ديوان شعر جبران خليل جبران
صفحة 5 من اصل 8
صفحة 5 من اصل 8 • 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
وداعا أيها الخدن الحبيب
وداعا أيها الخدن الحبيب غدا ميعادنا وغدا قريب
تعاظمني وقد وليت خطب بجانبه تضاءلت الخطوب
إذا ما بان أترابي فإني لفي أهلي وفي وطني غريب
يخالطني الأولى هم بعد جيلي وليس بثوبي الثوب القشيب
لنا حال ألفناها شبابا ويجفل من تحولها المشيب
تغشى وجه إبراهيم صرف يقال له الردى وهو المغيب
ألم يك في سماء العصر نجما فبعد شروقه زمنا غروب
وليس بحائن من لا نراه بأعيننا وتبصره القلوب
فتى فيه تعددت المزايا فلم يك في الرجال له ضريب
طبيب للعيون به شفاء إذا ما الطب أعيي والطبيب
شهدت له خوارق ناطقات بما يسطيعه الآسي اللبيب
أديب نسجه من كل لون كأروع ما يدبجه أديب
تساوق شعره والنثر حسنا فما يختار بينهما الطروب
وفي جد وفي هزل تجلت له فطن بها بدع ضروب
يفوز العقل منها بالمجاني وفيها ما يفيد وما يطيب
صناع يد له في كل شيء يزاوله بها سر عجيب
فما يغريه يخرجه فريا وما يرميه من غرض يصيب
نديم إن تنادر بين صحب وجدتهم وما فيهم كئيب
سوانحه الحسان يجئن عفوا كما تهوى قريحته اللعوب
خفيف الروح نقاد برفق يبصر بالعيوب ولا يعيب
يحاكي النطق والحركات مما يشذ فليس يفلته غريب
شآمي ومصري صميم ونوبي ورومي جنيب
رموز في الظواهر مضحكات ويدرك لطف مغزاها الأريب
يروع بما يجيد يدا وفكرا وجار أناته طبع غضوب
فذلك أن جوهره سليم وليس يضيره عرض يشوب
ومما أكبر الإخوان فيه خلائق ليس فيها ما يريب
مناط نظامها حزم وعزم ومجلى حسنها كرم وطيب
فأما عن شجاعته فحدث وفي الذكرى لسائلها مجيب
قضى في الجيش عهد أليس ينسى له من فخره الأوفى نصيب
به مرح أوان الروع حلو يثير شجونه الخطر المهيب
يداوي أو يواسي كل شاك ولا يعتاقه حدث رهيب
ويؤنس أو يواسي كل شاك ولا يعتاقه حدث رهيب
هنالك أطرب الشجعان شعر به مزجت زمازمها الحروب
تغرد حافظ وشدا الشدودي بما لم يألف الزمن العصيب
وفي صمت المدافع والمنايا تهادن قد يغني العندليب
وداعا يا صديقا إن شجانا بهجر فهو بالذكرى يؤوب
حياتك جزتها مدا وجزرا ومسك في نهايتها اللغوب
قليل ما تواتيك الأماني كثير ما تحملك الكروب
وكم فوت فيها طيبات يفوز بها المداجي والكذوب
لئن لم تجز في دنياك خيرا لربك في السماء هو المشيب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
ما لهذا الخافق الواهي يجب
ما لهذا الخافق الواهي يجب جزعا للموت والموت يجب
جلل أن يتولى شاعر كيف والشاعر عبد المطلب
أنعزي فيه أهلا أو حمى والمعزى فيه جماع العرب
هل قرأتم شعره إلا وقد خلتم السحر من الشعر وثب
فاعلا ما عز أن تفعله في رصينات النهى بنت العنب
دره كالدر في كاساتها ونظام الدر فيه كالحبب
كم رواه منشدوه فارتوى سامعوه من ينابيع الطرب
قيض الإبداع فيه ملتقى أدبين اتصلا بعد حقب
فكلام بدوي لو بدا فيه لون لم يكن إلا الذهب
خالص النسبة في العتق إذا ما دعا للفخر داع فانتسب
ومعان حضريات جلا حسنها منه طراز لم يعب
تتراءى في حلى لماحة يستطير الماء فيها كاللهب
رب ممرور من الجهل نعى صحة القول عليه فنعب
خال إغرابا وما الإغراب في ذلك اللفظ الأصيل المنتخب
إنما الإغراب فيه أنه عربي بين أهليه اغترب
آخذ المعدن من منجمه هل عليه حرج يا للعجب
إن للفصحى نشورا هيأت أمم العرب له كل سبب
ما يريدون من الشعر إذا لم يكن صور النشور المرتقب
ذلك البعث هو الفتح الذي ليس يعدوه لذي لب أرب
وهو الجامعة الكبرى لمن فاه في الشرق بضاد أو كتب
فلئن لم توف ما حق لها قبل الجيل لقد تبت وتب
رحم الله ابنها البر الذي ندبت منه سريا فانتدب
أي سهم صائب فوقه من رماه فرماها عن كثب
سل كبارا بلغوا تأديبهم وصغارا لم يزالوا في الطلب
يذكروا للشيخ في أعناقهم ما له من فضل أستاذ وأب
وقف العمر على تثقيفهم يتولاه بجد ودأب
لا يبالي ما يقاسي دونه من سهاد ويعاني من نصب
جافيا والرفق في جفوته حدبا في خير معنى للحدب
نزهت أخلاقه وانتبدت كل ما فيه مثار للريب
وإذا التعليم لم تقرن به قدوة صالحة جر العطب
إن خطب الفضل في الأستاذ لم يكر في الشدة عن خطب الأدب
كان حر الرأي لا يطرفه رغب عما رآه أو رهب
وافيا مهما يسمه عهده صادقا مهما يقم عذر الكذب
حسن السيرة في أسرته حسن الخيرة فيمن يصطحب
بالغا في كل نفس رتبة قصرت عن شأوها أسمى الرتب
راضيا من قسمة الله بما جل عن قدر وإن قل النشب
ليست الدنيا لحر حسبا إنا في نبذه الدنيا الحسب
وأعز الناس فيها نسبا من له من نفسه أزكى نسب
أيها الراحل ما بال الحجى غلب الحزن عليه فانتحب
في ذرا مصر وفي كل حمى عربي حرب أي حرب
لك في عدن ثواب خالد فتمتع برضى الله وطب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
في رضى المربوب والرب
في رضى المربوب والرب بت قريرا يا أبا الطب
يا رئيس القصر من قدم وأساة العصر في العقب
جل رزء القطر أجمعه فيك من علامة قطب
من سديد الرأي مبرمه محكم الإيجاب والسلب
من صحيح المجد صادقه حين يشرى المجد بالكذب
من بعيد الهم مشتغل في انصداع الشمل بالرأب
ليس بالوقاف مختبلا بين دفع الفكر والجذب
ذب عن حق البلاد بما في حدود العلم من ذب
إذ رآها والشعوب شأت لم تزل في أول الدرب
ورضاها السلم أشبه ما كان في عقباه بالحرب
فبجد هب يرجع من شأنها ما ضاع باللعب
وبما أبلى لنصرتها عد في أبطالها الغلب
في سبيل الله مرتحمل شق عنه مظلم الحجب
عمره والمال قد بذلا قربة في خدمة الشعب
عن مصرا إذ نعوه لها وجمت من شدة الخطب
وأجل الفاقدوه بها قدره عن ساكب الغرب
هل دموع العين مغنية في العلى من هابط الشهب
ومعان يستديم بها وجه حي منقضي النحب
من عل أشرق وبش إلى هؤلاء الآل والصحب
هلا بلا ولد يعز بهم من له ولد بلا حسب
من يربي كالأفاضل من هؤلاء الصفوة النجب
تتبناهم له نعم واصلات الحقب بالحقب
قطرات من ندى همم مثمرات كندى السحب
أرأيت البر يجمعهم ههنا جنبا إلى جنب
كان عيسى في مودته واحدا في البعد والقرب
عزمه من عنصر مرن خلقه من جوهر صلب
قوله في نفس سامعه طيب كالمورد العذب
رأيه في كل معضلة قاطع كالصارم العضب
جوده شاف أعاد به مجد مصر عالي الكعب
جاء فيه بدعة غصبت كل حمد أيما عصب
والمعاني قد تكون لها كالغواني روعة تسبي
لم يكن في الشرق واحربا كرم من ذلك الضرب
فبحمدي اليوم صار لنا موقف في جانب الغرب
حبذا أنباء منحته قل وكرر أيها المنبي
عل في مثري مواطننا من ضخام الريع والكسب
من إذا داعي الولاء دعا قال إحساب له لب
هل يفيد الخصب في بلد وقلوب القوم في جدب
ألثراء المستعز به كنزه في العقل لا الترب
مصر يا أستاذ تذكر ما جئت بالإعجاب والعجب
كلما مر الزمان به فهو في إجلالها مربي
كان عيسى صب حرفته يفتديها فدية الصب
ويرجي أن يعيد لها شأنها في دولة العرب
فانبرى للكتب يخرجها آي تعليم بلا كتب
وأفاد الناس غاية ما في اقتدار الناصح الطب
فهو الآسي لذي سقم والمواسي لأخي الكرب
تحت آداب الحكيم طوى مكرمات السيد الندب
كان في كل الشؤون يرى كيف يرقى الأوج ذو الدأب
فاز قدما من له نظر قبل بدء الأمر في الغب
فإذا ما سار سيرته لم يجد صعبا من الصعب
كان لا يعطي الحياة سوى قدر ما يعطي أخو اللب
نضو خبر ليس يفتنه زخرف الدنيا ولا يصبي
يجد الحسنى بلا جذل ويرى السوأى بلا عتب
فيه حب الناس أخلصه طبعه الصافي من الخب
جاءهم منه بأبدع ما ضمنته آية الحب
خير ما يأتي الذكاء به هو ما يأتي من القلب
ذاك بعض الحق فيه ولو طال وقتي لم يكن حسبي
فلتك الجنات مرتعه خالدا فيها على الرحب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
أرن سهم الردى إرنان منتحب
أرن سهم الردى إرنان منتحب وسال بالدمع وجه السيف ذي الشطب
أبا الحديد أسى من أن يفارقه في كل حلبة فخر خير مصطحب
ماذا شجا ظبي عسفان بمرتعه وراع ليث الشرى في غيله الأشب
دهى العروبة خطب فت ساعدها من حيث لا يتقى بالبيض واليلب
مضى الحسين مفديها ومنقذها فأي قلب لهذا البين لم يذب
أأغضيت عن حماها عين كالئها ولم تنم عن حماها أعين النوب
كلا وذكراه ما دامت مؤججة نار الحمية في صيابها النخب
وما أهابت بجند الله فاصطدمت كتائب الغير الدهماء بالشهب
إن يحتجب لك وجه يا حسين فقد تركت للرأي وجها غير محتجب
إليه مرجعها في كل معضلة فلست عن أمرها المشهود في الغيب
أجدر بها أن تظل الدهر واعية ذكرى أعز مليك أو أبر أب
حررتها وأذقت البأس موردها ببأسه المتمادي مورد العطب
يفيض بالصاب قرطاس أخط به من المظالم ما سيمت مدى حقب
فمن يكن ناسيا أو جاهلا ليسل عنهم أولي الذكر أو يرجع إلى الكتب
أيام أصبح ستر الضاد منهتكا مهلهلا وحماها مرتع الجنب
وشملها في بواد باد آهلها وفي الحواضر شملا جد منشعب
تقذي عيون الأولى يغشون أربعها بكل عاري الشوى في مسكن خرب
تأذنت بانقراض بعد منعتها ونفرت عن حياض العلم والأدب
لا تسطع الشمس إلا خلف غاشية من الأسى بمحيا كاسف شحب
ولا يسيل أصيل في سحائبه إلا بدمع صبيب أو دم سرب
يا منقذا جاء بعد الألف من حجج يعيد ما فات من مجد ومن حسب
هل ضم غير الرسول المصطفى قدما تلك العزائم والآمال من شعب
أمر يضيق به الذرع انتدبت له وأنت إن ضاق ذرع خير منتدب
صرفت رأيك فيه فاضطلعت به مؤيد الرأي بالأرماح والقضب
في كل مرعدة بأسا ومبرقة من الجحافل بين الوري واللجب
عادت بها كل آبي الضيم نخوته من حيث أبطل سحر الخوف والرعب
فكان بعث قلوب الأمة ارتقصت له وأعطافها اهتزت من الطرب
وبشرت آية للحق ظاهرة بوحدة لخصوم الحق لم تطب
بدت على غير ما راموا بوادرها وخالف الجد ما خالوه للعب
فأجمعوا أمرهم في السلم واعتزموا نقضا لما أبرموا في ساحة الرهب
وأضمروا لك عدوانا وجدت به في الأمن ما لم تجد في الحرب من حرب
أين الذي سجلوه في رسائلهم ورددوه من الأيمان في الخطب
لولا معونة ذاك الحلف لانقلبوا دون الذي أملوه شر منقلب
نصرتهم صادقا فيما وعدت ولم تخل مواعيدهم ضربا من الكذب
ما كان همك ملكا تستقل به والجد في صعد والمجد في صبب
بل نصرة العرب في حق أقر لهم تؤيد الشرع فيه حجة الغلب
فما ألوت لذاك الحق عن طلب وكيف يدرك مطلوب بلا طلب
قاسوا الحسين إلى غير الحسين فلم تصدق فراستهم فيه ولم تصب
شتان فيمن تولى أمر أمته ما بين معتقب أو غير معتقب
ظنوه بالتاج يرضى غير مكترث لما عداه فألقى التاج وهو أبي
سجية العربي الهاشمي لها معنى وراء معاني الجاه والرتب
أين الكنوز التي خالوه يحملها وأين ما أثقل الأسفاط من ذهب
تبينوا اليوم ما كانت خبيئته من عفة ووفاء لا من النشب
تلك الفضائل ما كانت لمكتسب كابي الضمير وما كانت لمغتصب
للخصم في ثلبها عذر الحنيق على من حال بين يد السلاب والسلب
ما عذر طائفة من قومه أخذت بما أثار العدى من ذلك الشغب
زايلت بيتا عتيقا أنت سادنه بالإرث من عهد إبراهيم والنسب
إلى صفاة على الدأماء قد رسخت ولم تسغها لهاة البحر ذي العبب
تشبهت روضها بالروض وائتنست منها القرى بدعات الأخضر الصخب
حللت فيها وما بالزاد من سعة وعشت بين رباها عيش مغترب
فكنت في النفي والأردان طاهرة ما لم تكن في ثياب العزة القشب
صبرت صبر كريم غير مبتئس ولا ملول ولا شاك على وصب
حتى حملت وقد حم القضاء إلى دار من المسجد الأقصى على كثب
كأن ربك أوحى أن تجاوره حتى تقر به في مزدجى القرب
يرعى مزارك بالروح الأمين ولا تنأى به السبل عن أعقابك النجب
ويجمع البر حفاظ المآثر من شتى العشائر حول الوالد الحدب
من كان يدري وقد ناط الرجاء به صيانة الحرم الثاني فلم يخب
إن المآب إليه والثواب به هل قدم الخير مخلوق ولم يثب
أبناء يعرب هذي سيرة برزت لكم حقائقها الكبرى من الحجب
كتاب تفدية أوعت صحائفه أدعى الفصول إلى الإعجاب والعجب
إن الأولى استشهدا في الله أو قتلوا فيما غلوا فيه للأوطان من أرب
لهم حياة وما إن تشعرون بها إلا وقد ناجوا الأرواح في الكرب
كرامة ابن علي أن تكون لكم آثاره عظة موصولة السبب
تعلموا الصدق منه والوفاء على ما يعقبان من الحرمان والنصب
تعلموا نضحه عن ذخر أمته بحزم مقتصد لله مرتقب
تعلموا الذود عن حق تطيب له عن كل ما هو غال نفس محتسب
تعلموا قوة الإيمان في دأب فإنما قوة الإيمان بالدأب
تعلموا الصبر أو تقضى لبانتكم والعزم في بدئها كالعزم في العقب
تعلموا أن هذا العمر مرحلة لا ترتقى هضبة فيها بلا تعب
تعلموا أن من حذق الرماة بها ليدركوا النصر أن يجثوا على الركب
سجا الحسين وقد ورى مساجله حتى يثين أوان الصائد الدرب
فإن ضحا ظله فالروح مرصدة للموقف الفصل من يهتف بها تجب
عزاءكم يا بنيه الصيد من ملك مسدد الرأي إن يمنع وإن يهب
ومن أبي تولى عن أريكته بلا شجى إذ تولاها بلا رغب
له من الشيم الغراء مملكة إن كان ذا لقب أو غير ذي لقب
ومن أمير بناها دولة أنفا قامت على أثر من مجدها ترب
في العلم والأدب العالي يكاد إذا ساق الأحاديث يسقيك ابنة العنب
ومن فتى ألمعي كل محمدة جارى السوابق فيها فاز بالقصب
ماض بفطرته في نهج عترته عف اللسان نقي النفس من ريب
من عدكم عد يوم الفخر أربعة ملء الزمان من الأقمار والسحب
لنعرفن لكم في إثر منجبكم خطى كبارا مداها غير مقتضب
دعوا الأسى واسمعوا صوتا يهيب بكم مات الحسين فعاشت أمة العرب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
فهمت معنى العمر فهم الأريب
فهمت معنى العمر فهم الأريب وعشت في دنياك عيش اللبيب
جبلت منها ثم أنكرتها وكنت فيها آهلا كالغريب
وكنت فيها ساعيا كالذي يجوز وعرا للقاء الحبيب
فاعتضت من وفر بفقر ومن واد خصيب بعراء جديب
واعتضت بالمسح وأطماره من كل ثوب ذي بهاء قشيب
واعتضت من ملهى ومن لذة بمعبد الله ومنفى القلوب
في الدير تلفى عاكفا ضارعا مهجدا ألف الضنى والشحوب
وقد ترى بين الورى مثلما يسعف غرقى البحر حر مجيب
تمد أسباب الهدى نحوهم مد منار نوره للرقيب
لو رابهم زهر الدياجي فما في نور ذاك الغوث من مستريب
فيا صفي الله يهنيك أن قد فزت منه باللقاء القريب
وسرت لم تخلف أسى مظلما كما يرى ليل القنوط العصيب
بل شفقا لألاؤه ناصع يرى خلال الدمع شبه المشوب
أبيت نوح اليأس يا شاديا علم شدو الأمل العندليب
وأنت يا حادي ركب الردى بنغم البشر أبيت النحيب
فلا مناداة ولا صيحة ولا بكاء ههنا أو جيب
هذا قرار للبلى صامت صم به السمع وعي الخطيب
حفيرة في الأرض لكنها باب إلى الجنة عال رحيب
مبيت خلد لفتى صالح سمح نقي النفس حر أديب
عاجله البين فولى ولم يزنه من بعد الشباب المشيب
عاش نهارا لم يكد ينقضي صباحه حتى تلاه الغيوب
صلى صلاة الصبح من عمره ثم على الإثر صلاة الغروب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
فتى خبثت له الدنيا وطابا
فتى خبثت له الدنيا وطابا فعاش معاقبا وقضى مثابا
وفي الأجداث متسع لفضل إذا ضاقت به الدنيا رحابا
وما ساءتك ظالمة وكانت بما ساءت تعد لك الثوابا
ولم تعتدها دارا لخلد فتجزع مزمعا عنها اغترابا
وسرك هجرها مما تجنت وقد قمن الردى أن يستطابا
وكنا بالذي أرضاك نرضى لو أن البين لا يسقي الصحابا
بكوا منك الوفاء وكنت اسما وفعلا واكتسابا وانتسابا
هم يبكون والمبكي فيهم غريب لا جواب ولا خطابا
فمن أعيا لسانك عن بيان وألزم نصل همتك القرابا
ولم تك فاعلا إلا جميلا ولم تك قائلا إلا صوابا
ألا في ذمة الرحمن ماض تيتمت الفضائل حين غابا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
مصاب مصر مصاب العالم العربي
مصاب مصر مصاب العالم العربي هل مدمع في ربوع الضاد لم يصب
أين الزعيمة كانت للفدى مثلا بالجهد والمال أو بالنفس إن يجب
فقد تفردت بالأفعال باهرة كما تفردت بالأقوال والخطب
إن حزت أعلى وسام للكمال ففي كل القلوب لك العليا من الرتب
وفي اتحاد النساء العالمي أما خلا لك الصدر عن حب وعن رغب
نفحت عن مصر في إبان ثورتها ولم يروعك بأس الجحفل اللجب
وفي جهادك لم تألي مراعية ما للعروبة من إصر ومن نسب
تؤيدين الذين استبسلوا فحموا أوطانها برماح الخط والقضب
في كل مرحلة تابعت وثبتهم والعون يتبع منك العون عن كثب
وهل فلسطين تنسى ما بذلت لها فيما تعانيه من حرب ومن حرب
إلى نهاية ما في الجسم من رمق كافحت في جلد عنها وفي دأب
غاليت فيما تقاضيت الحياة وما شكوت من سأم يوما ولا نصب
وقد أبيت إذا داعي السلام دعا إلا الشهادة والأعداء لم تغب
كائن جهدت لإنصاف الشعوب وكم شهدت مؤتمرا في كل مغترب
سلاحك الحق إن ألقى أشعته هوت أباطيلهم رأسا على عقب
وهل سلام إذا لم تنتصف أمم أغلى مرافقها نهب لمنتهب
وهل يقال إخاء والسبيل دم والصدق تغشاه ألوان من الكذب
أما رسالتك المثلى فما برحت كما بدأت بها موصولة السبب
ماذا صنعت لإنصاف النساء وكم دفعت عنهن من كيد ومن ريب
هل يسلم الشعب والشطر الولود به من الإماء وهل ينجو من العطب
حررتهن برغم الكاشحين ومن يسعى بعزمك لم يخفق ولم يخب
وكان خير اتحاد ما جمعت به من نابهات الغواني نخبة النجب
مؤسساتك لو عدت ولو وصفت لما انتهى عجب إلا إلى عجب
آيات عصر جديد للرقي يرى مستقبل الشعب فيها كل مرتقب
بها تعد البنات الصالحات له والأمهات لجيل عامل درب
ماذا صنعت ولم تخطئك مأثرة للعلم والفن والأخلاق والأدب
ظلت رحابك دهرا لا يلم بها راج على دهره نصرا ولم يجب
وكم أعنت صناعا في صناعته وكم نشرت من الأسفار والكتب
يؤمها بالأماني العفاة وما ينأى عن الخير منها كل مقترب
زعيمة النهضة الكبرى بلغت بها ما عز قبلك أن يرجى من الأرب
لم تذخري دونها شيئا يضن به من طيب عيش ومن جاه ومن نشب
فالقي ثوابك في الجنات ناعمة من يقرض الله ما أقرضته يثب
محمد اسلم لقوم من مفاخرهم إنجاب مثلك في الصيابة النجب
جل الذي أكمل الأخلاق فيك بما زكا من النسب الوضاح والحسب
وأنت يا بثن دومي وليدم بكما مجد إلى خير أم يعتزى وأب
صوني اتحادا تولته هدى فغدا قطبا له شأنه في نهضة العرب
وما لمصر وللجارات من صلة تعزها كنظام الشمس والشهب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
أمشيع أنا كل يوم ذاهبا
أمشيع أنا كل يوم ذاهبا ومشيع في الإثر قلبا ذائبا
يا صاحبي أخلفت لي أمنية كانت دعائي لا عدمتك صاحبا
أقوت معاهدنا وكانت بالهوى معمورة فإخالهن خرائبا
وأرى وجوه الشاهدين كأنها تتفقد الوجه المنير الغائبا
كنت الأخ المحبوب والإلف الذي لم ينس مفترضا ويهمل واجبا
إن كان في عيشي وقد فارقته طيب فليس العيش بعدك طائبا
إن الذي كابدت فيه محاذرا ومصابرا لم يبق فيه راغبا
توفيق أخطأك الذي تدعى به والموت لا يرعى لحي جانبا
أين الكلام الحلو تسقاه المنى كالشهد مهما يختلفن مشاربا
أين الأحاديث اللطاف وكلها سير ملئن طرائفا وغرائبا
أين المليح بخلقه وبخلقه ألطاهر الشيم النقي مآربا
سامي الشمائل فطرة لم يتخذ من غيرهن مراتبا ومناصبا
يجني عليه فما تراه حاقدا أو يستفز فما تراه غاضبا
ويظل بساما فما هو وجهه بل قلبه وسواه يبسم كاذبا
أخلاق إنسان بمعناه الذي صقلت أحقاب فتم مناقبا
أحسيب إن تسلب أخالك فإنني شاك كما تشكو الزمان السالبا
قد كنت أستاذي فهل أنا واجد قولا يثبت منك قلبا واجبا
يكفي عزاء تركه الدنيا وقد ملئت أسى وفواجعا ونوائبا
فليلق عند إلهيه ما لم يكن لينال فيها من منى ورغائبا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
عز المعالي مات يوسف سابا
عز المعالي مات يوسف سابا عز الفضائل فيه والآدابا
عز الإمارة والوزارة والندى والبأس والأنساب والأحسابا
وإلى جميع الشرق فانع مهذبا فقدانه في الشر عم مصابا
ما حال مصر ودون يوسف قد جرى حكم القضاء فقطع الأسبابا
خطب على التعداد في أمثاله راع النفوس وحير الألبابا
فكأن ما يرديه في بطن الثرى يرميه من كبد السماء شهابا
مات الذي ملئت صحائف عمره آيا تضمنها الفخار كتابا
وبها سما أوج المراتب واقتنى أسنى السمات وأحرز الألقابا
ولي الوزارة لم يخله حينما لبى على الآساد يدخل غابا
ورآه كم رؤيا كذوب ناهجا نهجا يفيد اليل والأعقابا
حتى إذا كشفت له عما بها لم يرضه فخر تبطن عابا
ولي الإدارة رائضا علاتها يتدارك التحسين بابا بابا
مهما يلاق من الصعاب يكد في طلب النجاح ولا يبال صعابا
يوفي جزاء المستحق ويصطفي أدعى الأمور إلى الصلاح عقابا
فغدا البريد بمصر وهو وليه عجبا لمن عرف النظير عجابا
أسفا على ذاك الذي عن قومه في كل محمدة أنيب ونابا
قد كان في الظلمات كوكب عزهم فاليوم كوكب عزهم قد غابا
إن الشيوخ إذا بكوه قرزؤه أبكى كهولا بعده وشبابا
صرف الزمان وقد رماه رمى به قلب المروءة والندى فأصابا
لما نعوه نعوا هماما ماجدا ملأ النهى بصفاته إعجابا
وكأن ألسنة من البرق الذي ينعي مددن إلى القلوب حرابا
كيف الضمير العبقري مشارفا هذا الوجود جلا أكان ضبابا
كيف البناء كذل الجسم الذي عمرته تلك الروح بات يبابا
ذاك التبسم عن صفاء طوية ذاك البدار تحية وجوابا
ذاك التلفت وهو من صيد امرئ ما هان يوم كريهة أو هابا
ذاك المحيا مشرقا في لحية زان السواد بها بياض شابا
تلك اللحاظ سدسدة فإذا نبت فلعلها تجد المريب فتابى
تلك الشمائل والمعارف والنهى والحسن والحسنى أصرن ترابا
لم يرض سابا أن يكون له عدى واستكثر الإخوان والأحبابا
ما قال فاحشة ولم يهمم بها يوما ولم يلمم بأمر رابا
فاظنن بعال منصبا ووظيفة ما اغتابه الحساد أو ما اغتابا
من لم يفرط في حساب ضميره لم يخش يوما للعباد حسابا
أعرفت حرا غير سابا لم يجئ قولا وفعلا ما يثير عتابا
إن مر ورد الدهر ظل حديثه عذبا وإن خبثت أناس طابا
سمح إلى الإتلاف إن يتقاضه ذاك الوفاء ولم يظن ثوابا
ما أم مشرع جاهه أو ماله قمن بتحقيق الرجاء فخابا
متنزه عالي الجناب وقل من جمع التنزه والعلو جنابا
يتوسم الإخلاص في أعماله حتى ليوشك أن يشف حجابا
ثبت على الرأي الصحيح فإن يقع خطأ تجده الراجع التوابا
لم يدعه داع لأمر واجب إلا تشمر مسرعا وأجابا
بالجد يكسب في النفوس مهابة ويقل ما شاء الكمال دعابا
يدع القشور لكل دي لهو بها ويرى الأمور حقيقة ولبابا
لا يعرف الدعوى ولا يرضي امرأ كذبا ويفعل ما استطاع صوابا
ويرى من المزري تكلف سيد في يوم صدق أن يقول كذابا
يوم سابا ما فعلت بأمة ثكلته دع أهليه والأصحابا
ألقطر مهتز الجوانب لوعة والنيل لو يعلو لسال سحابا
والوافدون يشيعون عزيزهم حشد به الطرقات ضقن رحابا
فكأن حول النعش بحرا مائجا وكأنه فلك يشق عبابا
ما من أمير أو رفيع مكانة إلا عليه استمطر الأهدابا
ما من يتيم أو ضعيف بائس إلا بكاه بحر قلب ذابا
لله يا حلو الصداقة كم سقت هذي النوى فيك الأحبة صابا
أليوم عدن استأنست من وحشة بأبر مبتكر إليها آبا
إن قلت لا تبعد فإنك بيننا هل مائت من يخلف الأنجابا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
ماذا أصاب أباك الشيخ واحربا
ماذا أصاب أباك الشيخ واحربا وكنت بهجته في العيش والأربا
وكان في آخر الأيام مطعمه أن تستديم له في قومه عقبا
تركته والها قد أرعشت يده والقلب محترق والدمع قد نضبا
ينوء ثكلا وقبل الثكل لا نصبا شكا وإن جل ما يلقى ولا وصبا
هذا جزاؤك يا أوفى البنين لمن في كل ذي ولد كان الأبر أبا
كلا ولكن حكما لا مرد له شجا بني الشرق في النجم الذي غربا
وليس ذنبك أن الموت من قدم يعاجل النخب الأخيار والنجبا
أنطون عوجل في شرخ الشباب فهل في الربع أنس وأنس الربع قد ذهبا
قد كان من خير فتيان الحمى خلقا وكان من خير فتيان الحمى أدبا
وكان في أولياء العدل مفخرة لا يلتوي رغبا أو ينثني رهبا
وكان في نجدة داعية بلا مهل في نصرة الحق هان الأمر أو صعبا
وكان أيمن من يرعى لأمته عهدا إذا انتدبته أو إذا انتدبا
وكان في موقف الفخر الجدير به ما يدعي حسبا أو يدعي نسبا
أليس منجبه ذاك الكفيل بما يكفي العفاة وذاك الحازم الأربا
معاهد الخير لن تنسى لجرجسها ما استوهب الناس للحسنى وما وهبا
بنى لهم بمساعيه وهمته من المآثر ما يقضي له عجبا
يسومه البر ألوان العناء فما يبهى ويستأنف المجهود ما وجبا
قل الأماجد من هذا الطراز وهل يفوز بالمجد من لم يحكم السببا
انظر إلى عظماء القوم في جزع كأنهم سلبوا الذخائر الذي سلبوا
توافدوا ليواسوه بأحسن ما أوحت محامده الأشعار والخطبا
يا من نعزيه عن فقد الحبيب وما نأى الحببب الذي من ربه قربا
أين النعيم بجنات مخلدة من بؤس دنيا يعاني أهلها الكربا
سبحان من في مدار الكون يشهدنا فيما يصرفه الأنوار والسحبا
يجلو الشموس ويطويها بقدرته وفي رحاب علاه ينقل الشهبا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
نبا بك دهر بالأفاضل نابي
نبا بك دهر بالأفاضل نابي وبدلت قفرا من خصيب جناب
برغم العلى أن يمسي الصفوة الألى بنوا شرفات العز رهن يباب
تولوا فأقوت من أنيس قصورهم وباتوا سراة الدهر رغم تراب
أتمضي أباشاد وفي ظن من يرى زهورك أن النجم قبلك خابي
عزيز على القوم للذين وددتهم وودوك أن تنأى لغير مآب
وأن يبكم الموت الأصم أشدهم على من عتا في الأرض فصل خطاب
فتى جامع الأضداد شتى صفاته وأغلبها الحسنى بغير غلاب
محام بسحر القول يصبي قضاته فما فعله في سامعين طراب
فبيناه غريد إذا هو ضيغم زماجره للحق جد غضابا
وكم خلب الألباب منه بموقف بليغ حوار أو سديد
رقيق حديث إن يشبه حديثه فما الخمر زانتها عقود حباب
يسيل فيروي النفس من غير نشوة مسيل نطاف في الغداة عذاب
بما يخصب الأذهان مخضل دره كما يخصب القيعان در سحاب
أديب إذا ما در در يراعه تبينت أن الفيض فيض عباب
ففي الذهن تهدار الأتي وقد جرى على أن ما في العين صحف كتاب
وفي الشعر كم قول له راق سبكه أتى الوحي في تنزيله بعجاب
به نصر الوهم الحقيقة نصرة تضيء نجوما من فضول ثقاب
فأما المساعي والمروءات والندى فلم يدعه منهن غير مجاب
كأن جنى كفيه وقف مقسم فكل مرج عائد بنصاب
وما صد عن إسعاده باسط يدا ولا رد عن جدواه طارق باب
ولم يك أوفى منه في كل حالة لمن يصطفي في محضر وغياب
إذا هو والى فهو أول من يرى معينا أخاه حين دفع مصاب
وما كل من صادقتهم بأصادق وما كل من صاحبتهم بصحاب
يعف فيعفو عن كثير مؤملا له العفو من رب قريب متاب
وما عهده إن محصته حقيقة بزيف وما ميثاقه بكذاب
وفي الناس من يحلي لك المر خدعة وترجع من جناته بعذاب
تذكرت عهدا خاليا فبكيته وهيهات طيب العيس بعد شباب
كأني باستحضاره ناظر إلى حلاه ومستاف زكي ملاب
بروحي ذاك العهد كم خطر به ركبنا وكان الجد مزج لعاب
وهل من أمور في الحياة عظيمة بغير صبا تمت وغير تصابي
زمان قضينا المجد فيه حقوقه ولم نله عن لهو ورشف رضاب
محضنا به مصر الهوى لا تشوبه شوائب من سؤل لنا وطلاب
وما مصر إلا جنة الأرض سيجت بكل بعيد الهم غض إهاب
فداها ولم يكرثه أن جار حكمها فذل محاميها وعز محابي
فكم وقفة إذ ذاك والموت دونها وقفنا وما نلوي اتقاء عقاب
وكم كرة في الصحف والسوط مرهق كررنا وما نرتاض غير صعاب
وكم مجلس مما توخت لنا المنى غنمنا به اللذات غنم نهاب
لنا مذهب في العيش والموت تارك قشور القضايا آخذ بلباب
يرى فوق حسن النجم وهو محير سنى الرجم ينقض انقضاض شهاب
وما هلك أفراد مصر عزيزة أما أجل الإنسان منه بقاب
كذا كان إلفي للفقيد ولم يكن ليضرب خلف بيننا بحجاب
حفظت له عهدي ولو بان مقتلي لدهر به جد المروءة كابي
وما خفت في آن عتابا وإن قسا به الناس لكني أخاف عتابي
أبى الله أن ألفى كغيري مولعا بخلع أحبائي كخلع ثيابي
فما انا من في كل يوم له هوى ولا كل يوم لي جديد صواب
يراني صديقي منه حين إيابه بحيث رآني منه حين ذهاب
وما ضاق صدري بالذين وددتهم ولا حرجت بالنازلين رحابي
وآنف سعيا في ركاب فكيف بي ولي كل حول أخذة بركاب
حرام علينا بالشعر إن تقع نسور معاليه وقوع ذباب
وما كبرياء القول حين نفوسنا تجاويف أرضفي انتفاخ روابي
وما زعمنا رعي الذمام وشدنا بظفر على من في الأمام وناب
زكي لك الإرث العظيم من العلى وما ثروة في جنبه بحساب
فكن لأبيك الباذخ القدر مخلفا بأكرم ذكرى عن مظنة عاب
وعش نابها بالعلم والفن نابغا فخارك موفور وفضلك رابي
ألا إنني أبكي بكاءك فقده وما بك من حزن عليه كما بي
قضى لي بهذا الخطب فيمن أحبه إله إليه في الخطوب منابي
ففي رحمة المولى أبوك أبو الندى وفي عفوه أحرى امرئ بثواب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
ماذا أصاب أباك الشيخ واحربا
ماذا أصاب أباك الشيخ واحربا وكنت بهجته في العيش والأربا
وكان في آخر الأيام مطعمه أن تستديم له في قومه عقبا
تركته والها قد أرعشت يده والقلب محترق والدمع قد نضبا
ينوء ثكلا وقبل الثكل لا نصبا شكا وإن جل ما يلقى ولا وصبا
هذا جزاؤك يا أوفى البنين لمن في كل ذي ولد كان الأبر أبا
كلا ولكن حكما لا مرد له شجا بني الشرق في النجم الذي غربا
وليس ذنبك أن الموت من قدم يعاجل النخب الأخيار والنجبا
أنطون عوجل في شرخ الشباب فهل في الربع أنس وأنس الربع قد ذهبا
قد كان من خير فتيان الحمى خلقا وكان من خير فتيان الحمى أدبا
وكان في أولياء العدل مفخرة لا يلتوي رغبا أو ينثني رهبا
وكان في نجدة داعية بلا مهل في نصرة الحق هان الأمر أو صعبا
وكان أيمن من يرعى لأمته عهدا إذا انتدبته أو إذا انتدبا
وكان في موقف الفخر الجدير به ما يدعي حسبا أو يدعي نسبا
أليس منجبه ذاك الكفيل بما يكفي العفاة وذاك الحازم الأربا
معاهد الخير لن تنسى لجرجسها ما استوهب الناس للحسنى وما وهبا
بنى لهم بمساعيه وهمته من المآثر ما يقضي له عجبا
يسومه البر ألوان العناء فما يبهى ويستأنف المجهود ما وجبا
قل الأماجد من هذا الطراز وهل يفوز بالمجد من لم يحكم السببا
انظر إلى عظماء القوم في جزع كأنهم سلبوا الذخائر الذي سلبوا
توافدوا ليواسوه بأحسن ما أوحت محامده الأشعار والخطبا
يا من نعزيه عن فقد الحبيب وما نأى الحببب الذي من ربه قربا
أين النعيم بجنات مخلدة من بؤس دنيا يعاني أهلها الكربا
سبحان من في مدار الكون يشهدنا فيما يصرفه الأنوار والسحبا
يجلو الشموس ويطويها بقدرته وفي رحاب علاه ينقل الشهبا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
شهب تبين فما تأوب
شهب تبين فما تأوب فكأنها حبب يذوب
أرأيت في كأس الطلا دررا وقد صعدت تصوب
هو ذاك في لج الدجى طفو الدراري والرسوب
كل إلى أجل وعقبى كل طالعة وقوب
أليوم نجم من نجوم الشعر أدركه الغروب
وثبت به في أوجه الأسنى فغالته شعوب
لقي الحقيقة شاعر ما غره الوهم الكذوب
أوفى على عدن وما هو عن محاسنها غريب
كم بات يشهدها وقد شفت له عنها الغيوب
يا خطب إسماعيل صبري ليس تبلغك الخطوب
جزع الحمى لنعيه وبكاه شبان وشيب
أي صاحبي لقد قضى أستاذنا البر الحبيب
فعرا قلادتنا وكانت زينة الدنيا شحوب
إني لأذكر والأسى بين الضلوع له شبوب
عهدا به ضمت فؤادا واحدا منا الجنوب
إذ بعضنا من غير ما نسب إلى بعض نسيب
وبغير قربى بيننا كل إلى كل قريب
ألشعر ألفنا فما اختلف العريق ولا الجنيب
والفن يأبى أن تفرقه المواطن والشعوب
مستشرف لا السلم طلاع إليه ولا الحروب
يضفي به الضوء الهلال ويبسط الظل الصليب
لو دام ذاك العهد . . لكن هل ليوم رضى عقيب
يا مصر قام العذر إن يقلق مضاجعك الوجيب
وعلى فقيد كالذي تبكين فليكن النحيب
مات الأديب وإنه في كل معنى للأديب
مات المحامي عن ذمارك مات قاضيك الأريب
مات الأبي وتحت لين قوله الرأي الصليب
مات الذي تدعوه داعية الولاء فيستجيب
مات الذي ما كان مشهده يذم ولا المغيب
مات الذي ما كان في أخلاقه شيء يريب
مات الذي منظومه لأولي النهى سحر خلوب
ألضارب الأمثال ليس له بروعتها ضريب
هل في الجديد كقوله المأثور والمعنى جليب
آهان لو عرف الشباب وآه لو قدر المشيب
شعر على الأيام يرويه مردده الطروب
وكأنما في أذن قارئه يغني عندليب
كل المعاني معجب ما شاء والمبنى عجيب
ناهيك بالألفاظ مما جود اللبق البيب
كالدر مكن في العقود وللشعاع به وثوب
ديباجة كأدق ما نسجت شمال أو جنوب
فيها حلى جد الفواتن وشيها واش لعوب
آيات حسن كلها صفو وليس بها مثوب
في رقة النسمات بالعبق الذكي لها هبوب
تستافها رأد الضحى ويظلك الوادي الخصيب
في بهجة الزهرات باكرهن مدرار سكوب
فاللحظ يشرب والندى مشمولة والكم كوب
كنسيبه الأخاذ بالألباب فليكن النسيب
وكمدحه المدح الذي أبدا له ثوب قشيب
وكوصفه الوصف الذي عن رؤية الرائي ينوب
يتناول الغرض البعيد إذا البعيد هو القريب
أو يبرز الخلق السوي فللحياة به دبيب
كل يصادف من هواه عنده ما يسطيب
فكأن ما تجري خواطره به تجري القلوب
لله صبري وهو للغة التي انتهكت غضوب
بالرفق ينقد ما يزيف المخطئون ولا يعيب
في رأيه اللغة البلاد أجل هو الرأي المصيب
يودي الفصيح من اللغات إذا غفا عنه الرقيب
أفديك فارقت الحياة وغيرك الجزع الكئيب
جارت عليك فضاق عن سعة بها الذرع الرحيب
تلك الحياة وما بها إلا لأهل الخبث طيب
كم بت في سهد وأنت لغاية شقت طلوب
جواب آفاق المعارف والأسى فيما تجوب
حتى تحصل ما تحصل من فنون لا تثيب
وجزاء كدك ذلك الداء الدوي به تثوب
ألكاتب العربي مهما يدهه فله الذنوب
إن لم يصب مالا وكيف وتلك بيئته يصيب
فالفضل منقصة له وخلاله الحسنى عيوب
ويمر بالعيش الكريم وما له منه نصيب
فإذا قنى مالا كما يقني لعقباه الحسيب
حذر المهانات التي متقدموه بها أصبيوا
أفنى بمجهودته قوته وأرداه اللغوب
قتلا بنفث دم قتلت وعج مرقدك الخصيب
فثويت في اليوم المنجي واسمه اليوم العصيب
وبحق من كنت المنيب إليه يا نعم المنيب
لأخف من بعض المقالة ذلك الموت الحزيب
أعني مقالة كاشح في قدرك العالي يريب
ممن يهش كما تثاءب وهو طاوي الكشح ذيب
شر الأنام الباسمون وفي جوانحهم لهيب
ألمدعون البحث حين القصد منهم أن يغيبوا
متنقصو محسودهم وله التجلة والرجوب
فئة تنال من الفتى ما لم تنل منه ألكروب
لفخاره تأسى كأن فخاره منها سليب
قالت لتضليل العقول وليس كالتضليل حوب
صبري مقل ورده عذب وآفته النضوب
أخبث بما أخفوا وظاهر قصدهم عطف وحوب
ما الشعر يا أهل النهى والذكر ديوان رغيب
من يسأل الحصري وابن ذريق فاسمهما يجيب
أزهى وأبهى الورد لا يأتي به الدغل العشيب
ماذا أجاد سوى القليل أبو عبادة أو حبيب
لو طبق السبع النعيب أيطرب السمع النعيب
أو لم يطل شدو وشاديه الهزار أما يطيب
ألشعر تلبية القوافي والشعور بها مهيب
وبه من الإيقاع ضرب لا تحاكيه الضروب
هو محض موسيقى وحسات تصورها الضروب
هو نوح ساقيه شكت لا قدر ما يحوي القليب
هو ما بكاه القلب لا معيار ما جرت الغروب
هو أنة وتسيل من جرائها نفس صبيب
عمدوا إليك وأنت ميت ذاك بأسهم الغريب
ولقد تراهم ساخرا منهم وأشجعهم نخيب
خالوا رداك إباحة خابوا ومثلهم يخيب
فاذهب أبا الشعراء فخرك ليس ضائره الذهوب
أما بنوك فعند ظن النبل أبرار ندوب
نم عنهمو ومقامك العالي وجانبك المهيب
لك في النهى بعد النوى شفق ولكن لا يغيب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
وقعت نهاية دائك المنتاب
وقعت نهاية دائك المنتاب وقع الفجاءة في انقضاض شهاب
في يوم الاستبشار بالعيد الذي هو معقد الآمال من أحقاب
وبحضرة الملك المهيب وملتقى وزرائه والشعب والنواب
وبمشهد من قادة في أهبة وذوي سيوف تنتفى وحراب
بينا تقول وفي الخطاب بقية نزل القضاء فكان فصل خطاب
فإذا التعجب والأسى قد أعقبا ما كان من طرب ومن إعجاب
عاش المليك ونجمه في أوجه أن يهوي بين يديه نجم كاب
عظة أراد الدهر إغرابا بها يا بعد غايته من الإغراب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
ذكراك بالإكبار والإعجاب
ذكراك بالإكبار والإعجاب تبقى مجددة على الأحقاب
عام به كر الزمان وفره جاز الحساب ولم يكن بحساب
فإذا الذي عمر اليقين فؤاده في حيرة المتردد المرتاب
ألقى حواصبه على الدنيا فما بلد نجا من حاصب منتاب
طير أبابيل حجارتها اللظى تدع القرى في وحشة وتباب
وتعاقب العزل الضعاف وما جنوا بصواعق ليست بنات سحاب
فالأرض راوية الثرى بدم جرى والدمع ممزوج بكل شراب
هل هذه المثلات وهي روائع فيها لنا عظة وفصل خطاب
ماذا نعد لذودها عن حوضنا يكفي الدعاب لات حين دعاب
فليسأل الأحياء موتاهم فقد تهدي فضائلهم أولي الألباب
اليوم تخلو مصر للذكرى وكم ذكرى تنفس من كروب مصاب
فتعيد سيرة ذلك القطب الذي بجلاله هو قدوة الأقطاب
حمل الأمانة وهي جد ثقيلة وعتاب مودعها أشد عتاب
ومن الأمانة ما يناء بعبئه ويزيد حزم الشيخ عزم شباب
أي الرجال سوى ابن بجدتها لها وسبيلها محفوفة بعقاب
لبى محمد إذ دعته بلاده طوعا لحكم وفائه الغلاب
ورياسة الوزراء هل تحلو وما من سؤرها في الكأس غير الصاب
كانت وكل الأمر مستعص بها والسير بين مخارم وشعاب
فنضالها الرأي النزيه عن الهوى ومضى وبين يديه نور صواب
مستكمل الأخلاق للعلياء في درجاتها مستكمل الآداب
يقظ لكل جليلة ودقيقة حذر ولكن ليس بالهياب
ومجامل يرعى بما فيه الرضى كلا على قدر وليس يحابي
في أي وقت لم يطل وكأنه عمر طويل الهم والأوصاب
وهب المحب قواه وهي مضنة لله در الحب من وهاب
لرخاء أمته وعزة جيشها لم يدخر سببا من الأسباب
فإذا المعاضل واجدات حلولها وإذا المضايق واسعات رحاب
وإذا الحياة تعود ذات بشاشة والبؤس ينظر كاشر الأنياب
يا من نأى عن مصر فاجتمعت على ثكل وما في الثكل من أحزاب
من بدء عهدك ما فتئت مكافحا تطأ الصعاب بعزمك الوثاب
وعلى التنوع في اتجاهك لم ترم مسعاك متصل وشأنك راب
تبكي المكارم أريحيتك التي كانت تحقق أنبل الآراب
تبكي مباني البر أسمح من بني للبر والحاجات جد رغاب
تبكي صروح العلم خير موطيء أكنافها لمطالب الطلاب
يأسى البيان وأي خطب خطبه في أبرع الخطباء والكتاب
تأسى النيابة أن تبين وكنت من حصفائها وثقاتها الصياب
أنجزت في الدنيا كتابك معجلا وحملت للعليا أبر كتاب
فأصبت في الأولى أعز كرامة وأًصبت في الأخرى أجل ثواب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
يا من ناى عني
يا من ناى عني وكان أجل أخواني وصحبي
وجزعت حين فجعت فيه أن تقدم وهو تربي
فأقمت محتسبا بذكراه وما الذكرى بحسبي
اليوم عاد بنا الزمان إلى ملازمة وقرب
في صورتين تجددان حياتنا جنبا لجنب
يا من يقلب فيهما نظراته لا تحفلن بي
هذا أمير الشعر والشعراء من عجم وعرب
هذا الذي نظم الروائع للنهى من كل ضرب
وهو الذي آثاره مسطورة في كل لب
وهو الذي ببيانه يهدي وبالإيقاع يصبي
لم يدع داع لم يجبه ذلك الوحي الملبي
فهو المنادم والمفاكه والمعلم والمربي
تمثاله من معدن ومثاله في كل قلب
لله دار هداية هي دار تمثيل ولعب
كم أخرجت حكما من اللهو البريء المستحب
نزلت عباقرة النهى منها على سعة ورحب
ولقوا الإثابة من وفاء حكومة وثناء شعب
فاروق يا زين الملوك الصيد في شرق وغرب
وأجل راع للعلوم وللفنون رعاك ربي
وأطال عمرك بين إجلال تحاط به وحب
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
ليس تغوي أمة فيها هداة
ليس تغوي أمة فيها هداة بشروا المظلوم في مصر قضاة
أسعد الأقوام قوم عندهم رسخ الحق وأجلى الافتئات
ماليء الأسماع درا قد نجا فأقرت أعينا تلك النجاة
ذلك الفود الذي نمت له خلتا الفوز ذكاء وثبات
لم يزل يدأب في مطلبه ونصيراه رجاء وأناة
ناهضا أو رابضا حتى بدت آية الإنصاف تجلوها إياة
فانبرى منتهزا فرصتها والفتى من لم تفته الفرصات
ذاد ذودا رائعا عن حوضه يتجارى لفظه والعبرات
لا لعمري ليس منقضا حمى وله في الموقف الصعب حماة
شرفا يا مبرئيه إنه ليس في الحق على الدهر فوات
أي حي أوتي العصمة في حكمه من خطة فيها هنات
ومن الموحى إليه من عل مطلق الإنصاف والرأي البتات
أوتي العقل ولم يؤت الهوى علم من هم أبرياء أو جناة
وأدق الناس في تقديره طالما غمت عليه التبعات
برئوا ذلك أزكى كلما أعرضت دون اليقين الشبهات
أيها النابغة الشهم الذي بالرزايا صقلت منه الحصاة
عد إلى مصبات المرفوع في خفض عيش ولتعش مصر الفتاة
مصر ذات الشعب حرا واحدا لا التي ذلت وأهلوها شتات
عد وكن نادرة العصر الذي قوله القول إذا ارتاب الثقات
فلقد أعطاك ما كابدته من أسى أنفس ما تعطى الحياة
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
أسى أن تولى نعمة الله موحشا
أسى أن تولى نعمة الله موحشا معاهده فلتبكه بركات
ولا تقبل التأساء فيه مدارس بنوها عليه نوح وبكاة
مضى تاركا في قلب كل مهذب من الود مالا تنفس التركات
فتى صرح لا كنهه غير ما بدا عليه ولا الآراء مرتبكات
ولم توصم الآداب منه بريبة ولم تذمم الآراب والحركات
حكيم بدنياه عليم بدينه سليم به الأخلاق والملكات
عقيدته في منعة مطمئنة ومن حولها العلات معتركات
إذا جاءه خير أذاع الرضى به أو جاءه ضير لم تخنه شكاة
وإن يقن لا يقن الحطام وغيره تعز عليه فدية وزكاة
به شركات البر عادت قوية وقوتها أن تصدق الشركات
تبتل زهدا في الليالي وطيبها ففي طيبها الآفات والهلكات
ألم يتبين سوء ما تضمر الدجى وأستارها في الصبح منتهكات
فيا آله هذي من الدهر فتكة تهون إذا قيست بها الفتكات
أتغني فتيلا من عزيز وقد ثوى دموع بها الأرواح منسفكات
بداود فأتموا فإن حصانه لكالطود والأحداث مؤتفكات
هو الكوكب الهادي بساطع نوره إذا اشتدت الأسداف والحلكات
له القلم الفياض علما وحكمة كماء الغوادي لم تشبه نكات
معانيه كالعقد الفريد نظيمه وألفاظه كالتبر منسبكات
ويا من عليه في المدائن والقرى مآتم أهل الفضل محتبكات
سموت عن الدنيا وأنت موفق عليك سلام الله والبركات
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
كان ليل وآدم في سبات
كان ليل وآدم في سبات نام عن حسه إلى ميقات
والبرايا في هدأة الظلمات خاشعات رجاء أمر آت
يتوقعن آية الآيات
والربى في مسوحهن سواجد من بعيد والأفق جاث كعابد
ونجوم الثرى سواه سواهد ونجوم العلى روان شواهد
يتطلعن من عل ذاهلات
نظر الله آدما في الخلود موحشا لانفراده في السعود
مستزيدا والنقص في المستزيد فرأى أن يتمه في الوجود
بعروس شريكة في الحياة
إلف عمر والإلف للإنسان حاجة من لوازم النقصان
تلك في الخلق سنة الرحمن سنها منذ بدء هذا الكيان
وبها قام عالم الفانيات
منذ كانت هذي الخليقة قدما نشرات من الهباء فضما
ما تراخى منها فألف جرما ثم أحياه ثم آتاه جسما
مثله يكملان ذاتا بذات
بسطت أنمل اللطيف القدير في الدجى من أوج العلاء المنير
فأماجت بالضوء بحر الأثير وألمت بآدم في السرير
لاجتراح الكبرى من المعجزات
فتحت جنبه وسلت بعطف منه ضلعا فجاء تمثال لطف
جل قدرا عن أصله فاستصفي من دم الصدر لا التراب الصرف
سما عن صفاته بصفات
فبدت غضة الصبا حواء وهي هيفاء كاعب زهراء
ليد الله مظهر وضاء وسنى بين بها وسناء
شف عنه الجمال كالمرآة
تتجلى والليل يمضي اندفاعا ناظرا خلفه إليها ارتياعا
وبشير الصباح يدلي الشعاعا ناشرا رايات الضياء تباعا
داعيا للسرور والتهنئات
وتوالي النجوم ترمق آنا حسنها ثم تغمض الأجفانا
ونجوم الجنان تبدي افتتانا بالجمال الذي رأته فكانا
آية المبصرات والسامعات
وتناجت فوائح الأزهار وتنادت نوافح الأسحار
وتداعت صوادح الأطيار قلن هذي خلاصة الأسرار
وختام العجائب المدهشات
ربنا ما سواك من معبود أي خلق نرى بشكل جديد
بنا شمس أم قد بدت للعبيد صفة منك في مثال فريد
لتلقي سجودنا والصلاة
قال صوت هي العناية حلت فأنارت مليككم وأظلت
وهي سلطانة عليكم تولت وهي في يومها عروس تجلت
وغدا أم سادة الكائنات
تلك حواء في ابتداء الزمان لم يكدر صفاءها في الجنان
ما سوى جهل سر هذا الكيان وشعور بأن في العرفان
لذة فوق سائر اللذات
فاشترت علمها بفقد الدوام واشترت بالنعيم سر الغرام
واستحبت على اعتدال المقام عيشة بين صحة ومقام
في التصابي وملتقى وشتات
فإذا كان فعلها ذاك إثما أفلم تغل حين أضحت أما
بمعاناتها العذاب الجما روح قدس من الملائك أسمى
مصدرا للفداء والرحمات
غبنت في الخيار غبنا جسيما لكن اعتاضت اعتياضا كريما
أولم تؤتنا الهوى والعلوما فنعمنا وزاد ذاك النعيما
ما حفظنا به من الشقوات
فلهذا نحبها كيف كنا إن فرحنا في حالة أو حزنا
أو جزعنا لحادث أو أمنا وهواها من الأبرين منا
في صميم القلوب والمهجات
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
يا نخلة الخير قول
يا نخلة الخير قول من صاحب لا يداجي
ليست فتاتك إلا كالكوكب الوهاج
بل وجهها الصبح يبدو تحت الظلام الداجي
وأمها تتراءى فيه بأي ابتهاج
عن عنصريها تلقت أنقى وأرقى مزاج
أتت بكل المعاني وفقا لما أنت راجي
بل فوق ما قدرته منى الضمير المناجي
خفيفة الروح تخطو خطى القطا الدراج
لا تستقر خفوقا كالزئبق الرجراج
بيضاء سمراء صيغت في صورة من عاج
لونان أو هو لون فيها بديع امتزاج
مموة عالجته شمس أرق علاج
لا تفصح القول إلا شدوا كطير الحراج
والقول عي إليه تقاصر الفهم لاجي
فحسبها الرمز حتى تكفى صنوف الحاج
يا زينة البيت تزهو كوردة في سياج
لشعر عميك سحر في سحر عينيك ساج
عيشي وطيبي وسيري سديدة المنهاج
وإن دجا الريب كوني أصفى وأزهى سراج
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
أنا لا أخاف ولا أرجي
أنا لا أخاف ولا أرجي فرسي مؤهبة وسرجي
فإذا نبا بي متن بر فالمطية بطن لج
لا قول غير الحق لي قول وهذا النهج نهجي
ألوعد والإيعاد ما كانا لدي طريق فلج
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
بورك في خلقك المليح
بورك في خلقك المليح يا أشبه الخلق بالمسيح
وفي ذكاء له شعاع يبدو على وجهك الصبيح
وفي خصال متممات بالخلق الطاهر الصريح
وفي تناه بلا تباه ذودا عن المبدإ الصحيح
أعدت قسا وأين قس لو عاد من نده الفصيح
هل لنجيب إدراك شأو في شوط عليائك الفسيح
بوهم يعثر المجلي إن رامة عثرة الطليح
عظاتك البالغات طب من التباريح والجروح
أراهم بديعا بذاك البديع صفا جوهرا وحلا موردا
وباح لهم من كنوز النهى بما يستفز لها الحسدا
كنوز سيغزون أعلاقها ويسبون قيمها المرصدا
فإن فعلوا وهم فاعلون وللمرء في الدهر ما عودا
كما استنزفوا الشرق برا وبحرا فلا در أبقوا ولا عسجدا
فهذي الغوالي بقايا المعالي تقر لنا الماضي الأمجدا
وما ضائر فخرنا أن تباح ولا ضائر الجاه أن تجتدى
ألا ليتهم تركوا غيرها قديما ومدوا إليها يدا
على أنهم علموا بعد لأي كرامة أمتنا محتدا
لأن بيانا كهذا البيان جدير كما شاء أن يخلدا
وأن نفوسا كتلك النفوس لها رجعة في بنيها غدا
سما في المفاخر هذا الفخار لنا وأبى الحق أن يجحدا
فلا تبتئس وهو ذاك النضار إذا ما رأينا له نقدا
يريدون منا بناء القريض كثير المناحي قصي المدى
وقد جهلوا البيت نبنيه فذا فيستغرب الأمد الأبعدا
حلاه تنافس زهر الرياض ومعناه يستنزل الفرقد
فيهن للجسم برء جسم فيهن للروح برء روح
مولاي هذا مقال حق ما فيه شيء من المديح
يا سعد قوم وليت فيهم ولاية المصلح المشيح
خمس وعشرون قمت فيها بأمرهم غير مستريح
نفاذ رأي شديد عزم غير عتي ولا جموح
لك البييت الداني وتبني للبر مرفوعة الصروح
لولا اضطرار قضى لبس الطراز شوهدت في المسوح
تأخذ أخذ الجميل فيما تبغي وتنهي عن القبيح
تغفر للخاطيء اقتداء بربك الغافر السميح
لست لعذر عن أي قول أو أي فعل بمستميح
والنصح ما زاده قبولا كالصدق من جانب النصيح
لا تفتأ الدهر في حلول لسد ثغر أو في نزوح
قلب إلى الخالدات يرنو بناظر طاهر طموح
أو قلم كاتب وصوت مردد ما إليك أوحي
ما إن رأينا له سميعا وجفنه ليس بالقريح
رشيد أبلغ أجل حبر تهنئة الوامق النصوح
وادع له بالبقاء حتى يتم قدسية الفتوح
غير كثير لو عاش قطب له مزاياه عمر نوح
فأي عصر وأي مصر بمثله ليس بالشحيح
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
أنت يا سيدي على ما علمنا
أنت يا سيدي على ما علمنا أنت تأبى كل الإباء المديحا
وصواب أن المديح إذا ما جاوز الحد جاور التجريحا
غير أن الحق الذي ينفع الناس جدير بأن يقال صريحا
فتفضل وادن بتهنئة ادمج فيها ما عن لي تلميحا
أنا يا سيدي وشانك شأني أوثر الفعل لا الكلام مليحا
أنا أهوى الرئيس حلو التعاطي وأرى الزهو بالرئيس قبيحا
أنا أهوى المقدام والعالم العامل والواعظ التقي الفصيحا
أنا أهوى المدبر الطاهر السيرة والقادر الحليم الصفوحا
أنا أهوى فيمن يسوس الرعايا نظرا ثاقبا ورأيا رجيحا
ذاك شيء مما منحت فأرضاك وأرضى الورى وأرضى المسيحا
من يسبح على المواهب مولاه فزده يا سيدي تسبيحا
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
عيون الحلى تلك المناقب والعلى
عيون الحلى تلك المناقب والعلى فما رتبة تحلى بها ووشاح
ولكن آلاء الملوك كما ترى أتت مستفيضات وفيك سماح
ألا حبت الزينات إن كسيت بها معان كما تهوى النفوس ملاح
وحب الفتى إن لاح في وشي فخره كما لاح في وشي الغمام صباح
أتبطيء مصر عن ثواب وزيرها وما عهده إلا ندى وفلاح
أمولاي دم للمجد أنت له نهى وأنت له قلب وأنت جناح
لئن لم يتح لي أن أراك مهنئا لقد يمنع المأمون ثم يتاح
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: ديوان شعر جبران خليل جبران
مضى حسن في ذمة الله أنسه
مضى حسن في ذمة الله أنسه وذاك الضمير الحر والخلق الضاحي
برغم الندى والمحمدات بلوغه عيشته والعمر في وقت إصباح
ورغم الندامى من أديب وشاعر فراق أخ حلو الشمائل مسماح
أخ كان روحا للقلوب فإذ قضى أقمنا وما قلب لشيء بمرتاح
أخ عند آمال الكرام وفاؤه وأيامه أعياد صفو وأفراح
وكان كما يهوى الثقات وداده وليس بنمام وليس بفضاح
وليس ينوب السوء طيب حديثه كما لا يشوب السوء تغريد صداح
فتى الرأي والإصاح إن تك حالة دهتك فحالت دون رأي وإفصاح
فأي سمير بعد بينك آخذ من النفس حظا دونه مأخذ الراح
ومن لسن تجري عيون كلامه على شبه در من معانيه وضاح
ومن فطن تذكي نوافخ فكره فتتحف أرواح الرفاق بأرواح
ومن صانع عرفا فمغليه حيطة ويجذل أو يوفى بلفظة تمداح
عليك سلام الله ذكرك خالد ونجلك مرجو لسعد وإفلاح
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115313
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
صفحة 5 من اصل 8 • 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8
مواضيع مماثلة
» ديوان شعر المتنبي
» ديوان شعر امرؤ القَيس
» ديوان شعر محمود درويش
» ديوان شعرأحمد شوقي
» ديوان الامام الشافعي... تعلم اجمل الاخلاقيات
» ديوان شعر امرؤ القَيس
» ديوان شعر محمود درويش
» ديوان شعرأحمد شوقي
» ديوان الامام الشافعي... تعلم اجمل الاخلاقيات
صفحة 5 من اصل 8
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى