فضيحة الرشوة بالفيفا.وحكم مباراة الاهلي والترجي

من طرف الصقر الجرئ الجمعة 22 أكتوبر 2010, 9:51 pm

د. ياسر أيوب يكتب: فى فضيحة الرشوة بالفيفا.. يخسر بلاتر وحياتو وزاهر

عن جريدة المصري اليوم

٢٢/ ١٠/ ٢٠١٠

■ كل ما يجرى الآن فى أروقة الفيفا.. لم يعد يعنى إلا الحظ السيئ للرؤساء الثلاثة.. جوزيف بلاتر رئيس الفيفا.. عيسى حياتو رئيس الكاف.. سمير زاهر رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم.. فلم يتوقع أى رئيس منهم كل ما جرى منذ أن خرجت صحيفة صانداى تايمز البريطانية الشهيرة على قرائها صباح الأحد الماضى بتحقيقها الرائع عن فضيحة رشاوى الفيفا وكيف تنكر صحفيون من الجريدة وتقدموا لاثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية باعتبارهم ممثلين للملف الأمريكى الساعى لاستضافة مونديال ٢٠٢٢.. وقام الصحفيون الإنجليز بتسجيل صوتى وضوئى لكل من آموس أدامو، رئيس اتحاد الكرة النيجيرى.. والتاهيتى رينالد تيمارى، رئيس اتحاد أوقيانوسيا.. بطلبهما رشوة ليدلى كل منهما بصوته لمصلحة الملف الأمريكى.. كانت التسجيلات واضحة.. والفضيحة مؤكدة ومكتملة الأركان.. ولم يملك جوزيف بلاتر فى مقر الفيفا فى زيوريخ تجاهل الأمر أكثر من نصف نهار قبل أن يأمر بالتحقيق فيما نشرته الصحيفة البريطانية.. فهناك فى الشمال.. لا أحد يجرؤ على تجاهل ما تقوله الصحافة.. لم يقل بلاتر.. رغم أنه ليس من الملائكة أو من دعاة المدينة الفاضلة.. إنه لن يلتفت لما قالته صانداى تايمز.. لم يسخر مع مستشاريه وموظفيه من الصحيفة والصحفيين.. لم يقل لهم إنهم صحفيون فاسدوين ومرتشين يبتزون الفيفا.. لم يقل إن تجاهل الأمر كله هو أفضل وسيلة لغلق هذا الملف.. لم ينشغل بالبحث عن المؤامرة والأعداء الذين حرضوا الصحيفة البريطانية ضد الفيفا.. لم يرسل إنذارا على يد محضر لرئيس تحرير صانداى تايمز بدعوى قضائية أو بموعد للتحقيق فى مكتب النائب العام.. لم يظهر على شاشة التليفزيون السويسرى فى أى برنامج مأمون الجانب ليتقاسم مع المذيع المهمة الجليلة بهتك عرض الصحفيين وتلويث الشرف والسمعة.. لم يصرخ بأنه سيضع الحذاء فى فم أى صحفى يقترب من الفيفا.. لم يأمل أن يتدخل رئيس الحكومة البريطانية ليأمر بغلق الصحيفة البريطانية الشهيرة بعد اتهامها بإثارة الفتنة أو ترويج الشائعات الكاذبة ليستريح الناس من شرورها.. وإنما كان كل ما قام به بلاتر هو أمر منه كرئيس للفيفا للسويسرى كلاوديو سولسر، رئيس لجنة الانضباط بالفيفا ببدء التحقيق الرسمى فورا فيما نشرته الصانداى تايمز.. وأصبح حديث أهل الكرة فى العالم كله.. وبالفعل بدأ سولسر تحقيقاته صباح الإثنين.. وفى آخر نهار الأربعاء.. لم يكن سولسر يصدر قراره بإيقاف عضوى اللجنة التنفيذية اللذين أشارت لهما الصحيفة البريطانية واتهمتهما بطلب الرشوة.. وإنما كان يقرر أيضا إيقاف أربعة آخرين من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا.. سليم علولو من تونس.. آمادو دياكيتى من مالى.. آهونجالو فوسيماهولى من تونجا.. إسماعيل بامجى من بوتسوانا.. وكان قرارا أشبه بالصدمة لجوزيف بلاتر.. فالاتهامات والشكوك طالت ستة أعضاء مرة واحدة فى لجنته التنفيذية الموقرة.. أمر لم يتوقعه بلاتر مطلقا.. والأشد قسوة أن الاتهامات هذه المرة لم تأت من صحيفة أو من أى عدو كاره لبلاتر أو الفيفا.. وإنما من لجنة الانضباط التابعة للفيفا والتى باشرت عملها وتحقيقاتها فى قلب الفيفا فى قلب مدينة زيوريخ.. فقد قال سولسر إنه تجمعت لديه دلائل وأوراق وحكايات ووقائع تجعله يقرر إيقاف الأربعة الآخرين.. ففى الوقت الذى كان فيه بلاتر يأمل وينتظر تبرئة اثنين متهمين من رجاله.. فوجئ بقرار داخلى صارم وحاسم بإيقاف ستة رجال مرة واحدة لتصبح الفضيحة أكبر من مجرد تحقيق صحفى.. بل أكبر إساءة وإهانة فى تاريخ الفيفا على الإطلاق.. فكان بلاتر بذلك هو أول رئيس يخسر من انفجار فضيحة الرشوة داخل الفيفا ولجنته التنفيذية.أما الرئيس الثانى الذى خرج من تلك الفضيحة خاسرا.. فكان عيسى حياتو رئيس الاتحاد الأفريقى لكرة القدم.. فالرجل فوجئ بالفيفا ولجنته الخاصة بالانضباط والأخلاق.. توقف أربعة من قادة الكرة فى أفريقيا.. رئيس الاتحاد النيجيرى.. ورئيس الاتحاد المالى.. واثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا ممثلين لأفريقيا.. التونسى سليم علولو والبوتسوانى إسماعيل بامجى.. ولم يقتصر الأمر على ذلك.. وإنما تأتى تلك الفضيحة وهذا القرار العقابى من أعلى سلطة أخلاقية فى الفيفا بعد انفجاز أزمة تقييم التحكيم فى أفريقيا واتحادها الكروى برئاسة حياتو عقب فضيحة الحكم الغانى لامبيتى الذى أساء إدارة مباراة الأهلى والترجى التونسى فى رادس.. وقبل أن يعلن سولسر عقوبات لجنته بحق أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا.. لم يكن هناك من يعرف على وجه الدقة ما الذى يفكر فيه حياتو.. هل هو مقتنع فعلا بحق الأهلى المصرى فى التقدم بشكواه ضد الحكم الغانى.. أم أنه يسخر من غضبة المصريين وصحافتهم وإعلامهم ومسؤوليهم بشأن ناديهم الذى تعرض للظلم الفاضح فى تونس.. هل هو جاد فيما قاله لصديقه وزميله هانى أبوريدة.. عضو اللجنتين التنفيذيتين للفيفا والكاف.. بأن الحكم الغانى أخطأ ومصيره هو شطبه من سجلات حكام الكاف..أم أنها كانت مجرد مجاملة لصديق، لكن حياتو فى قرارة نفسه لا ينوى فعل أى شىء مراهنا على أن المصريين سرعان ما سينشغلون بقضاياهم الكروية المحلية.. وأنهم مثل أى جمهور للكرة.. دائما ما تستهويهم تحميل أى خسارة للحكم.. وربما كان حياتو يبتسم لأبوريدة ويؤكد مرة بعد أخرى اعتزازه بمصر وأهلها بينما يجرى فى الخفاء تدبير مكيدة تطال لاعبى الأهلى وحرمانهم من أى ألقاب أو حفلات تكريم أفريقية.. ويجرى أيضا التخطيط لذبح حسام غالى بعد الشروع الكاذب والفاجر فى اتهامه بصفع البنزرتى المدير الفنى للترجى عقب نهاية المباراة..وهو الأمر الذى أبداً لم يحدث.. وفجأة.. تصدر لجنة الانضبط بالفيفا قراراتها وعقوباتها.. دعكم من كل الذين عوقبوا.. وتوقفوا أرجوكم عند المالى آكادو دياكيتى.. رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الأفريقى.. ففى أوج حيرة حياتو بشأن أزمة الأهلى والترجى.. تأتى شهادة رسمية من الفيفا بأن رئيس لجنة الحكام الأفريقية ليس فوق مستوى الشبهات.. بل يقرر الفيفا أن يوقفه ويمنعه من ممارسة أى صلاحيات له كأحد أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا.. ومع رئيس للجنة الحكام الأفارقة ثبت أنه ليس فوق مستوى الشبهات.. ممكن جداً أن يتلقى الرشوة ويقبلها.. ممكن جداً أن يوافق على تعطيل ضميره لبعض أو كل الوقت.. حينئذ يسهل تخيل أنه تعمد اختيار هذا الحكم بالتحديد لتلك المباراة بالتحديد ولمصلحة الترجى بالقطع.. يسهل أيضا الاقتناع بما بدأ يتردد مؤخراً عن شكوك وشبهات تتعلق باختيار هذا الحكم الغانى للمباراة بعدما تبين أن شركة إم تى إن.. راعية الاتحاد الأفريقى وبطولاته.. هى نفسها راعية نادى الترجى التونسى.. وأن الشركة استغلت نفوذها المالى الكبير داخل الكاف لاختيار هذا الحكم لمصلحة الترجى.. وأظن أن حياتو الآن.. لم يعد بمقدوره أن يسخر.. أو يتجاهل.. شكاوى المصريين من لجنة الحكام الأفارقة وسوء اختيارها إن كان بحسن نية.. أو فسادها إن كان اختيار الحكم فعلا متعمدا.. فهذه اللجنة رئيسها متهم بالرشوة والفساد وموات الضمير والذمة وضياع الأخلاق بقرار من لجنة الانضباط والاخلاق فى الفيفا.. ولكن إن كان رئيس الفيفا الذى فى الشمال.. أمر بالتحقيق العاجل أسفر عن الكشف عن حقائق ووقائع أخرى ربما تكون أكثر فسادا مما تضمنه التحقيق الصحفى.. فإن رئيس الكاف فى الجنوب لا يعنيه التحقيق أو الكشف عن أى خطأ أو فساد.. بل ولم يهتز حياتو ولم يضطرب والفيفا يعلن فساد أربعة من قادة الكرة فى أفريقيا وكأن الأمر لا يعنيه.. وكأنها ليست لحظة مناسبة فى رأى حياتو لمعاودة النظر فى كل أنظمة الكاف وسبل إدارته وملفات مشكلاته وخطاياه.ويبقى الرئيس الثالث.. والذى خسر أيضا من انفجار فضيحة الرشوة.. سمير زاهر رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم.. صحيح أن سمير زاهر ليس طرفاً فى قضية الرشوة.. وليس مشكوكاً فى أخلاقياته أو هناك ما يدينه كإنسان أو كرئيس للاتحاد.. لكن تبقى المقارنة صارخة بينه وبين بلاتر.. بين الاتحاد المصرى وبين الفيفا.. فالفيفا اهتم بمجرد تحقيق صحفى فى جريدة وفتح رئيس الفيفا تحقيقا لأنه قال إنه لن يقبل أن تبقى سمعة الفيفا على المحك محاطة بالشبهات والشكوك.. بينما الاتحاد المصرى ألغى.. فجأة.. مزايدة لبيع حقوق رعاية الاتحاد والكرة المصرية قبل أربعة وعشرين ساعة فقط من فتح مظاريف المناقصة..واستقال محمود طاهر عضو مجلس إدارة الاتحاد الذى كان مسؤولا عن ملف تلك المزايدة.. وكانت استقالته مسببة وفاضحة أيضا.. ولم يهتز ولم يهتم سميز زاهر لا بإلغاء المزايدة ولا باستقالة طاهر صديق عمر زاهر.. بل إن زاهر لم ينزعج أيضاً حين تقرر معاودة المزايدة من جديد وتم إسناد ملفها هذه المرة لعضو آخر فى الجبلاية هو اللواء صفى بسيونى.. وفى اللحظة الأخيرة أيضا.. يتقدم اللواء صفى باعتذار نهائى عن حمل مسؤولية ملف تلك المزايدة.. بلاتر انزعج وقلب الفيفا رأسا على عقب لمجرد اتهام صحفى لاثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية بالرشوة.. لكن سمير زاهر لم يمارس أكثر من طرقعة أصابعه وأحد أعضاء مجلس إدارة اتحاده بستقيل مؤكداً ومعلناً وصارخاً ومشيراً إلى فساد حقيقى داخل الجبلاية.. وكيف هناك داخل هذا الاتحاد من يرفض ١٦٢ مليون جنيه دخلاً للاتحاد وأندية الكرة فى مصر من أجل مصالح وعلاقات خاصة.. بلاتر الذى كان بإمكانه تجاهل ما نشرته صحيفة صانداى تايمز أو التظاهر بعدم قراءتها.. اهتم وأمر بالتحقيق ليرد لكل الناس فى العالم ويصحح صورة الفيفا.. أما زاهر فقد تكاسل عن الرد على من لا يمكن تجاهلهم.. سلطة قضائية ممثلة فى استفسار وأس ن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة الذى هو الحكومة فى هذا المجال.. وسلطة تشريعية ممثلة فى مجلس الشورى الذى احتج أعضاؤه وثاروا واعترضوا وتساءلوا عن أسباب رفض المزايدة الأولى بكل ما كانت تعنيه من أرباح ومكاسب لمؤسسة الكرة المصرية.. لم يهتم زاهر بأن يجيب ويرد على أسئلة النائب العام والحكومة ومجلس الشورى.. بل ولم يحفل حتى بالرد على كل ما أثير بشأن تلك المزايدة سواء على ورق الصحافة أو شاشات التليفزيون.. فكان الفارق واضحاً.. وصارخاً.. ومؤلماً ومهيناً أيضاً.. بين رد فعل الاتحادين.. الدولى والمصرى.. وبين جوزيف بلاتر وسمير زاهر.. بين الذى يحفل بالصحافة ويحترمها ويكترث بما تكتبه وبين من لا يقيم للإعلام كله أى وزن أو اعتبار.■ على المستوى الشخصى.. أنا أعتز بمحمود فتح الله نجم الزمالك والمنتخب القومى لكرة القدم.. أحب هدوءه وأحترمه إنسانيا كثيرا وجدا.. ولكن ذلك لن يمنعنى الآن من إبداء دهشتى واستغرابى من إعلان فتح الله عن ضرورة أداء صلاة استخارة أولا قبل الوصول لقرار مناسب بشأن بقائه واستمراره أو رحيله عن نادى الزمالك.. الاستغراب هنا سببه إحساسى بأن صلاة الاستخارة أمر فى غاية السرية والخصوصية بين العبد والرب.. فالإنسان يلجأ لهذه الصلاة حين يعجز عن حسم أمر أو اختيار ما.. حين تعلو أسوار الحيرة والمخاوف والتوهة.. فيلجأ الحائر والخائف للصلاة ويقف بين يدى الله طالبا الحكمة والرجحان والقرار الصحيح.. وهو أمر لا يمكن الزج به فى مجال الدعاية والأضواء.. ثم إننى لم ألمح أثراً لهذه الاستخارة أو أثراً لها ومحمود فتح الله يفاوض مسؤولى الزمالك ويشترط ثلاثة ملايين ونصف المليون فى السنة بينما لا يريد الزمالك أن يدفع إلا ثلاثة ملايين فقط.. ولا أعرف لماذا الخلط بمثل هذا الشكل بين الدين والدنيا.. لاعب يفاوض نادياً حول قيمة عقد.. ما الداعى إذن للزج بالصلاة فى مثل هذا الأمر.. وأنا أحمد الله الذى خلقنى مسلماً يؤمن بالله وكتاب الله وكلماته سبحانه وتعالى.. ولكننى رغم إيمانى وإسلامى واحتياجى الدائم لعبادة الله وقراءة قرآنه.. لم أفهم أن يجتمع رئيس اتحاد الكرة الطائرة مع بقية أعضاء مجلس الإدارة المختلفين مع رئيسهم فى مقر اللجنة الأوليمبية المصرية.. فيقرر الجميع قراءة الفاتحة على نبذ المشكلات والخلافات.. وشىء جميل ورائع أن نقرأ كلنا الفاتحة للسلام وبحثا عن صفاء القلب والنوايا.. ولكن ماذا بعد قراءة الفاتحة.. هل هذا هو أسلوب مواجهة الخلافات والاتهامات المتبادلة.. أم أننا بذلك نسىء إلى كتاب الله ومفرداته وآياته ونزج بها فى غير موضعها ونحتمى بها ستارا يدارى خطايانا وسوءاتنا وذنوبنا وعدم صدقنا وكل نوايانا غير المعلنة.. والدليل هو أن كل الخلافات فى اتحاد الطائرة لم تنته بمجرد قراءة الفاتحة فى مكتب اللواء محمود أحمد على رئيس اللجنة الأوليمبية.. وكنت أتمنى لو أن رئيس اللجنة الأوليمبية مارس دوره الحقيقى والتزم بواجباته ومسؤولياته وقرر أن يفتح تحقيقاً حقيقياً يصغى فيه لكل الأطراف المتصارعة.. سواء رئيس الاتحاد المنتخب.. أو أعضاء مجلس الإدارة الذين لايزالون يرفضون رئيساً اختارته الجمعية العمومية للاتحاد بملء إرادتها وكامل حريتها.