أدوات بناء الحضارة !!!
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أدوات بناء الحضارة !!!
العفاف فى السلوك
هو الخطوة الأولى واللازمة لتحقيق العفاف الباطن، وهو
مجموعة الأخلاق التى يصبح بها الإنسان إنساناً، فإن فُقد ذلك العفاف أصبح
الحديث عن المنظومة الأخلاقية والدعوة إليها مجرد كلام إنشائى غير متصل
بالواقع
وغير متحقق فى حضارتنا، وإذا أصبح الإنسان إنساناً أصبح بناء الحضارة أمرا
هينا وهدفا قريبا. والعفاف الباطن يتكون من مجموعة من الأخلاق، وهى كما
يلى:
الرحمة
والتى نراها مكررة فى كلمة الابتداء «بسم الله الرحمن الرحيم»،
وفى الحديث: «كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر»، وفى رواية:
«ببسم الله» وفى رواية: «بالحمد لله» (انظر: الجامع الكبير للسيوطى)،
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث الأولية، الذى جعله المحدثون
أول حديث يعلمونه تلاميذهم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ،
ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ» (صحيح
البخارى)، ويقول صلى الله عليه سلم: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ»
(صحيح البخارى).
الحلم والأناة
فقد قال النبى صلى الله عليه
وسلم لِلأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ
يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ» (صحيح مسلم)، ولقد رأينا
أُناسا كثيرين من خلق الله فقدوا هاتين الصفتين، وسبب ذلك أنهم فقدوا
العفاف الظاهر، مع أن المسلمين بنوا علومهم على التدقيق والتحقيق والتثبت
وهى صفات تنبثق عن الحلم والأناة اللذين يجعلان الإنسان يرى الحقيقة على
ما هى عليه، ولا يتسرع فى تهمة الآخرين ولا فى تأويل تصرفاتهم وأفعالهم
بصورة ظالمة تخالف الواقع والحقيقة، ولا بصورة متحيزة، ولقد نهانا الله
سبحانه وتعالى عن التحيز فى آيات كثيرة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا
هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ
بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى
أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء:135]، وهذا
يقتضى الصدق أولاً مع الله ومع النفس، ويقتضى ثانياً معرفة حقيقة الدنيا
وأنها إلى زوال، وأنها مزرعة للآخرة، والآخرة هى الحياة الحقيقة الدائمة،
ولذلك نرى أن العفاف الباطنى متعلق أيضاً بالعقيدة التى إذا ما فقدت فإن
الدنيا بأثرها والأخلاق بجملتها قد لا تعنى شيئا عند الإنسان.
التواضع
وفيه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ
لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ» (صحيح مسلم)، وأمرنا ربنا سبحانه وتعالى
فى آيات كثيرة بهذا التواضع وأنه يجب أن يكون لله، ونهانا عن الكبر حتى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ
فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ «(سنن أبى
داوود)، ويقول ربنا سبحانه وتعالى فى نصيحة لقمان لابنه التى ربط فيها بين
العفاف الباطن والظاهر: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ
فِى الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
* وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ
الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ} [لقمان:17-18]، ومع ذلك فإن الله سبحانه
وتعالى فرق بين المعانى الدقيقة، فجعل القوة فى طلب الحق ليس من قبيل
الكبر بل من قبيل عمارة الدنيا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ
يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54]
وقال تعالى وهو يشرح هذا
المعنى كله فى وصف الصحابة رضى الله عنهم: {أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29]، فنراه سبحانه يستعمل لفظ العزة ويستعمل
لفظ الشدة وهو الذى نهى نهياً تاماً عن الكبر والتكبر، حيث قال تعالي:
{أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر:60]، وقال:
{قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى
المُتَكَبِّرِينَ} [الزمر:72]، وقال: {إِنْ فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ
مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} [غافر :56]
الشهامة والنجدة والنصرة
والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
، ولذلك نرى فى واقع الناس أن الذى فقد
العفاف الظاهر ليست عنده هذه المعانى ولا يلتفت إليها ولا يضعها فى مكانها
الصحيح؛ بل يراها نوعا من أنواع السذاجة ويجادل فيها بغير علم، قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الحج :3]،
وفى هذه المعانى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلاَ
يُسْتَجَابَ لَكُمْ» (سنن ابن ماجة).
إن هذا كله هو أساس عملية بناء الحضارة، وهو يعد من الجهاد
الأكبر الذى عندما يُفْقَد يضمحل الجهاد الأصغر ويضيع، وهو ما أشار إليه
النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد
الأكبر» (أخرجه البيهقى فى الزهد)، وربنا يقول: {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ
حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ
المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا
عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ
المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج:78]، وبَشَّر النبيُّ صلى الله عليه
وسلم مَنْ ترك الجهاد فى سبيله بالذلة فقال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ
بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ
وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ
يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (سنن أبى داوود) وعلة ذلك
أننا لا نستطيع الجهاد الأصغر إلا إذا رجعنا إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد
النفس ومجمعه العفاف الباطنى، وإذا فقدنا الجهاد الأكبر فقدنا معه الجهاد
الأصغر فنظل فى حيرة لا نعرف لها نهاية.
لمــLAMYSـــيس- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 2365
نقاط : 21101
تاريخ التسجيل : 22/11/2011
رد: أدوات بناء الحضارة !!!
موضوع رائع و مميز
بارك الله فيكِ يا قمر
و جزيتي الفردوس الاعلى
بارك الله فيكِ يا قمر
و جزيتي الفردوس الاعلى
عبير الروح- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 29839
نقاط : 115304
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
قلب الحب- VIP
-
عدد المساهمات : 31739
نقاط : 137944
تاريخ التسجيل : 24/03/2011
الموقع : قلب حبيبي
رد: أدوات بناء الحضارة !!!
شهد القلوب
نورتي موضوعي
بطلتك الجميلة
وردك الاجمل
ودي
نورتي موضوعي
بطلتك الجميلة
وردك الاجمل
ودي
لمــLAMYSـــيس- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 2365
نقاط : 21101
تاريخ التسجيل : 22/11/2011
رد: أدوات بناء الحضارة !!!
قلب الحب
دايما منوراني
دومتي بكل ود
نحياتي
دايما منوراني
دومتي بكل ود
نحياتي
لمــLAMYSـــيس- عضو ماسي
-
عدد المساهمات : 2365
نقاط : 21101
تاريخ التسجيل : 22/11/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى