العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء، يشكو مرى الشكوى، لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.

وساكن الزمالك، الذي يجد الماء والنور والسخان والتكييف والتليفون والتلفزيون، لو استمعت إليه لوجدته يشكو مرى الشكوى، هو الآخر من سوء الهضم والسكر والضغط.


والمليونير ساكن باريس، الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة والخوف من الأماكن المغلقة والوسواس والأرق والقلق.

والذي أعطاه الله الصحة والمال والزوجة الجميلة، يشك في زوجته الجميلة ولا يعرف طعم الراحة.

والرجل الناجح المشهور والنجم، الذي حالفه الحظ في كل شيء، وانتصر في كل معركة، لم يستطع أن ينتصر على ضعفه، وخضوعه للمخدر، فأدمن الكوكايين وانتهى إلى الدمار.

والملك الذي يملك الأقدار والمصائر والرقاب، تراه عبداً لشهوته خادماً لأطماعه، ذليلاً أمام نزواته.

وبطل المصارعة أصابه تضخم في القلب، نتيجة تضخم في العضلات.

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة، برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.

وبرغم غنى الأغنياء، وفقر الفقراء، فمحصولهم النهائي من السعادة والشقاء الدنيوي متقارب.