ حَلَفُوا أنّكَ ابنُهُ بالطّلاقِ
كيفَ يَقوَى بكَفّكَ الزَّندُ والآ فاقُ فيها كالكفّ في الآفاقِ
قَلّ نَفْعُ الحَديدِ فيكَ فَما يَلـ ـقاكَ إلاّ مَنْ سَيفُهُ مِنْ نِفاقِ
إلْفُ هذا الهَواءِ أوْقَعَ في الأنْـ ـفُسِ أنّ الحِمامَ مُرُّ المَذاقِ
والأسَى قبلَ فُرْقَةِ الرّوحِ عجزٌ والأسَى لا يكونُ بَعدَ الفِراقِ
كمْ ثَراءٍ فَرَّجتَ بالرّمْحِ عنهُ كانَ مِن بُخلِ أهلِه في وِثاقِ
والغِنى في يَدِ اللّئيمِ قَبيحٌ قَدْرَ قُبْحِ الكَريمِ في الإمْلاقِ
ليس قوْلي في شمس فعلك كالشّمْـ ـسِ ولكن كالشّمسِ في الإشراقِ
شاعرُ المَجْدِ خِدْنُهُ شاعرُ اللّفْـ ـظِ كِلانا رَبُّ المَعاني الدّقاقِ
لم تَزَلْ تَسمَعُ المَديحَ ولكِنّ صَهيلَ الجِيادِ غَيرُ النُّهاقِ
ليتَ لي مثلَ جَدّ ذا الدّهرِ في الأد هُرِ أوْ رِزْقِهِ منَ الأرزاقِ
أنْتَ فيهِ وكانَ كلُّ زَمانٍ يَشتَهي بَعضَ ذا على الخَلاّقِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
لام أناس أبا العشائر في
لامَ أُناسٌ أبا العَشائِرِ في جُودِ يَدَيْهِ بالعَينِ والوَرِقِ
وإنّما قِيلَ لِمْ خُلِقْتَ كذا وخالِقُ الخَلْقِ خالِقُ الخُلُقِ
قالوا: ألمْ تكْفِهِ سَمَاحَتُهُ حتى بنَى بَيْتَهُ على الطُّرُقِ
فقُلتُ: إنّ الفَتى شَجاعَتُهُ تُريهِ في الشُّحّ صُورَةَ الفَرَقِ
الشّمسُ قد حَلّتِ السّماءَ وما يحجُبُها بُعدُها عنِ الحَدَقِ
بضَرْبِ هامِ الكُماةِ تَمّ لَهُ كَسبُ الذي يكسِبونَ بالمَلَقِ
كُنْ لُجّةً أيّها السّماحُ فقَدْ أمّنَهُ سَيفُهُ مِنَ الغَرَقِ
رب نجيع بسيف الدولة انسفكا
رُبّ نَجيعٍ بسَيفِ الدّوْلَةِ انْسَفَكا وَرُبَّ قافِيَةٍ غَاظَتْ بِهِ مَلِكَا
مَن يَعرِفِ الشّمسَ لم يُنكِرْ مَطالعها وَيُبصِرِ الخَيلَ لا يَستكرِمِ الرَّمَكَا
تَسُرّ بالمالِ بَعضَ المَالِ تَمْلِكُهُ إنّ البِلادَ وَإنّ العالَمينَ لَكَا
إن هذا الشعر في الشعر ملك
إنّ هَذا الشّعرَ في الشّعْرِ مَلَكْ سارَ فَهوَ الشّمْسُ وَالدّنيا فَلَكْ
عَدَلَ الرّحْمانُ فيهِ بَيْنَنَا فَقَضَى باللّفْظِ لي وَالحَمْدِ لكْ
فَإذا مَرّ بِأُذْنَيْ حَاسِدٍ صارَ مِمّنْ كانَ حَيّاً فَهَلَكْ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا
بكَيتُ يا رَبْعُ حتى كِدْتُ أُبكيكَا وجُدْتُ بي وبدَمعي في مَغانيكَا
فعِمْ صَباحاً لقدْ هَيّجتَ لي طَرَباً وَارْدُدْ تَحِيّتَنَا إنّا مُحَيّوكَا
بأيّ حُكْمِ زَمانٍ صِرْتَ مُتّخِذاً رِئْمَ الفَلا بَدَلاً من رِئْمِ أهليكَا
أيّامَ فيكَ شُمُوسٌ ما انْبَعَثْنَ لَنا إلاّ ابتَعَثنَ دماً باللّحْظِ مَسْفُوكَا
والعَيشُ أخضَرُ والأطلالُ مُشرِقَةٌ كأنّ نُورَ عُبَيْدِالله يَعْلُوكَا
نَجا امرؤٌ يا ابنَ يحيَى كنتَ بُغيَتَهُ وخابَ رَكْبُ رِكابٍ لم يَؤمّوكَا
أحْيَيْتَ للشّعَراءِ الشّعرَ فامْتَدَحوا جَميعَ مَنْ مَدَحوهُ بالّذي فيكَا
وعَلّمُوا النّاسَ منكَ المجدَ واقتدروا على دَقيقِ المَعاني مِنْ مَعانيكَا
فكُنْ كَما شِئتَ يا مَنْ لا شَبيهَ لَهُ وكيفَ شئتَ فَما خَلْقٌ يُدانيكَا
شُكْرُ العُفاةِ لِما أوْلَيتَ أوْجَدَني إلى نَداكَ طَريقَ العُرْفِ مَسْلُوكَا
وعُظْمُ قَدْرِكَ في الآفاقِ أوْهَمَني أنّي بِقِلّةِ ما أثْنَيْتُ أهْجُوكَا
كَفَى بأنّكَ مِنْ قَحطانَ في شَرَفٍ وإنْ فَخَرْتَ فكُلٌّ مِنْ مَواليكَا
ولَوْ نَقَصْتُ كما قد زِدْتَ من كَرَمٍ على الوَرَى لَرَأوْني مِثْلَ شانيكَا
لَبَّيْ نَداكَ لَقَدْ نادَى فأسْمَعَني يَفديكَ من رجلٍ صَحبي وأفديكَا
ما زِلْتَ تُتْبِعُ ما تُولي يَداً بيَدٍ حتى ظَنَنْتُ حَياتي مِنْ أياديكَا
فإنْ تَقُلْ هَا فَعاداتٌ عُرِفتَ بها أوْ لا فإنّكَ لا يَسخُو بلا فُوكَا
نهنى بصور أم نهنئها بكا
نُهَنَّى بصُورٍ أمْ نُهَنّئُهَا بِكَا وقَلّ الذي صُورٌ وأنْتَ لَهُ لَكَا
وما صَغُرَ الأرْدُنُّ والسّاحلُ الذي حُبيتَ بهِ إلاّ إلى جَنبِ قَدْرِكَا
تَحَاسَدَتِ البُلْدانُ حتى لوَ انّها نُفُوسٌ لَسارَ الشّرْقُ والغرْبُ نحوَكا
وأصْبَحَ مِصْرٌ لا تكونُ أمِيرَهُ ولَوْ أنّهُ ذو مُقْلَةٍ وفَمٍ بَكَا
لم تر من نادمت إلاكا
لَمْ تَرَ مَنْ نَادَمْتُ إلاّكَا لا لِسِوَى وُدّكَ لي ذاكَا
ولا لحُبّيهَا ولَكِنّني أمسَيْتُ أرْجوكَ وأخْشاكَا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
يا أيها الملك الذي ندماؤه
يا أيّها المَلِكُ الذي نُدَماؤهُ شُرَكاؤهُ في مِلْكِهِ لا مُلكِهِ
في كلّ يَوْمٍ بَيْنَنا دَمُ كَرْمَةٍ لكَ تَوْبَةٌ من تَوْبَةٍ من سَفكِهِ
والصّدقُ من شيَمِ الكرام فقلْ لنا أمنَ الشّرابِ تَتوبُ أم من تركِهِ؟
لئن كان أحسن في وصفها
لَئِنْ كانَ أحْسَنَ في وَصفِها لقد فاتَهُ الحسنُ في الوَصْفِ لكْ
لأنّكَ بَحْرٌ وإنّ البِحارَ لتأنَفُ مِنْ حالِ هذي البِرَكْ
كأنّكَ سَيْفُكَ لا ما مَلَكْـ ـتَ يَبْقَى لَدَيْكَ ولا ما مَلَكْ
فأكْثَرُ من جَرْيها ما وَهَبْتَ وأكْثَرُ مِنْ مائِها ما سَفَكْ
أسأتَ وأحْسَنْتَ عَن قُدْرَةٍ ودُرْتَ على النّاسِ دَوْرَ الفَلَكْ
رويدك أيها الملك الجليل
رُوَيْدَكَ أيّها المَلِكُ الجَليلُ تَأنّ وعُدَّهُ ممّا تُنيلُ
وجُودَكَ بالمُقامِ ولَوْ قَليلاً فَما فيما تَجُودُ بهِ قَليلُ
لأِكْبُتَ حاسِداً وأرَى عَدُوّاً كأنّهُما وَداعُكَ والرّحيلُ
ويَهْدَأ ذا السّحابُ فقد شكَكنا أتَغلِبُ أمْ حَياهُ لَكُم قَبيلُ
وكنتُ أعيبُ عَذْلاً في سَماحٍ فَها أنَا في السّماحِ لَهُ عَذولُ
وما أخشَى نُبُوّكَ عَنْ طَريقٍ وسَيفُ الدّوْلَةِ الماضي الصّقيلُ
وكلُّ شَواةِ غِطْريفٍ تَمَنّى لسَيرِكَ أنّ مَفرِقَها السّبيلُ
ومِثْلِ العَمْقِ مَمْلُوءٍ دِماءً جَرَتْ بكَ في مجاريهِ الخُيُولُ
إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ
ومَن أمَرَ الحُصُونَ فَما عَصَتْه أطاعَتْهُ الحُزُونَةُ والسّهُولُ
أتَخْفِرُ كُلَّ مَنْ رَمَتِ اللّيالي وتُنشرُ كلَّ مَن دَفنَ الخُمولُ
ونَدعوكَ الحُسامَ وهَلْ حُسامٌ يَعيشُ بهِ مِنَ المَوْتِ القَتيلُ
وما للسّيفِ إلاّ القَطْعَ فِعْلٌ وأنْتَ القاطعُ البَرُّ الوَصُولُ
وأنْتَ الفارِسُ القَوّالُ صَبْراً وقَد فَنيَ التكلّمُ والصّهيلُ
يَحيدُ الرّمحُ عنكَ وفيهِ قَصْدٌ ويَقصُرُ أنْ يَنالَ وفيهِ طُولُ
فلَوْ قَدَرَ السّنانُ على لِسانٍ لَقالَ لكَ السّنانُ كما أقولُ
ولوْ جازَ الخُلودُ خَلَدتَ فَرْداً ولكِنْ ليسَ للدّنْيا خَليلُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
نعد المشرفية والعوالي
نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ
ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ
رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ
أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي
وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ
رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ
سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ
لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي
أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ
يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ
وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ
بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ
نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ
تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ
بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ
حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ
يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي
إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ
ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ
ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ
مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ
وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي
أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ
ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ
يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي أواخِرُنا على هامِ الأوالي
وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ
ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ
أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ
وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ
وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ
فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ
رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
أعْلى المَمالِكِ ما يُبْنى على الأسَلِ والطّعْنُ عِندَ مُحِبّيهِنّ كالقُبَلِ
وما تَقِرُّ سُيوفٌ في مَمالِكِها حتى تُقَلْقَلَ دَهراً قبلُ في القُلَلِ
مِثْلُ الأميرِ بَغَى أمراً فَقَرّبَهُ طولُ الرّماحِ وأيدي الخيلِ والإبِلِ
وعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمّةٌ زُحَلٌ من تَحتِها بمَكانِ التُّرْبِ من زُحَلِ
على الفُراتِ أعاصِيرٌ وفي حَلَبٍ تَوَحُّشٌ لمُلَقّى النصْرِ مُقْتَبَلِ
تَتْلُو أسِنّتُهُ الكُتْبَ التي نَفَذَتْ ويَجْعَلُ الخَيلَ أبدالاً مِنَ الرُّسُلِ
يَلقى المُلوكَ فلا يَلقى سوَى جَزَرٍ وما أعَدّوا فَلا يَلقَى سوَى نَفَلِ
صانَ الخَليفَةُ بالأبطالِ مُهْجَتَهُ صِيانَةَ الذَّكَرِ الهِنْدِيّ بالخِلَلِ
الفاعِلُ الفِعْلَ لم يُفْعَلْ لِشدّتِهِ والقائِلُ القَوْلَ لمْ يُترَكْ ولم يُقَلِ
والباعِثُ الجَيشَ قد غالَتْ عَجاجَتُه ضَوْءَ النّهارِ فصارَ الظُّهرُ كالطّفَلِ
الجَوُّ أضيَقُ ما لاقاهُ ساطِعُها ومُقْلَةُ الشّمسِ فيها أحيرُ المُقَلِ
يَنالُ أبْعَدَ منها وهيَ ناظِرَةٌ فَما تُقابِلُهُ إلاّ على وَجَلِ
قد عرّضَ السّيفَ دونَ النّازِلاتِ بهِ وظاهرَ الحزْمَ بينَ النّفسِ والغِيَلِ
ووَكّلَ الظّنَّ بالأسرارِ فانكَشَفَتْ لَهُ ضَمائِرُ أهلِ السّهلِ والجَبَلِ
هُوَ الشّجاعُ يَعُدّ البُخلَ من جُبُنٍ وهْوَ الجَوادُ يَعُدّ الجُبنَ من بَخَلِ
يَعودُ مِنْ كلّ فَتْحٍ غيرَ مُفْتَخِرٍ وقَدْ أغَذّ إلَيهِ غيرَ مُحْتَفِلِ
ولا يُجيرُ عَلَيْهِ الدّهْرُ بُغْيَتَهُ ولا تُحَصِّنُ دِرْعٌ مُهْجَةَ البَطَلِ
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ لهُ حُلَلاً وجَدتُها مِنهُ في أبهَى منَ الحُلَلِ
بذي الغَباوَةِ مِنْ إنْشادِها ضَرَرٌ كمَا تُضِرّ رِياحُ الوَرْدِ بالجُعَلِ
لَقد رَأتْ كلُّ عينٍ منكَ مالِئَها وجَرّدَتْ خيرَ سَيفٍ خيرَةُ الدّوَلِ
فَما تُكَشّفُكَ الأعداءُ عن مَلَلٍ من الحُروبِ ولا الآراءُ عن زَلَلِ
وكَمْ رِجالٍ بلا أرضٍ لكَثرَتِهِمْ ترَكْتَ جَمْعَهُمُ أرْضاً بلا رَجُلِ
ما زالَ طِرْفُكَ يَجري في دِمائِهِمِ حتى مشَى بكَ مشْيَ الشّارِبِ الثَّمِلِ
يا مَن يَسيرُ وحُكمُ النّاظرَينِ لَهُ فيما يَراهُ وحكمُ القلبِ في الجَدَلِ
إنّ السّعادَةَ فيما أنْتَ فاعِلُهُ وُفّقْتَ مُرْتَحِلاً أوْ غَيرَ مُرْتَحِلِ
أجْرِ الجِيادَ على ما كنتَ مُجرِيَها وخُذْ بنَفْسِكَ في أخْلاقِكَ الأُولِ
يَنْظُرْنَ مِنْ مُقَلٍ أدمَى أحِجّتَها قَرْعُ الفَوارِسِ بالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
فَلا هَجَمْتَ بها إلاّ على ظَفَرٍ وَلا وَصَلْتَ بها إلاّ إلى أمَلِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
بنا منك فوق الرمل ما بك في الرمل
بنا منكَ فوْقَ الرّملِ ما بك في الرّملِ وهذا الذي يُضْني كذاكَ الذي يُبلي
كأنّكَ أبصرْتَ الذي بي وخِفْتَهُ إذا عشتَ فاخترتَ الحِمامَ على الثُّكلِ
تركتَ خُدودَ الغانِياتِ وفَوْقَها دموعٌ تُذيبُ الحسن في الأعينِ النُّجلِ
تَبُلّ الثّرَى سوداً منَ المِسكِ وحدَه وقد قطرَتْ حُمراً على الشّعَرِ الجَثلِ
فإنْ تَكُ في قَبرٍ فإنّكَ في الحَشَا وإنْ تَكُ طفلاً فالأسَى ليسَ بالطفلِ
ومِثْلُكَ لا يُبكَى على قَدْرِ سِنّهِ ولكِنْ على قدرِ المخيلَةِ والأصْلِ
ألَستَ منَ القَوْمِ الأُلى مِنْ رِماحِهمْ نَداهُم ومِن قتلاهُمُ مُهجةُ البخلِ
بمَوْلودِهِمْ صَمْتُ اللّسانِ كغَيرِهِ ولكِنّ في أعْطافِهِ مَنطِقَ الفضْلِ
تُسَلّيهِمِ عَلْياؤهُمْ عَن مُصابِهِمْ ويَشغَلُهُمْ كسبُ الثّناءِ عن الشغلِ
أقَلُّ بَلاءً بالرّزايَا مِنَ القَنَا وأقْدَمُ بَينَ الجَحْفَلينِ من النَّبْلِ
عَزاءَكَ سَيفَ الدّولَةِ المُقْتَدَى به فإنّكَ نَصْلٌ والشّدائدُ للنّصلِ
مُقيمٌ مِنَ الهَيجاءِ في كلّ مَنزِلٍ كأنّكَ من كلّ الصّوارِمِ في أهلِ
ولم أرَ أعصَى منكَ للحُزْنِ عَبرَةً وأثْبَتَ عَقْلاً والقُلُوبُ بلا عَقلِ
تَخُونُ المَنايا عَهْدَهُ في سَليلِهِ وتَنصُرُهُ بَينَ الفَوارِسِ والرَّجْلِ
ويَبقَى على مَرّ الحَوادِثِ صَبرُهُ ويَبدو كمَا يَبدو الفِرِنْدُ على الصّقلِ
ومَنْ كانَ ذا نَفسٍ كنَفسِكَ حرّةٍ فَفيهِ لها مُغْنٍ وفيها لَهُ مُسلِ
وما الموْتُ إلاّ سارِقٌ دَقّ شَخْصُهُ يَصولُ بلا كَفٍّ ويَسعى بلا رِجْلِ
يَرُدُّ أبو الشّبلِ الخَميسَ عنِ ابنِهِ ويُسْلِمُهُ عِندَ الوِلادَةِ للنّملِ
بنَفسي وَليدٌ عادَ مِن بَعدِ حَمْلِهِ إلى بَطنِ أُمٍّ لا تُطرقُ بالحَمْلِ
بَدَا ولَهُ وَعْدُ السّحابَةِ بالرِّوَى وصَدَّ وفينا غُلّةُ البَلَدِ المَحْلِ
وقد مَدّتِ الخَيلُ العِتاقُ عُيونَها إلى وَقتِ تَبديلِ الرّكابِ من النّعلِ
ورِيعَ لَهُ جَيشُ العَدوّ وما مشَى وجاشتْ له الحرْبُ الضَّروسُ وما تغلي
أيَفْطِمُهُ التَّوْرابُ قَبلَ فِطامِهِ ويأكُلُهُ قبلَ البُلُوغِ إلى الأكلِ
وقبلَ يرَى من جودِهِ ما رأيتَهُ ويَسمَعُ فيهِ ما سمعتَ من العذلِ
ويَلقَى كمَا تَلقَى من السّلمِ والوَغَى ويُمسِي كمَا تُمسِي مَليكاً بلا مِثلِ
تُوَلّيهِ أوساطَ البِلادِ رِماحُهُ وتَمْنَعُهُ أطرافُهُنّ منَ العَزْلِ
أنَبْكي لمَوتانا على غَيرِ رَغْبَةٍ تَفُوتُ مِنَ الدّنْيا ولا مَوْهبٍ جَزْلِ
إذا ما تأمّلتَ الزّمانَ وصَرْفَهُ تيَقّنْتَ أنّ الموْتَ ضرْبٌ من القتلِ
وما الدّهرُ أهلٌ أنْ تُؤمَّلَ عِندَهُ حَياةٌ وأنْ يُشتاقَ فيهِ إلى النّسلِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
لا الحلم جاد به ولا بمثاله
لا الحُلْمُ جادَ بِهِ وَلا بمِثالِهِ لَوْلا اذّكارُ وَدَاعِهِ وزِيَالِهِ
إنّ المُعِيدَ لَنَا المَنَامُ خَيَالَهُ كانَتْ إعادَتُهُ خَيَالَ خَيَالِهِ
بِتْنَا يُناوِلُنَا المُدامَ بكَفّهِ مَنْ لَيسَ يخطُرُ أنْ نَراهُ ببالِهِ
نجني الكَواكِبَ من قَلائِدِ جيدِهِ ونَنالُ عينَ الشمس من خَلخالِهِ
بِنْتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ وَسَكَنْتُمُ طَيَّ الفُؤادِ الوَالِهِ
فَدَنَوْتُمُ ودُنُوّكُمْ من عِنْدِهِ وَسَمَحتُمُ وسمَاحُكمْ من مالِهِ
إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ
مِثْلُ الصّبابَةِ والكآبَةِ وَالأسَى فارَقْتُهُ فَحَدَثْنَ من تَرْحالِهِ
وقَدِ استَقدتُ من الهوَى وأذَقْتُهُ من عِفّتي ما ذُقتُ مِنْ بَلبالِهِ
وَلقد ذَخرْتُ لكُلّ أرْضٍ ساعَةً تَستَجفِلُ الضّرْغامَ عن أشبالِهِ
تَلقَى الوُجوهُ بها الوُجوهَ وبَيْنَها ضَرْبٌ يَجولُ الموْتُ في أجْوَالِهِ
ولقد خَبأتُ مِنَ الكَلامِ سُلافَهُ وسَقيتُ مَنْ نادَمتُ من جِرْيالِهِ
وإذا تَعَثّرَتِ الجِيادُ بسَهْلِهِ بَرّزْتُ غَيرَ مُعَثَّرٍ بِحبَالِهِ
وحَكَمتُ في البَلدِ العَرَاءِ بناعجٍ مُعتادِهِ مُجْتابِهِ مُغتالِهِ
يَمشي كَما عَدَتِ المَطيّ وَرَاءَهُ ويَزيدُ وَقْتَ جَمَامِها وكَلالِهِ
وتُراعُ غَيرَ مُعَقَّلاتٍ حَوْلَهُ فَيَفُوتُهَا مُتَجَفّلاً بعِقالِهِ
فَغَدا النّجاحُ وراحَ في أخفَافِهِ وَغَدَا المِراحُ وراحَ في إرْقالِهِ
وَشرِكْتُ دوْلَةَ هاشِمٍ في سَيفِها وشققتُ خِيس المُلكِ عن رِئبالِهِ
عن ذا الذي حُرِمَ اللّيوثُ كَمالَه يُنسِي الفريسَةَ خَوْفَهُ بجمالِهِ
وَتَواضَعُ الأمَراءُ حَوْلَ سَريرِهِ وتُري المَحَبّةَ وَهيَ من آكالِهِ
ويُميتُ قَبلَ قِتالِهِ ويَبَشُّ قَبْـ ـلَ نَوالِهِ ويُنيلُ قَبلَ سُؤالِهِ
إنّ الرّياحَ إذا عَمَدْنَ لناظِرٍ أغناهُ مُقبِلُها عَنِ اسْتِعجالِهِ
أعطَى ومَنّ على المُلُوكِ بعَفْوِهِ حتى تَسَاوَى النّاسُ في إفضالِهِ
وإذا غَنُوا بعَطائِهِ عَنْ هَزّهِ وَالَى فأغنَى أنْ يَقُولوا وَالِهِ
وكأنّما جَدْواهُ مِنْ إكْثارِهِ حَسَدٌ لسائِلِهِ على إقْلالِهِ
غرَبَ النّجومُ فغُرْنَ دونَ همومه وطَلَعنَ حينَ طَلَعنَ دونَ مَنالِهِ
والله يُسْعِدُ كلّ يوْمٍ جَدَّهُ ويزيدُ مِنْ أعدائِهِ في آلِهِ
لَوْ لم تَكُنْ تَجري على أسيافِهِ مُهَجاتُهُمْ لجَرَتْ على إقْبالِهِ
لم يَتْرُكوا أثَراً عَلَيهِ من الوَغَى إلاّ دِماءَهُمُ على سِرْبالِهِ
فَلِمِثْلِهِ جَمَعَ العَرَمْرَمُ نَفْسَهُ وبمثْلِهِ انفصَمَتْ عُرَى أقتالِهِ
يا أيّها القَمَرُ المُباهي وَجهَهُ لا تُكذَبَنّ فلستَ من أشكالِهِ
وإذا طَمَى البحرُ المُحيطُ فقُلْ لَهُ دَعْ ذا فإنّكَ عاجِزٌ عَنْ حالِهِ
وَهبَ الذي وَرِثَ الجدودَ وما رَأى أفعالَهُمْ لاِبنٍ بِلا أفْعَالِهِ
حتى إذا فَنِيَ التُّرَاثُ سِوَى العُلى قَصَدَ العُداةَ من القَنا بِطِوَالِهِ
وَبأرْعَنٍ لَبسَ العَجاجَ إلَيهِمِ فَوْقَ الحَديدِ وَجَرّ مِن أذيالِهِ
فكَأنّمَا قَذِيَ النّهَارُ بنَقْعِهِ أوْ غَضّ عَنهُ الطّرْفَ من إجلالِهِ
الجَيشُ جيشُكَ غيرَ أنّكَ جيشهُ في قَلْبِهِ وَيَمِينِهِ وشِمالِهِ
تَرِدُ الطّعانَ المُرّ عَنْ فُرْسَانِهِ وتُنازِلُ الأبطالَ عَن أبْطالِهِ
كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لحَيَاتِهِ يا مَنْ يُريدُ حَيَاتَهُ لرِجَالِهِ
دونَ الحَلاوَةِ في الزّمانِ مَرارَةٌ لا تُخْتَطَى إلاّ على أهْوالِهِ
فَلِذاكَ جاوَزَها عَليٌّ وَحْدَهُ وَسَعَى بمُنْصُلِهِ إلى آمَالِهِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
يؤمم ذا السيف آماله
يُؤمِّمُ ذا السّيفُ آمَالَهُ وَلا يَفْعَلُ السّيفَ أفْعَالَهُ
إذا سارَ في مَهْمَهٍ عَمَّهُ وَإنْ سارَ في جَبَلٍ طَالَهُ
وَأنْتَ بِمَا نُلْتَنَا مَالِكٌ يُثَمرُ مِنْ مَالِهِ مَالَهُ
كأنّكَ ما بَيْنَنَا ضَيْغَمٌ يُرَشِّحُ للفَرْسِ أشْبَالَهُ
أينفع في الخيمة العذل
أيَنفع في الخَيْمَةِ العُذّلُ وَتَشْمَلُ مَن دَهرَها يَشمَلُ
وَتَعْلُو الذي زُحَلٌ تَحْتَهُ مُحالٌ لَعَمْرُكَ مَا تُسألُ
فَلِمْ لا تَلُومُ الذي لامَهَا وَمَا فَصُّ خاتَمِهِ يَذْبُلُ
تَضِيقُ بشَخْصِكَ أرجاؤهَا وَيَركُض في الواحِدِ الجَحفَلُ
وَتَقصُرُ ما كُنتَ في جَوفِهَا وَيُركَزُ فيها القَنَا الذُّبَّلُ
وَكَيفَ تَقُومُ على راحَةٍ كَأنّ البِحارَ لَهَا أُنْمُلُ
فَلَيْتَ وَقَارَكَ فَرّقْتَهُ وَحَمّلْتَ أرضَكَ مَا تَحْمِلُ
فَصارَ الأنَامُ بِهِ سَادَةً وَسُدْتَهُمُ بالّذي يَفْضُلُ
رَأت لَونَ نُورِكَ في لَونِهَا كَلَونِ الغَزَالَةِ لا يُغْسَلُ
وَأنّ لَهَا شَرَفاً بَاذِخاً وَأنّ الخِيامَ بِها تَخجَلُ
فَلا تُنْكِرَنّ لَها صَرعَةً فَمِن فَرَحِ النّفسِ ما يَقتُلُ
وَلَو بُلّغَ النّاسُ ما بُلّغَت لخانَتْهُمُ حَولَكَ الأرجُلُ
وَلمّا أمَرتَ بتَطْنيبِهَا أُشيعَ بأنّكَ لا تَرحَلُ
فَمَا اعْتَمَدَ الله تَقْويضَهَا وَلَكِنْ أشارَ بِما تَفْعَلُ
وَعَرّفَ أنّكَ مِن هَمّهِ وَأنّكَ في نَصْرِهِ تَرفُلُ
فَمَا العَانِدُونَ وَما أثّلُوا وَمَا الحَاسِدُونَ وما قَوّلُوا
هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَا أدرَكُوا وَهُمْ يَكْذِبُونَ فمَن يَقْبَلُ
وَهُمْ يَتَمَنّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ وَمِن دونِهِ جَدُّكَ المُقْبِلُ
وَمَلْمُومَةٌ زَرَدٌ ثَوبُهَا وَلَكِنّهُ بالقَنَا مُخْمَلُ
يُفاجىءُ جَيْشاً بِهَا حَيْنُهُ وَيُنْذِرُ جَيْشاً بِهَا القَسطَلُ
جَعَلْتُكَ في القَلْبِ لي عُدّةً لأنّكَ في اليَدِ لا تُجْعَلُ
لَقَد رَفَعَ الله مِن دَولَةٍ لهَا مِنْكَ يا سَيفَها مُنصُلُ
فإن طُبِعَت قَبلَكَ المُرهَفَاتُ فإنّكَ مِن قَبْلِها المِقْصَلُ
وَإن جادَ قَبْلَكَ قَومٌ مَضَوا فإنّكَ في الكَرَمِ الأوّلُ
وَكَيْفَ تُقَصّرُ عَن غايَةٍ وَأُمّكَ مِن لَيْثِهَا مُشْبِلُ
وَقَد وَلَدَتْكَ فَقَالَ الوَرَى ألم تَكُنِ الشّمسُ لا تُنْجَلُ
فَتَبّاً لِدِينِ عَبيدِ النّجومِ وَمَن يَدّعي أنّهَا تَعْقِلُ
وَقَد عَرَفَتْكَ فَمَا بَالُهَا تَراكَ تَراهَا ولا تَنْزِلُ
وَلَو بِتُّمَا عِنْدَ قَدْرَيْكُمَا لَبِتَّ وأعْلاكُمَا الأسْفَلُ
أنَلْتَ عِبادَكَ مَا أمّلَت أنَالَكَ رَبُّكَ مَا تَأمُلُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ
ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ
أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ
وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ
متى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتَهَا لا يُتْحِفُوكَ بغَيرِ البِيضِ وَالأسَلِ
وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ أنَا الغَريقُ فَما خَوْفي منَ البَلَلِ
مَا بالُ كُلّ فُؤادٍ في عَشيرَتِهَا بهِ الذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
مُطاعَةُ اللّحْظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ لمُقْلَتَيْها عَظيمُ المُلْكِ في المُقَلِ
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِسَاتُ بهَا في مَشيِهَا فيَنَلنَ الحُسنَ بالحِيَلِ
قَدْ ذُقْتُ شِدّةَ أيّامي وَلَذّتَهَا فَمَا حَصَلتُ على صابٍ وَلا عَسَلِ
وَقَد أراني الشبابُ الرّوحَ في بَدَني وَقد أراني المَشيبُ الرّوحَ في بَدَلي
وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الحَيّ مُرْتَدِياً بصاحِبٍ غَيرِ عِزْهاةٍ وَلا غَزِلِ
فَبَاتَ بَينَ تَراقِينَا نُدَفّعُهُ ولَيسَ يَعلَمُ بالشّكوَى وَلا القُبَلِ
ثمّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ دِرْعِهَا أثَرٌ على ذُؤابَتِهِ وَالجَفْنِ وَالخِلَلِ
لا أكْسِبُ الذّكرَ إلاّ مِنْ مَضارِبه أوْ مِنْ سِنانِ أصَمِّ الكَعْبِ مُعتَدِلِ
جادَ الأميرُ بهِ لي في مَوَاهِبِهِ فَزانَهَا وَكَسَاني الدّرْعَ في الحُلَلِ
وَمِنْ عَليّ بنِ عَبْدِالله مَعْرِفَتي بحَمْلِهِ، مَنْ كَعَبدِ الله أوْ كَعَلي
مُعطي الكواعبِ وَالجُرْدِ السّلاهبِ وَالـ ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
ضاقَ الزّمانُ وَوَجهُ الأرْض عن ملِكٍ مِلءِ الزّمانِ ومِلءِ السّهْلِ وَالجبَلِ
فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ وَالبَرّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ
من تَغلِبَ الغالِبينَ النّاسَ مَنصِبُهُ وَمِن عَديٍّ أعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ
لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ
إنّ الهُمَامَ الذي فَخْرُ الأنَامِ بِهِ خيرُ السّيوفِ بكَفّيْ خيرَةِ الدّوَلِ
تُمسِي الأمانيُّ صَرْعَى دونَ مَبْلَغه فَمَا يَقُولُ لشيءٍ لَيتَ ذلكَ لي
أُنْظُرْ إذا اجتَمَعَ السّيْفانِ في رَهَجٍ إلى اختِلافِهِمَا في الخَلْقِ وَالعَمَلِ
هذا المُعَدُّ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنْصَلِتاً أعَدّ هذا لرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فالعُرْبُ منهُ معَ الكُدْرِيّ طائرَةٌ وَالرّومُ طائِرَةٌ منهُ مَعَ الحَجَلِ
وَمَا الفِرارُ إلى الأجْبالِ مِنْ أسَدٍ تَمشِي النّعَامُ به في معقِلِ الوَعِلِ
جازَ الدّروبَ إلى ما خَلْفَ خَرْشَنَةٍ وَزَالَ عَنْها وذاكَ الرّوْعُ لم يَزُلِ
فكُلّما حَلَمَتْ عذراءُ عِندَهُمُ فإنّمَا حَلَمَتْ بالسّبيِ وَالجَمَلِ
إن كنتَ تَرْضَى بأنْ يعطوا الجِزَى بذلوا منها رِضاكَ وَمَنْ للعُورِ بالحَوَلِ
نادَيتُ مَجدَكَ في شعري وَقد صَدَرَا يا غَيرَ مُنتَحَلٍ في غيرِ مُنتَحَلِ
بالشّرْقِ وَالغَرْبِ أقْوامٌ نُحِبّهُمُ فَطالِعاهُمْ وَكُونَا أبْلَغَ الرّسُلِ
وَعَرّفَاهُمْ بأنّي في مَكارِمِهِ أُقَلّبُ الطَّرْفَ بَينَ الخيلِ وَالخَوَلِ
يا أيّها المُحسِنُ المَشكورُ من جهتي وَالشكرُ من قِبَلِ الإحسانِ لا قِبَلي
ما كانَ نَوْميَ إلاّ فَوْقَ مَعْرِفَتي بأنّ رَأيَكَ لا يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ
أقِلْ أنِلْ أقْطِعِ احملْ علِّ سلِّ أعدْ زِدْ هشِّ بشِّ تفضّلْ أدنِ سُرَّ صِلِ
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
وَلاَ سَمِعْتُ وَلا غَيرِي بمُقْتَدِرٍ أذَبَّ مِنكَ لزُورِ القَوْلِ عن رَجُلِ
لأنّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تَكَلَّفُهُ ليسَ التكحّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ
وَمَا ثَنَاكَ كَلامُ النّاسِ عَنْ كَرَمٍ وَمَنْ يَسُدّ طَريقَ العارِضِ الهطِلِ
أنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ وَلا مِطالٍ وَلا وَعْدٍ وَلا مَذَلِ
أنتَ الشّجاعُ إذا ما لم يَطأ فَرَسٌ غَيرَ السَّنَوّرِ وَالأشلاءِ وَالقُلَلِ
وَرَدَّ بَعضُ القَنَا بَعضاً مُقارَعَةً كأنّها مِنْ نُفُوسِ القَوْمِ في جَدَلِ
لا زِلْتَ تضرِبُ من عاداكَ عن عُرُضٍ بعاجِلِ النّصرِ في مُستأخِرِ الأجَلِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
شديد البعد من شرب الشمول
شَديدُ البُعدِ من شرْبِ الشَّمولِ تُرُنْجُ الهِنْدِ أوْ طَلْعُ النّخيلِ
وَلكِنْ كُلّ شيءٍ فيهِ طِيبٌ لَدَيْكَ مِنَ الدّقيقِ إلى الجَليلِ
وَمَيْدانُ الفَصاحَةِ وَالقَوافي وَمُمْتَحَنُ الفَوَارِسِ وَالخُيولِ
أتَيْتُ بمَنْطِقِ العَرَبِ الأصِيلِ وَكانَ بقَدْرِ مَا عَايَنْتُ قِيلي
فَعَارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنْهُ بمَنْزِلَةِ النّسَاءِ مِنَ البُعُولِ
وَهذا الدُّرُّ مَأمُونُ التّشَظّي وَأنْتَ السّيْفُ مأمُونُ الفُلُولِ
وَلَيسَ يَصِحّ في الأفهامِ شيءٌ إذا احتَاجَ النّهارُ إلى دَليلِ
وصفت لنا ولم نره سلاحا
وَصَفْتَ لَنَا، وَلم نَرَهُ، سِلاحاً كأنّكَ وَاصِفٌ وَقْتَ النّزالِ
وَأنّ البَيْضَ صُفّ عَلى دُرُوعٍ فَشَوّقَ مَنْ رَآهُ إلى القِتَالِ
وَلَوْ أطْفَأتَ نَارَكَ تا لَدَيْهِ قَرَأتَ الخَطّ في سُودِ اللّيَالي
وَلَوْ لحَظَ الدُّمُسْتُقُ حَافَتَيْهِ لَقَلّبَ رَأيَهُ حَالاً لحَالِ
إنِ اسْتَحْسَنْتَ وَهْوَ على بِساطٍ فأحسَنُ ما يكُونُ عَلى الرّجالِ
إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا
إنْ يكُنْ صَبرُ ذي الرّزيئَةِ فَضْلا تكُنِ الأفضَلَ الأعَزّ الأجَلاّ
أنتَ يا فوْقَ أنْ تُعَزّى عنِ الأحـ ـبابِ فوْقَ الذي يُعزّيكَ عَقْلا
وَبألفاظِكَ اهْتَدَى فإذا عَزّ اكَ قَالَ الذي لَهُ قُلتَ قَبْلا
قَدْ بَلَوْتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلْواً وَسَلَكتَ الأيّامَ حَزْناً وَسَهْلا
وَقَتَلْتَ الزّمانَ عِلْماً فَمَا يُغْـ رِبُ قَوْلاً وَلا يُجَدِّدُ فِعْلا
أجِدُ الحُزْنَ فيكَ حِفْظاً وَعَقْلاً وَأرَاهُ في النّاسِ ذُعراً وجَهْلا
لَكَ إلْفٌ يَجُرّهُ وَإذا مَا كرُمَ الأصْلُ كانَ للإلْفِ أصلا
وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنْ لم يَزَلْ للوَفَاء أهْلُكَ أهْلا
إنّ خَيرَ الدّمُوعِ عَوْناً لَدَمْعٌ بَعَثَتْهُ رِعايَةٌ فاسْتَهَلاّ
أينَ ذي الرِّقّةُ التي لَكَ في الحَرْ بِ إذا استُكرِهَ الحَديدُ وَصَلاّ
أينَ خَلّفْتَهَا غَداةَ لَقِيتَ الـ ـرّومَ وَالهَامُ بالصّوارِمِ تُفْلَى
قاسَمَتْكَ المَنُونُ شَخْصَينِ جوْراً جَعَلَ القِسْمُ نَفْسَهُ فيهِ عَدْلا
فإذا قِسْتَ ما أخَذْنَ بمَا غَا دَرْنَ سرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى
وَتَيَقّنْتَ أنّ حَظّكَ أوْفَى وَتَبَيّنْتَ أنّ جَدّكَ أعْلَى
وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا
وَكَمِ انتَشْتَ بالسّيُوفِ منَ الدهـ ـرِ أسيراً وَبالنّوَالِ مُقِلاّ
عَدّها نُصرَةً عَلَيْهِ فَلَمّا صَالَ خَتْلاً رَآهُ أدرَكَ تَبْلا
كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ، أنْتَ تُبْليـ ـهِ وَتَبْقى في نِعْمَةٍ لَيسَ تَبْلَى
وَلَقَدْ رَامَكَ العُداةُ كَمَا رَا مَ فلَمْ يجرَحوا لشَخصِكَ ظِلاّ
وَلَقَدْ رُمْتَ بالسّعادَةِ بَعْضاً من نُفُوسِ العِدى فأدركتَ كُلاّ
قارَعَتْ رُمحَكَ الرّماحُ وَلَكِنْ تَرَكَ الرّامحِينَ رُمحُكَ عُزْلا
لوْ يكونُ الذي وَرَدْتَ من الفَجْـ ـعَةِ طَعناً أوْرَدْتَهُ الخَيلَ قُبْلا
وَلَكَشّفْتَ ذا الحَنينَ بضَرْبٍ طالمَا كَشّفَ الكُرُوبَ وجَلّى
خِطْبَةٌ للحِمامِ لَيسَ لهَا رَدٌّ وَإنْ كانَتِ المُسمّاةَ ثُكْلا
وَإذا لم تَجِدْ مِنَ النّاسِ كُفأً ذاتُ خِدْرٍ أرَادَتِ المَوْتَ بَعلا
وَلَذيذُ الحَيَاةِ أنْفَسُ في النّفْـ ـسِ وَأشهَى من أنْ يُمَلّ وَأحْلَى
وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ مَلاّ
آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى
أبَداً تَسْتَرِدّ مَا تَهَبُ الدّنْـ ـيَا فَيا لَيتَ جُودَها كانَ بُخْلا
فكفَتْ كوْنَ فُرْحةٍ تورِثُ الغمّ وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجْدَ خِلاّ
وَهيَ مَعشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْـ ـفَظُ عَهْداً وَلا تُتَمّمُ وَصْلا
كُلُّ دَمْعٍ يَسيلُ مِنهَا عَلَيْها وَبِفَكّ اليَدَينِ عَنْها تُخَلّى
شِيَمُ الغَانِيَاتِ فِيها فَمَا أدْ ري لذا أنّثَ اسْمَها النّاسُ أم لا
يا مَليكَ الوَرَى المُفَرِّقَ مَحْياً وَمَمَاتاً فيهِمْ وَعِزّاً وَذُلاّ
قَلّدَ الله دَوْلَةً سَيْفُهَا أنْـ ـتَ حُساماً بالمَكْرُماتِ مُحَلّى
فَبِهِ أغْنَتِ المَوَاليَ بَذْلاً وَبِهِ أفْنَتِ الأعاديَ قَتْلا
وَإذا اهْتَزّ للنّدَى كانَ بَحراً وَإذا اهْتَزّ للرّدَى كان نَصْلا
وَإذا الأرْضُ أظلمتْ كانَ شَمساً وَإذا الأرْضُ أمحَلَتْ كانَ وَبْلا
وَهوَ الضّارِبُ الكَتيبَةَ وَالطّعْـ ـنَةُ تَغْلُو وَالضّرْبُ أغلى وَأغلَى
أيّهَا البَاهِرُ العُقُولَ فَمَا تُدْ رَكُ وَصْفاً أتعَبْتَ فكري فمَهْلا
مَنْ تَعَاطَى تَشَبّهاً بِكَ أعْيَا هُ وَمَنْ دَلّ في طَرِيقِكَ ضَلا
وَإذا ما اشتَهَى خُلُودَكَ داعٍ قالَ لا زُلتَ أوْ ترَى لكَ مِثْلا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
دروع لملك الروم هذي الرسائل
دُرُوعٌ لمَلْكِ الرّومِ هذي الرّسائِلُ يَرُدّ بهَا عَنْ نَفْسِهِ وَيُشَاغِلُ
هيَ الزّرَدُ الضّافي علَيْهِ وَلَفْظُها عَلَيْكَ ثَنَاءٌ سَابِغٌ وَفَضائِلُ
وَأنّى اهْتَدَى هذا الرّسُولُ بأرْضِهِ وَما سكَنَتْ مذْ سرْتَ فيها القساطِلُ
وَمن أيّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ وَلم تَصْفُ مِن مَزْجِ الدّماءِ المَناهِلُ
أتَاكَ يكادُ الرّأسُ يَجْحَدُ عُنقَهُ وَتَنْقَدّ تحتَ الدّرْعِ منهُ المَفَاصِلُ
يُقَوِّمُ تَقْوِيمُ السِّماطَينِ مَشْيَهُ إلَيكَ إذا ما عَوّجَتْهُ الأفَاكِلُ
فَقَاسَمَكَ العَينَينِ منهُ وَلَحْظَهُ سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الذي لا تُزَايِلُ
وَأبصَرَ منكَ الرّزْقَ وَالرّزْقُ مُطمِعٌ وَأبصَرَ منهُ المَوْتَ وَالمَوْتُ هَائِلُ
وَقَبّلَ كُمّاً قَبّلَ التُّرْبَ قَبْلَهُ وَكُلُّ كَميٍّ وَاقِفٌ مُتَضائِلُ
وَأسْعَدُ مُشتاقٍ وَأظْفَرُ طَالِبٍ هُمَامٌ إلى تَقبيلِ كُمّكَ وَاصِلُ
مَكانٌ تَمنّاهُ الشّفَاهُ وَدونَهُ صُدورُ المَذاكي وَالرّماحُ الذّوَابِلُ
فَما بَلّغَتْهُ ما أرَادَ كَرامَةٌ عَلَيْكَ وَلَكِنْ لم يخِبْ لكَ سائِلُ
وَأكْبَرَ مِنْهُ هِمّةً بَعَثَتْ بِهِ إلَيْكَ العِدى وَاستَنظَرَته الجَحافِلُ
فأقْبَلَ مِنْ أصْحابِهِ وَهوَ مُرْسَلٌ وَعادَ إلى أصْحابِهِ وَهْوَ عاذِلُ
تَحَيّرَ في سَيْفٍ رَبيعَةُ أصْلُهُ وَطابِعُهُ الرّحْم?نُ وَالمَجدُ صاقِلُ
وَمَا لَوْنُهُ مِمّا تُحَصّلُ مُقْلَةٌ وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأنامِلُ
إذا عايَنَتْكَ الرُّسْلُ هانَتْ نُفُوسُها عَلَيْها وَما جاءَتْ بهِ وَالمُرَاسِلُ
رَجَا الرّومُ مَنْ تُرْجى النّوَافلُ كلّها لَدَيهِ وَلا تُرْجى لدَيهِ الطّوَائِلُ
فإنْ كانَ خوْفُ القَتلِ وَالأسرِ ساقَهم فقَد فعَلوا ما القَتلُ وَالأسرُ فاعِلُ
فخافُوكَ حتى ما لقَتلٍ زِيادَةٌ وَجاؤوكَ حتى ما تُرَادُ السّلاسِلُ
أرَى كُلَّ ذي مُلْكٍ إلَيكَ مَصِيرُهُ كأنّكَ بَحْرٌ وَالمُلُوكُ جَداوِلُ
إذا مَطَرَتْ مِنهُمْ ومنكَ سَحائِبٌ فَوَابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وَابِلُ
كريمٌ متى اسْتُوهِبْتَ ما أنتَ رَاكبٌ وَقد لَقِحتْ حَرْبٌ فإنّكَ نازِلُ
أذا الجُودِ أعْطِ النّاسَ ما أنتَ مالكٌ وَلا تُعْطِيَنّ النّاسَ ما أنَا قائِلُ
أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ
لِساني بنُطْقي صامِتٌ عنهُ عادِلٌ وَقَلبي بصَمتي ضاحِكٌ منهُ هازِلُ
وَأتْعَبُ مَنْ ناداكَ مَنْ لا تُجيبُهُ وَأغيَظُ مَنْ عاداكَ مَن لا تُشاكلُ
وَما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ
وَأكْبَرُ تيهي أنّني بكَ وَاثِقٌ وَأكْثَرُ مالي أنّني لَكَ آمِلُ
لَعَلّ لسَيْفِ الدّوْلَةِ القَرْمِ هَبّةً يَعيشُ بها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ
رَمَيْتُ عِداهُ بالقَوافي وَفَضْلِهِ وَهُنّ الغَوَازي السّالماتُ القَوَاتِلُ
وقَدْ زَعَمُوا أنّ النّجومَ خَوالِدٌ وَلَوْ حارَبَتْهُ نَاحَ فيها الثّواكِلُ
وَمَا كانَ أدْناها لَهُ لَوْ أرَادَهَا وَألْطَفَهَا لَوْ أنّهُ المُتَنَاوِلُ
قَريبٌ عَلَيْهِ كُلُّ ناءٍ على الوَرَى إذا لَثّمَتْهُ بالغُبَارِ القَنَابِلُ
تُدَبّرُ شرْقَ الأرْض وَالغرْبَ كَفُّهُ وَلَيسَ لها وَقْتاً عنِ الجُودِ شَاغِلُ
يُتَبِّعُ هُرّابَ الرّجالِ مُرَادَهُ فَمَنْ فَرّ حَرْباً عارَضَتْهُ الغَوَائِلُ
وَمَنْ فَرّ مِنْ إحْسَانِهِ حَسَداً لَهُ تَلَقّاهُ منْهُ حَيثُما سارَ نَائِلُ
فَتًى لا يَرَى إحْسانَهُ وَهْوَ كامِلٌ لهُ كامِلاً حتى يُرَى وهوَ شَامِلُ
إذا العَرَبُ العَرْباءُ رَازَتْ نُفُوسَها فأنْتَ فَتَاهَا وَالمَليكُ الحُلاحِلُ
أطاعَتْكَ في أرْوَاحِهَا وَتَصَرّفَتْ بأمرِكَ وَالتَفّتْ عَلَيْكَ القَبَائِلُ
وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَا مَدَدٌ لَهُ وَما يَنكُتُ الفُرْسانَ إلاّ العَوَامِلُ
رَأيتُك لوْ لم يَقتَضِ الطّعنُ في الوَغى إلَيكَ انقِياداً لاقتَضَتْهُ الشّمائِلُ
وَمَنْ لم تُعَلّمْهُ لكَ الذّلَّ نَفْسُهُ منَ النّاسِ طُرّاً عَلّمَتْهُ المَناصِلُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
ليالي بعد الظاعنين شكول
لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ
يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ
وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ
يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ
أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ
ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ
لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ
وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ
وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ کثّارَ عاشِقٌ ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ
وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ
رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ
شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ
وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ
هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ
وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ
فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ
على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ
فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ
سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ
وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ
وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ
فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ
تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ
وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ
وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ
وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ
يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ
تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ
وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ
طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ
تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ
وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ
وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ
وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ
لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ
فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ
وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ
فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ
جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ
فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ
على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ
لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ
نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ
بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ
أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ
إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ
إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ
وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ
فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ
إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ
أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ
وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ
أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ
سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ
وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ
وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ
يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ
فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ
يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ
شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ
فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ
لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أحببت برك إذ أردت رحيلا
أحْبَبْتُ بِرّكَ إذْ أرَدْتَ رَحيلا فوَجَدْتُ أكثرَ ما وَجَدْتُ قَليلا
وَعَلِمْتُ أنّكَ في المَكارِمِ رَاغِبٌ صَبٌّ إلَيْها بُكْرَةً وَأصِيلا
فَجَعَلْتُ مَا تُهْدِي إليّ هَدِيّةً مِني إلَيْكَ وَظَرْفَها التّأمِيلا
بِرٌّ يَخِفّ عَلى يَدَيْكَ قَبُولُهُ وَيَكُونُ مَحْمِلُهُ عَليّ ثَقِيلا
ذي المعالي فليعلون من تعالى
ذي المَعَالي فلْيَعْلُوَنْ مَن تَعَالى هَكَذا هَكَذا وَإلاّ فَلا لا
شَرَفٌ يَنْطِحُ النّجومَ برَوْقَيْـ ـهِ وَعِزٌّ يُقَلْقِلُ الأجْبَالا
حَالُ أعْدائِنَا عَظيمٌ وَسَيْفُ الـ ـدّوْلَةِ ابنُ السّيوفِ أعظَمُ حالا
كُلّما أعْجَلُوا النّذيرَ مَسيراً أعجَلَتْهُمْ جِيادُهُ الإعجَالا
فأتَتْهُمْ خَوَارِقَ الأرْضِ ما تحـ ـمِلُ إلاّ الحَديدَ وَالأبْطالا
خَافِياتِ الألْوانِ قَدْ نَسَجَ النّقـ ـعُ عَلَيْهَا بَرَاقِعاً وَجِلالا
حَالَفَتْهُ صُدُورُهَا وَالعَوَالي لَتَخُوضَنّ دُونَهُ الأهْوَالا
وَلَتَمْضِنّ حَيثُ لا يَجِدُ الرّمـ ـحُ مَداراً وَلا الحصانُ مَجَالا
لا ألُومُ ابنَ لاوُنٍ مَلِكَ الرّو م وَإنْ كانَ ما تَمَنّى مُحَالاَ
أقْلَقَتْهُ بَنِيّةٌ بَينَ أُذْنَيْـ ـهِ وَبَانٍ بَغَى السّماءَ فَنَالا
كُلّما رَامَ حَطّها اتّسَعَ البَنْـ ـيُ فَغَطّى جَبينَهُ وَالقَذالا
يَجْمَعُ الرّومَ وَالصَّقالِبَ وَالبُلْـ ـغَارَ فيهَا وَتَجْمَعُ الآجَالا
وَتُوافيهِمِ بها في القَنَا السُّمْـ ـرِ كمَا وَافَتِ العِطاشُ الصِّلالا
قَصَدوا هَدْمَ سُورِهَا فَبَنَوْهُ وَأتَوْا كَيْ يُقَصّرُوهُ فَطَالا
وَاستَجَرّوا مكايِدَ الحَرْبِ حتى تَرَكُوها لهَا عَلَيْهِمْ وَبَالا
رُبّ أمْرٍ أتَاكَ لا تَحْمَدُ الفَعّـ ـالَ فيهِ وَتَحْمَدُ الأفْعَالا
وَقِسِيٍّ رُمِيتَ عَنها فَرَدّتْ في قُلُوبِ الرّماةِ عَنكَ النّصَالا
أخذوا الطُّرْقَ يَقطَعُونَ بها الرّسْـ ـلَ فَكانَ انقِطاعُهَا إرْسَالا
وَهُمُ البَحْرُ ذو الغَوَارِبِ إلاّ أنّهُ صَارَ عندَ بحرِكَ آلا
مَا مَضَوْا لم يُقاتِلُوكَ وَلَكِـ ـنّ القِتالَ الذي كَفاكَ القِتَالا
وَالذي قَطّعَ الرّقابَ مِنَ الضّرْ بِ بكَفّيْكَ قَطّعَ الآمَالا
وَالثّباتُ الذي أجادوا قَديماً عَلّمَ الثّابِتِينَ ذا الإجْفَالا
نَزَلُوا في مَصَارِعٍ عَرَفُوهَا (يَنْدُبُونَ الأعْمَامَ وَالأخْوَالا
تَحْمِلُ الرّيحُ بَيْنَهُمْ شَعَرَ الهَا مِ وَتَذْرِي عَلَيهِمِ الأوْصَالا
تُنْذِرُ الجِسْمَ أنْ يَقُومَ لَدَيها فتُريهِ لِكُلّ عُضْوٍ مِثَالا
أبْصَرُوا الطّعنَ في القلوبِ دِراكاً قَبلَ أنْ يُبصِرُوا الرّماحَ خَيَالا
وَإذا حاوَلَتْ طِعانَكَ خَيْلٌ أبْصَرتْ أذْرُعَ القَنَا أمْيَالا
بَسَطَ الرّعبُ في اليَمينِ يَميناً فَتَوَلّوْا وَفي الشّمالِ شِمَالا
يَنفُضُ الرّوْعُ أيدياً ليسَ تدري أسُيُوفاً حَمَلْنَ أمْ أغْلالا
وَوُجوهاً أخافَها مِنكَ وَجْهٌ تَرَكَتْ حُسْنَهَا لَهُ وَالجَمَالا
وَالعِيانُ الجَليُّ يُحْدِثُ للظّـ ـنّ زَوالاً وَللمُرادِ انْتِقالا
وَإذا ما خَلا الجَبَانُ بأرْضٍ طَلَبَ الطّعْنَ وَحدَهُ وَالنّزَالا
أقْسَمُوا لا رَأوْكَ إلاّ بقَلْبٍ طَالَما غَرّتِ العُيُونُ الرّجَالا
أيُّ عَيْنٍ تَأمّلَتْكَ فَلاقَتْـ ـكَ وَطَرْفٍ رَنَا إلَيْكَ فَآلا
مَا يَشُكُّ اللّعِينُ في أخْذِكَ الجَيـ ـشَ فَهَلْ يَبعَثُ الجُيوشَ نَوَالا
مَا لمَنْ يَنصِبُ الحَبَائِلَ في الأرْ ضِ وَمَرْجاهُ أن يَصِيدَ الهِلالا
إنّ دونَ التي على الدّرْبِ وَالأحْـ ـدَبِ وَالنّهْرِ مِخلَطاً مِزْيَالا
غَصَبَ الدّهْرَ وَالمُلُوكَ عَلَيْها فَبَناهَا في وَجنَةِ الأرْضِ خَالا
فهيَ تمشي مَشْيَ العَرُوسِ اختِيالاً وَتَثَنّى عَلى الزّمَانِ دَلالا
وَحَمَاهَا بكُلّ مُطّرِدِ الأكْـ ـعُبِ جَوْرَ الزّمَانِ وَالأوْجَالا
وَظُبىً تَعْرِفُ الحَرامَ مِنَ الحِـ ـلّ فَقَدْ أفنَتِ الدّمَاءَ حَلالا
في خَميسٍ مِنَ الأُسودِ بَئيسٍ يَفْتَرِسْنَ النّفُوسَ وَالأمْوَالا
إنّمَا أنْفُسُ الأنِيسِ سِبَاعٌ يَتَفَارَسْنَ جَهْرَةً وَاغْتِيالا
مَنْ أطاقَ التِماسَ شيءٍ غِلاباً وَاغْتِصاباً لم يَلْتَمِسْهُ سُؤالا
كُلُّ غادٍ لحَاجَةٍ يَتَمَنّى أنْ يكونَ الغَضَنْفَرَ الرّئْبَالا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
ما لنا كلنا جو يا رسول
مَا لَنَا كُلُّنَا جَوٍ يا رَسُولُ أنَا أهْوَى وَقَلبُكَ المَتْبُولُ
كُلّما عادَ مَن بَعَثْتُ إلَيْهَا غَارَ منّي وَخَانَ فِيمَا يَقُولُ
أفْسَدَتْ بَيْنَنَا الأمَانَاتِ عَيْنَا هَا وَخَانَتْ قُلُوبَهُنّ العُقُولُ
تَشتَكي ما اشتكَيتُ مِن ألمِ الشّوْ قِ إلَيها وَالشّوْقُ حَيثُ النُّحولُ
وَإذا خامَرَ الهَوَى قَلبَ صَبٍّ فَعَلَيْهِ لِكُلّ عَينٍ دَلِيلُ
زَوِّدينَا من حُسنِ وَجْهِكِ ما دا مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حَالٌ تحُولُ
وَصِلِينَا نَصِلْكِ في هَذِهِ الدّنـ ـيَا فإنّ المُقَامَ فيها قَليلُ
مَنْ رَآهَا بعَيْنِها شَاقَهُ القُطّـ ـانُ فيهَا كمَا تَشُوقُ الحُمُولُ
إنْ تَرَيْني أدِمْتُ بَعْدَ بَيَاضٍ فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُّبُولُ
صَحِبَتْني على الفَلاةِ فَتَاةٌ عادَةُ اللّوْنِ عندَها التّبديلُ
سَتَرَتْكِ الحِجالُ عَنهَا وَلكِنْ بكِ مِنهَا منَ اللَّمَى تَقبيلُ
مِثْلُهَا أنتِ لَوّحَتْني وَأسْقَمْـ ـتِ وَزَادَتْ أبْهاكُما العُطْبُولُ
نَحْنُ أدْرَى وَقد سألْنَا بِنَجْدٍ أطَوِيلٌ طَرِيقُنَا أمْ يَطُولُ
وَكَثيرٌ مِنَ السّؤالِ اشْتِيَاقٌ وَكَثِيرٌ مِنْ رَدّهِ تَعْليلُ
لا أقَمْنَا عَلى مَكانٍ وَإنْ طَا بَ وَلا يُمكِنُ المكانَ الرّحيلُ
كُلّمَا رَحّبَتْ بنا الرّوْضُ قُلْنَا حَلَبٌ قَصْدُنَا وَأنْتِ السّبيلُ
فِيكِ مَرْعَى جِيادِنَا وَالمَطَايَا وَإلَيْهَا وَجِيفُنَا وَالذّميلُ
وَالمُسَمَّوْنَ بالأمِيرِ كَثِيرٌ وَالأمِيرُ الذي بها المَأمُولُ
ألّذِي زُلْتُ عَنْهُ شَرْقاً وَغَرْباً وَنَداهُ مُقابِلي مَا يَزُولُ
وَمعي أيْنَمَا سَلَكْتُ كَأنّي كُلُّ وَجْهٍ لَهُ بوَجْهي كَفِيلُ
وَإذا العَذْلُ في النّدَى زَارَ سَمْعاً فَفَداهُ العَذُولُ وَالمَعْذُولُ
وَمَوَالٍ تُحْيِيهِمِ مِنْ يَدَيْهِ نِعَمٌ غَيْرُهُمْ بهَا مَقْتُولُ
فَرَسٌ سابِحٌ وَرُمْحٌ طَوِيلٌ وَدِلاصٌ زَغْفٌ وَسَيفٌ صَقيلُ
كُلّمَا صَبّحَتْ دِيارَ عَدُوٍّ قالَ تِلكَ الغُيوثُ هذي السّيولُ
دَهِمَتْهُ تُطايِرُ الزّرَدَ المُحْـ ـكَمَ عَنْهُ كَمَا يَطيرُ النّسيلُ
تَقنِصُ الخَيلَ خَيلُهُ قنَصَ الوَحـ ـشِ وَيَستأسرُ الخَميسَ الرّعيلُ
وَإذا الحَرْبُ أعرَضَتْ زَعَمَ الهَوْ لُ لِعَيْنَيْهِ أنّهُ تَهْوِيلُ
وَإذا صَحّ فالزّمانُ صَحيحٌ وَإذا اعْتَلّ فالزّمانُ عَليلُ
وَإذا غابَ وَجْهُهُ عَنْ مَكانٍ فَبِهِ مِنْ ثَنَاهُ وَجْهٌ جَميلُ
لَيسَ إلاّكَ يا عَليُّ هُمَامٌ سَيْفُهُ دونَ عِرْضِهِ مَسْلُولُ
كَيفَ لا تأمَنُ العِراقُ وَمِصْرٌ وَسَرَاياكَ دونَهَا وَالخُيُولُ
لَوْ تَحَرّفْتَ عَن طَرِيقِ الأعادي رَبَطَ السِّدْرُ خَيلَهُمْ وَالنّخيلُ
وَدَرَى مَنْ أعَزّهُ الدّفعُ عَنهُ فيهِمَا أنّهُ الحَقِيرُ الذّليلُ
أنتَ طُولَ الحَيَاةِ للرّومِ غازٍ فَمَتى الوَعْدُ أن يكونَ القُفولُ
وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ فَعَلَى أيّ جَانِبَيْكَ تَمِيلُ
قَعَدَ النّاسُ كُلُّهُمْ عَنْ مَساعيـ ـكَ وَقامتْ بها القَنَا وَالنُّصُولُ
ما الذي عِنْدَهُ تُدارُ المَنَايَا كالّذي عِندَهُ تُدارُ الشَّمولُ
لَسْتُ أرْضَى بأنْ تكُونَ جَوَاداً وَزَمَاني بأنْ أرَاكَ بَخيلُ
نَغّصَ البُعدُ عَنكَ قُرْبَ العَطايا مَرْتَعي مُخصِبٌ وَجِسمي هَزِيلُ
إنْ تَبَوّأتُ غَيرَ دُنْيَايَ داراً وَأتَاني نَيْلٌ فَأنْتَ المُنيلُ
فمِن عَبيدي إنْ عِشتَ لي ألفُ كافو رٍ وَلي مِن نَداكَ رِيفٌ ونِيلُ
مَاأُبالي إذا اتّقَتْكَ اللّيَالي مَنْ دَهَتْهُ حُبُولُها وَالْخُبُولُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا
أحْيَا وَأيْسَرُ مَا قاسَيْتُ ما قَتَلا وَالبَينُ جارَ على ضُعْفي وَمَا عَدَلا
وَالوَجدُ يَقوَى كما تَقوَى النّوَى أبداً وَالصّبرُ يَنحلُ في جسمي كما نَحِلا
لَوْلا مُفارَقَةُ الأحبابِ ما وَجَدَتْ لهَا المَنَايَا إلى أرْوَاحِنَا سُبُلا
بمَا بجفْنَيْكِ من سِحْرٍ صِلي دَنِفاً يهوَى الحيَاةَ وَأمّا إنْ صَدَدتِ فَلا
إلاّ يَشِبْ فَلَقَدْ شابَتْ لَهُ كبدٌ شَيْباً إذا خَضَبَتْهُ سَلْوَةٌ نَصَلا
يَحِنّ شَوْقاً فَلَوْلا أنّ رَائِحَةً تَزورُهُ مِن رِياحِ الشّرْقِ مَا عَقَلا
هَا فانْظُري أوْ فَظُنّي بي تَريْ حُرَقاً مَن لم يَذُقْ طَرَفاً منها فقدْ وَألا
عَلّ الأميرَ يَرَى ذُلّي فيَشْفَعَ لي إلى التي تَركَتْني في الهَوَى مَثَلا
أيْقَنْتُ أنّ سَعيداً طَالِبٌ بدَمي لمّا بَصُرْتُ بهِ بالرّمْحِ مُعْتَقِلا
وأنّني غَيرُ مُحْصٍ فَضْلَ والِدِهِ وَنَائِلٌ دونَ نَيْلي وَصْفَهُ زُحَلا
قَيْلٌ بمَنْبِجَ مَثْواهُ ونَائِلُهُ في الأفْقِ يَسألُ عَمّنْ غيرَهُ سألا
يَلوحُ بَدْرُ الدّجى في صَحنِ غُرّتِهِ وَيَحْمِلُ الموتُ في الهيجاء إن حمَلا
تُرَابُهُ في كِلابٍ كُحْلُ أعْيُنِهَا وَسَيْفُهُ في جَنَابٍ يَسْبِقُ العَذَلا
لنُورِهِ في سَمَاءِ الفَخْرِ مُخْتَرَقٌ لوْ صاعدَ الفكرَ فيهِ الدّهرَ ما نَزَلا
هُوَ الأميرُ الذي بَادَتْ تَميمُ بهِ قِدْماً وساقَ إليْها حَيْنُهَا الأجَلا
لمّا رَأوْهُ وَخَيْلُ النّصْرِ مُقْبِلَةٌ وَالحَرْبُ غَيرُ عَوَانٍ أسلموا الحِلَلا
وَضاقَتِ الأرْضُ حتى كانَ هارِبُهمْ إذا رَأى غَيرَ شيءٍ ظَنّهُ رَجُلا
فَبَعْدَهُ وإلى ذا اليَوْمِ لوْ رَكَضَتْ بالخَيْلِ في لهَوَاتِ الطّفلِ ما سَعَلا
فَقَدْ تركْتَ الأُلى لاقَيْتَهُمْ جَزَراً وَقَد قَتَلتَ الأُلى لم تَلْقَهُمْ وَجَلا
كَمْ مَهْمَهٍ قَذَفٍ قَلبُ الدّليلِ به قَلْبُ المُحِبّ قَضاني بعدما مَطَلا
عَقَدْتُ بالنّجْمِ طَرْفي في مَفاوِزِهِ وَحُرَّ وَجْهي بحَرّ الشّمسِ إذْ أفَلا
أوْطَأتُ صُمَّ حَصاها خُفَّ يَعْمَلَةٍ تَغَشْمَرَتْ بي إليكَ السهلَ وَالجَبَلا
لوْ كنتَ حشوَ قَميصي فوْقَ نُمرُقهَا سَمِعْتَ للجنّ في غيطانهَا زَجَلا
حتى وَصَلْتُ بنَفْسٍ ماتَ أكثرُها وَلَيْتَني عِشْتُ مِنْهَا بالّذي فَضَلا
أرْجو نَداكَ وَلا أخشَى المِطالَ بهِ يا مَنْ إذا وَهَبَ الدّنْيا فقَد بخِلا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
فقد شغل الناس كثرة الأمل
فقَدْ شَغَلَ النّاسَ كَثرَةُ الأمَلِ وَأنْتَ بالمَكْرُمَاتِ في شُغُلِ
تَمَثّلُوا حَاتِماً وَلَوْ عَقَلُوا لَكُنْتَ في الجُودِ غايَةَ المَثَلِ
أهْلاً وَسَهْلاً بما بَعَثْتَ بهِ إيهاً أبا قاسِمٍ وبالرّسُلِ
هَدِيّةٌ مَا رَأيْتُ مُهْديَها إلاّ رَأيْتُ العِبَادَ في رَجُلِ
أقَلُّ مَا في أقَلّهَا سَمَكٌ يَسْبَحُ في بِرْكَةٍ مِنَ العَسَلِ
كَيفَ أُكَافي عَلى أجَلّ يَدٍ مَنْ لا يَرَى أنّهَا يَدٌ قِبَلي
قفا تريا ودقي فهاتا المخايل
قِفَا تَرَيَا وَدْقي فَهَاتَا المَخايِلُ وَلا تَخْشَيا خُلْفاً لِما أنَا قائِلُ
رَماني خساسُ النّاس من صائبِ استِهِ وآخَرَ قُطْنٌ من يَدَيهِ الجَنَادِلُ
وَمن جاهلٍ بي وَهْوَ يَجهَلُ جَهلَهُ وَيَجْهَلُ عِلمي أنّهُ بيَ جاهِلُ
وَيَجْهَلُ أنّي مالكَ الأرْضِ مُعسِرٌ وَأنّي على ظَهرِ السِّماكَينِ رَاجِلُ
تُحَقِّرُ عِندي هِمّتي كُلَّ مَطلَبٍ وَيَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ
وما زِلْتُ طَوْداً لا تَزُولُ مَنَاكبي إلى أنْ بَدَتْ للضّيْمِ فيّ زَلازِلُ
فقَلْقَلْتُ بالهَمّ الذي قَلْقَلَ الحَشَا قَلاقِلَ عِيسٍ كُلّهُنّ قَلاقِلُ
إذا اللّيْلُ وَارَانَا أرَتْنا خِفافُها بقَدحِ الحَصَى ما لا تُرينا المَشاعِلُ
كأنّي منَ الوَجْناءِ في ظَهرِ مَوْجَةٍ رَمَتْ بي بحاراً ما لَهُنّ سَواحِلُ
يُخَيَّلُ لي أنّ البِلادَ مَسَامِعي وأنّيَ فيها ما تَقُولُ العَواذِلُ
وَمَنْ يَبغِ ما أبْغي مِنَ المَجْدِ والعلى تَسَاوَ المَحايي عِنْدَهُ وَالمَقاتِلُ
ألا لَيسَتِ الحاجاتُ إلاّ نُفُوسَكمْ وَلَيسَ لَنا إلاّ السّيوفَ وَسائِلُ
فَمَا وَرَدَتْ رُوحَ امرىءٍ رُوحُهُ له وَلا صَدَرَتْ عن باخِلٍ وَهوَ باخِلُ
غَثَاثَةُ عَيشي أنْ تَغَثّ كَرامَتي وَلَيسَ بغَثٍّ أنْ تَغَثّ المَآكلُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
صلة الهجر لي وهجر الوصال
صِلَةُ الهَجْرِ لي وهَجرُ الوِصالِ نَكَساني في السُّقمِ نُكسَ الهِلالِ
فَغَدا الجِسْمُ ناقِصاً والذي يَنْـ ـقُصُ مِنْهُ يَزيدُ في بَلْبَالي
قِفْ على الدِّمْنَتَينِ بِالدَّوِّ من رَيّـ ـا كَخالٍ في وجنةٍ جنبَ خالِ
بطُلُولٍ كأنّهُنّ نُجُومٌ في عِراصٍ كأنّهُنّ لَيَالِ
وَنُؤيٍّ كأنّهُنّ عَلَيْهِـ ـنّ خِدامٌ خُرْسٌ بسُوقٍ خِدالِ
لا تَلُمْني فإنّني أعْشَقُ العُشّـ ـاقِ فيها يا أعْذَلَ العُذّالِ
ما تُريدُ النّوَى منَ الحَيّةِ الذوّ اقِ حَرَّ الفَلا وبَرْدَ الظّلالِ
فهوَ أمضَى في الرّوْعِ من مَلَكِ الموْ تِ وأسرَى في ظُلمةٍ من خيالِ
ولحَتْفٍ في العِزّ يَدْنُو مُحِبٌّ ولعُمْرٍ يَطُولُ في الذّلّ قالِ
نحنُ رَكْبٌ مِلْجِنِّ في زيّ ناسٍ فوْقَ طَيرٍ لها شخوصُ الجِمالِ
من بَناتِ الجَديلِ تَمشي بنا في الـ ـبيدِ مَشْيَ الأيّامِ في الآجالِ
كُلُّ هَوْجاءَ للدّياميمِ فيها أثَرُ النّارِ في سَليطِ الذُّبَالِ
عامِداتٍ للبَدْرِ والبَحْرِ والضِّرْ غامَةِ ابنِ المُبارَكِ المِفْضالِ
مَنْ يَزُرْهُ يَزُرْ سُلَيْمانَ في الملْـ ـكِ جَلالاً ويُوسُفاً في الجَمَالِ
ورَبيعاً يُضاحِكُ الغَيثُ فيهِ زَهَرَ الشّكْرِ من رِياضِ المَعالي
نَفَحَتْنَا منهُ الصَّبَا بنَسيمٍ رَدّ روحاً في مَيّتِ الآمَالِ
هَمُّ عَبدِ الرّحم?نِ نَفعُ المَوالي وبَوارُ الأعْداءِ والأمْوالِ
أكبرُ العَيبِ عندَهُ البُخلُ والطّعْـ ـنُ عَلَيْهِ التّشْبيهُ بالرّئْبَالِ
والجِراحاتُ عِندَهُ نِعَمَاتٌ سُبِقَتْ قَبلَ سَيْبِهِ بِسُؤالِ
ذا السّراجُ المُنِيرُ هذا النّقيُّ الـ ـجَيْبِ هذا بَقِيّةُ الأبْدالِ
فَخُذا ماءَ رِجْلِهِ وانْضِحا في الـ ـمُدْنِ تأمَنْ بَوائِقَ الزّلْزَالِ
وامْسَحَا ثَوْبَهُ البَقيرَ على دا ئِكُما تُشْفَيَا مِنَ الإعْلالِ
مالِئاً مِنْ نَوالِهِ الشّرْقَ والغَرْ بَ ومن خَوْفِهِ قُلوبَ الرّجالِ
قابِضاً كَفّهُ اليَمينَ على الدّنْـ ـيَا ولَوْ شاءَ حازَها بالشّمالِ
نَفْسُهُ جَيْشُهُ وتَدْبيرُهُ النّصْـ ـرُ وألحاظُهُ الظُّبَى والعَوالي
ولَهُ في جَماجِمِ المالِ ضَرْبٌ وَقْعُهُ في جَماجِمِ الأبْطالِ
فَهُمُ لاتّقائِهِ الدّهْرَ في يَوْ مِ نِزالٍ ولَيسَ يَوْمُ نِزالِ
رَجُلٌ طِينُهُ منَ العَنبَرِ الوَرْ دِ وطينُ العِبادِ مِنْ صَلْصَالِ
فَبَقِيّاتُ طِينِهِ لاقَتِ المَا ءَ فَصارَتْ عُذوبَةً في الزُّلالِ
وبَقايا وقارِهِ عافَتِ النّا سَ فصارَتْ رَكانَةً في الجِبالِ
لَستُ ممّنْ يَغُرّهُ حُبُّكَ السِّلْـ ـمَ وأنْ لا تَرَى شُهودَ القِتالِ
ذاكَ شيءٌ كَفاكَهُ عَيشُ شانيـ ـكَ ذَليلاً وقِلّةُ الأشْكالِ
واغْتِفارٌ لَوْ غَيَّرَ السُّخطُ منْهُ جُعِلَتْ هامُهُمْ نِعالَ النّعالِ
لجِيادٍ يَدْخُلْنَ في الحَرْبِ أعرا ءً ويخرُجنَ مِن دَمٍ في جِلالِ
واسْتَعارَ الحَديدُ لَوْناً وألْقَى لَوْنَهُ في ذَوائِبِ الأطْفالِ
أنتَ طَوراً أمَرُّ مِنْ ناقِعِ السّمّ وطَوْراً أحْلى مِنَ السّلْسالِ
إنّما النّاسُ حَيثُ أنْتَ وما النّا سُ بناسٍ في مَوْضِعٍ منكَ خالِ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
بقائي شاء ليس هم ارتحالا
بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ ارْتِحالا وحُسْنَ الصّبرِ زَمّوا لا الجِمالا
تَوَلّوْا بَغْتَةً فَكَأنّ بَيْناً تَهَيّبَني فَفاجأني اغْتِيالا
فكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً وسَيْرُ الدّمْعِ إثْرَهُمُ انهِمالا
كأنّ العِيسَ كانَتْ فَوْقَ جفني مُناخاتٍ فَلَمّا ثُرْنَ سَالا
وحَجّبَتِ النّوَى الظّبَيَاتِ عني فَساعَدَتِ البراقِعَ والحِجالا
لَبِسْنَ الوَشْيَ لا مُتَجَمّلاتٍ ولكِنْ كَيْ يصنّ بهِ الجَمَالا
وضَفّرْنَ الغَدائِرَ لا لحُسْنٍ ولكنْ خِفنَ في الشّعَرِ الضّلالا
بِجِسْمي مَنْ بَرَتْه فلَوْ أصارَتْ وِشاحي ثَقْبَ لُؤلُؤةٍ لجَالا
ولَوْلا أنّني في غَيرِ نَوْمٍ لَكُنْتُ أظُنّني مني خَيَالا
بَدَتْ قَمَراً ومالَتْ خُوطَ بانٍ وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَت غَزالا
وجارَتْ في الحُكومَةِ ثمّ أبْدَتْ لَنا من حُسنِ قامَتِها اعتِدالا
كأنّ الحُزْنَ مَشْغُوفٌ بقَلبي فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا
كَذا الدّنْيا على مَن كانَ قَبْلي صُروفٌ لم يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالا
أشَدُّ الغَمّ عِنْدي في سُرورٍ تَيَقّنَ عَنهُ صاحِبُهُ انْتِقالا
ألِفْتُ تَرَحّلي وجَعَلْتُ أرضي قُتُودي والغُرَيْرِيَّ الجُلالا
فَما حاوَلْتُ في أرْضٍ مُقاماً ولا أزْمَعْتُ عَن أرْضٍ زَوالا
على قَلَقٍ كأنّ الرّيحَ تَحْتِي أُوَجّهُها جَنُوباً أوْ شَمَالاً
إلى البَدْرِ بنِ عَمّارَ الذي لَمْ يكُنْ في غُرّةِ الشّهْرِ الهِلالا
ولم يَعْظُمْ لنَقْصٍ كانَ فيهِ ولم يَزَلِ الأميرَ ولَنْ يَزالا
بلا مِثْلٍ وإنْ أبْصَرْتَ فيهِ لكُلّ مُغَيَّبٍ حَسَنٍ مِثَالا
حُسَامٌ لابنِ رائِقٍ المُرَجّى حُسامِ المُتّقي أيّامَ صالا
سِنانٌ في قَناةِ بَني مَعَدٍّ بَني أسَدٍ إذا دَعَوا النّزالا
أعَزُّ مُغالِبٍ كَفّاً وسَيْفاً ومَقْدِرَةً ومَحْمِيَّةً وآلا
وأشرَفُ فاخِرٍ نَفْساً وقَوْماً وأكْرَمُ مُنْتَمٍ عَمّاً وخالا
يكونُ أخَفُّ إثْنَاءٍ عَلَيْهِ على الدّنْيا وأهْليها مُحَالا
ويَبْقَى ضِعْفُ ما قَد قيلَ فيهِ إذا لم يَتَّرِكْ أحَدٌ مَقَالا
فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا
ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا
أرَى المُتَشاعِرينَ غَرُوا بذَمّي ومَن ذا يَحمَدُ الدّاءَ العُضالا
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا
وقالوا هَلْ يُبَلّغُكَ الثّرَيّا؟ فقُلت نَعَمْ إذا شئتُ استِفالا
هوَ المُفني المَذاكي والأعادي وبِيضَ الهِنْدِ والسُّمْرَ الطّوالا
وقائِدُها مُسَوَّمَةً خِفافاً على حَيٍّ تُصَبّحُهُ ثِقَالا
جَوائِلَ بالقُنيّ مُثَقَّفاتٍ كأنّ على عَوامِلِها ذُبَالا
إذا وَطِئَتْ بأيْديها صُخُوراً يَفِئْنَ لوَطْءِ أرْجُلِها رِمَالا
جَوابُ مُسائِلي ألَهُ نَظِيرٌ؟ ولا لكَ في سُؤالكَ لا ألاَ لا
لَقَد أمِنَتْ بكَ الإعدامَ نَفْسٌ تَعُدّ رَجاءَها إيّاكَ مَالا
وقد وَجِلَتْ قُلُوبٌ منكَ حتى غَدَتْ أوجالُها فيها وِجَالا
سُرورُكَ أنْ تَسُرَّ النّاسَ طُرّاً تُعَلّمُهُمْ عَلَيْكَ بهِ الدّلالا
إذا سألُوا شكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ وإنْ سكَتُوا سألْتَهُمُ السّؤالا
وأسعَدُ مَنْ رأيْنا مُسْتَميحٌ يُنيلُ المُسْتَمَاحَ بأنْ يُنَالا
يُفارِقُ سَهمُكَ الرّجلَ المُلاقَى فِراقَ القَوْسِ ما لاقَى الرّجالا
فَما تَقِفُ السّهامُ على قَرارٍ كأنّ الرّيشَ يَطّلِبُ النِّصالا
سَبَقْتَ السّابقينَ فَما تُجارَى وجاوَزْتَ العُلُوّ فَما تُعَالَى
وأُقْسِمُ لوْ صَلَحْتَ يَمينَ شيءٍ لمَا صَلَحَ العِبَادُ لَه شِمَالا
أُقَلّبُ مِنكَ طَرْفي في سَمَاءٍ وإنْ طَلَعَتْ كَواكِبُها خِصالا
وأعجبُ منكَ كيفَ قدَرْتَ تنشا وقد أُعطِيتَ في المَهدِ الكَمالا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر المتنبي
أبعد نأي المليحة البخل
أبْعَدُ نأيِ المَليحَةِ البَخَلُ في البُعْدِ ما لا تُكَلَّفُ الإبلُ
مَلُولَةٌ ما يَدومُ لَيسَ لَها مِنْ مَلَلٍ دائِمٍ بهَا مَلَلُ
كأنّمَا قَدُّها إذا انْفَتَلَتْ سكرانُ من خمرِ طَرْفِها ثَمِلُ
بي حَرُّ شَوْقٍ إلى تَرَشّفِها يَنفَصِلُ الصّبرُ حينَ يَتّصِلُ
ألثّغْرُ والنّحْرُ والمُخَلْخَلُ والـ ـمِعْصَمُ دائي والفاحِمُ الرّجِلُ
ومَهْمَهٍ جُبْتُهُ على قَدَمي تَعجِزُ عَنهُ العَرامِسُ الذُّلُلُ
بصارِمي مُرْتَدٍ، بمَخْبُرَتي مُجْتَزِىءٌ، بالظلامِ مُشْتَمِلُ
إذا صَديقٌ نَكِرْتُ جانِبَهُ لم تُعْيِنِي في فِراقِهِ الحِيَلُ
في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضْطَرَبٌ وفي بِلادٍ مِنْ أُخْتِها بَدَلُ
وفي اعْتِمارِ الأميرِ بَدْرِ بنِ عَمّـ ـارٍ عَنِ الشّغلِ بالوَرَى شُغُلُ
أصْبَحَ مالٌ كَمالِهِ لِذَوي الـ ـحاجَةِ لا يُبْتَدَا ولا يُسَلُ
هَانَ عَلى قَلْبِهِ الزّمانُ فَما يَبينُ فيهِ غَمٌّ ولا جَذَلُ
يَكادُ مِنْ طاعَةِ الحِمامِ لَهُ يَقْتُلُ من مَا دَنَا لَهُ الأجَلُ
يَكادُ مِنْ صِحّةِ العَزيمَةِ مَا يَفْعَلُ قَبْلَ الفِعالِ يَنْفَعِلُ
تُعْرَفُ في عَيْنِهِ حَقائِقُهُ كأنّهُ بالذّكاءِ مُكْتَحِلُ
أُشْفِقُ عِندَ اتّقادِ فِكرَتِهِ عَلَيْهِ مِنها أخافُ يَشْتَعِلُ
أغَرُّ، أعْداؤهُ إذا سَلِمُوا بالهَرَبِ استَكبَرُوا الذي فَعَلُوا
يُقْبِلُهُمْ وَجْهَ كُلّ سابحَةٍ أرْبَعُها قَبلَ طَرْفِها تَصِلُ
جَرْداءَ مِلْءِ الحِزامِ مُجْفِرَةٍ تكونُ مِثْلَيْ عَسيبِها الخُصَلُ
إنْ أدْبَرَتْ قُلتَ لا تَليلَ لها أو أقبَلَتْ قلتَ ما لها كَفَلُ
والطّعنُ شَزْرٌ والأرْضُ واجفةٌ كأنّما في فُؤادِها وَهَلُ
قَدْ صَبَغَتْ خَدَّها الدّماءُ كمَا يَصبُغُ خَدَّ الخَريدَةِ الخَجَلُ
والخَيْلُ تَبكي جُلُودُها عَرَقاً بأدْمُعٍ ما تَسُحّها مُقَلُ
سارٍ ولا قَفْرَ مِنْ مَواكِبِهِ كأنّما كلّ سَبْسَبٍ جَبَلُ
يَمْنَعُهَا أن يُصِيبَها مَطَرٌ شِدّةُ ما قَدْ تَضايَقَ الأسَلُ
يا بَدْرُ يا بحْرُ يا غَمامَةُ يا لَيثَ الشّرَى يا حِمامُ يا رَجُلُ
إنّ البَنَانَ الذي تُقَلّبُهُ عِندَكَ في كلّ مَوْضِعٍ مَثَلُ
إنّكَ مِنْ مَعشَرٍ إذا وَهَبُوا ما دونَ أعمارِهمْ فَقد بخِلُوا
قُلُوبُهُمْ في مَضاءِ ما امتَشَقُوا قاماتُهُمْ في تَمامِ ما اعْتَقَلُوا
أنتَ نَقيضُ اسمِهِ إذا اختَلَفتْ قَواضِبُ الهِنْدِ والقَنَا الذُّبُلُ
أنتَ لَعَمري البَدْرُ المُنيرُ ولكِـ ـنّكَ في حَوْمَةِ الوَغى زُحَلُ
كَتيبَةٌ لَسْتَ رَبَّها نَفَلٌ وبَلْدَةٌ لَستَ حَلْيَها عُطُلُ
قُصِدْتَ مِنْ شَرْقِها ومَغْرِبِها حتى اشتَكَتْكَ الرّكابُ والسُّبُلُ
لم تُبْقِ إلاّ قَليلَ عافِيَةٍ قد وَفَدَتْ تَجتَديكَهَا العِلَلُ
عُذْرُ المَلُومَينِ فيكَ أنّهُمَا آسٍ جَبَانٌ ومبْضَعٌ بَطَلُ
مَدَدْتَ في راحَةِ الطّبيبِ يَداً فَما درَى كيفَ يُقطَعُ الأمَلُ
إنْ يَكُنِ البَضْعُ ضَرّ باطِنَهَا فَرُبّما ضَرّ ظَهْرَها القُبَلُ
يَشُقّ في عِرْقِها الفِصادُ ولا يَشقّ في عِرْقِ جُودِها العَذَلُ
خامَرَهُ إذ مَدَدْتَها جَزَعٌ كأنّهُ مِنْ حَذاقَةٍ عَجِلُ
جازَ حُدودَ اجتِهادِهِ فأتَى غَيرَ اجتِهادٍ، لأمّهِ الهَبَلُ
أبْلَغُ ما يُطْلَبُ النّجاحُ به الـ ـطّبْعُ وعندَ التّعَمّقِ الزّلَلُ
إرْثِ لهَا إنّها بمَا مَلَكَتْ وبالذي قَدْ أسَلْتَ تَنْهَمِلُ
مِثْلُكَ يا بَدْرُ لا يَكونُ ولا تَصْلُحُ إلاّ لِمثْلِكَ الدّوَلُ
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115301
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
صفحة 3 من اصل 5 • 1, 2, 3, 4, 5
مواضيع مماثلة
» ديوان شعر امرؤ القَيس
» ديوان شعر محمود درويش
» ديوان شعرأحمد شوقي
» ديوان الامام الشافعي... تعلم اجمل الاخلاقيات
» ديوان شعر جبران خليل جبران
» ديوان شعر محمود درويش
» ديوان شعرأحمد شوقي
» ديوان الامام الشافعي... تعلم اجمل الاخلاقيات
» ديوان شعر جبران خليل جبران
صفحة 3 من اصل 5
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى