المرشد النفسي والعلاج بالواقع

الإرشاد النفسي


الكاتب : المرشد | بتاريخ : الأحد 13-12-2009 01:21 صباحا

انتشر العلاج بالواقع بصورة سريعة بين المرشدين في منتصف الستينات واستخدم في الإرشاد الفردي والجماعي في المؤسسات والمدارس . والعلاج بالواقع هو أحد الاتجاهات الجديدة في الإرشاد والعلاج النفسي ، وهو اتجاه يعتمد على الإدراك والتفكير ، ويربط ما بين الاضطراب العقلي والسلوك اللامسؤول . حيث يقول صاحب النظرية ( وليام جلاسر ) : " إن السلوك اللامسؤول هو سلوك انهزامي يستدعي إيذاء الذات وإيذاء الآخرين " . وتركز هذه النظرية على فكرة أن الإنسان كائن عقلاني ومسؤول شخصيا عن سلوكياته . وعندما كان ( جلاسر) يعمل في التعليم كمرشد في الستينات ، طبق مفاهيمه الأساسية للعلاج بالواقع على وسائل التعليم والتعلم .

• التعريف بصاحب النظرية :
صاحب النظرية هو ( وليام جلاسر ) ، ولد في عام 1925 ، في مدينة كليفيلاند ، في ولاية أوهايو ، بالولايات المتحدة الأمريكية . حصل على البكالوريوس في الهندسة الكيماوية ، وعلى درجتي الماجستير والدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي من جامعة Case Western Reserve ، في كليفيلاند ، ثم انتقل إلى جامعة UCLA ، ليقوم بأبحاثه في الطب النفسي . وفي آخر سنة من بحثه قضاها في مستشفى إدارة الأطباء المتخصصين في لوس انجلوس وجد أن مريضين قد تخرجا في سنة واحدة ، وهي نسبة ضئيلة جدا ، مما أدى إلى اعتراضه على برنامج العلاج النفسي التقليدي المتبع ، وتكوين آرائه الخاصة حول العلاج الواقعي . وقد انتقل عام 1957 إلى كاليفورنيا كرئيس الأطباء النفسيين في مركز للفتيات الجانحات ، وكانت فرصة له لتنفيذ أفكاره حول طريقة العلاج الواقعي . وقد لاقت أفكاره نجاحا كبيرا ، إذ كانت النتائج مذهلة ، وغير متوقعة ، حيث أصبحت نسبة التخريج 1..% تقريبا خلال أربع سنوات. وفي عام 1961 نشر ( جلاسر ) الأشكال الأولى للعلاج الواقعي في كتاب ( الصدمة العقلية والمرض العقلي ) ، ثم نقحت المفاهيم الواردة في هذا الكتاب ووسعت ، ثم أعيد طبعها في كتاب ( المعالجة الواقعية ) وذلك في عام 1965 . وفي عام 199.منحته جامعة سان فرانسيسكو الدكتوراه الفخرية ، وذلك لإسهاماته . وفي عام 2..3 نال جائزة (ACA) وهي جائزة على مستوى الدولة وتقدم للإسهام العلمي في التطوير المهني ، وذلك نظير إنجازاته في مجال العلاج النفسي .
• النظرة للإنسان كما تراه نظرية العلاج بالواقع :
يرى ( جلاسر ) أن التعليم السائد يركز على الذاكرة ، وعلى المعرفة بالحقائق ، بينما يقللون من استخدام أساليب حل المشكلات ، والتفكير النقّاد . وذلك يعود لثقة ( جلاسر ) بشكل كبير في قدرة الطلاب على تحديد ملائمة خبرتهم التعليمية ، والمساعدة في اتخاذ قرارات جديدة ، كما يرى أن المعلم يسهل العملية التعليمية . وبهذا يرى أن كل شخص قادر على توجيه حياته وبوسع الناس إذا اعتمدوا على قراراتهم أكثر من اعتمادهم على مواقفهم أن يحيوا حياة مسؤولة وناجحة . ويلخص ( جلاسر ) قوله بالنظرة الإيجابية للناس ، فيقول : " إننا نعتقد أن كل فرد لديه قوة للصحة وللنمو ، وأن الناس في الأساس يريدون أن يكونوا مسرورين ، وأن يحققوا هوية نجاح ، وأن يظهروا سلوكا مسؤولا ، وأن تكون لديهم علاقات شخصية ذات معنى " . ( الشناوي ، 1989 ) .
• المفاهيم الأساسية للنظرية :
تعرف هذه النظرية بـــ (3R) ، وسأفسر سبب تسميتها بهذا الاسم بعد أن يتم تناول مفاهيم النظرية ، وهي كما يلي :
1ـ الواقع Reality : وهو عبارة عن الخبرات الواقعية الشعورية في الحاضر ، بعيدا عن المثالية أو الخيال ، أو الأحلام . وأن الفرد السوي هو الذي يتقبل الواقع الذي يعيشه ، بغض النظر عن الظروف المصاحبة . وأن إنكار الواقع ــ جزئيا أو كليا ــ يسبب اضطرابا في السلوك . ويرى ( جلاسر ) أن من أهداف نظريته هو تدعيم الواقع لدى العميل أو المسترشد.
2ـ المسؤولية Responsibility : وهي مسؤولية الفرد عن إشباع حاجاته . وتتمثل هذه الحاجات ، في الحاجات الفسيولوجية ، مثل : الحاجة إلى الأمن ، والحاجة إلى الحب ، والحاجة إلى الاحترام ، والحاجة إلى تقدير الذات . والإنسان السوي هو الذي يكون مسؤولا عن إشباع حاجاته ، ويكون مسؤولا عن سلوكه ونتائجه . وأن السلوك غير المسؤول ، ونقص القدرة على إشباع الحاجات الأساسية يسبب اضطراب السلوك .
3ـ الصواب والخطأ Right & Wrong : أي قدرة الإنسان على فعل الصواب ، وتجنب الخطأ ، وذلك حسب ما يمليه عليه الدين ، والقوانين ، والأعراف السائدة في كل مجتمع . وهو سلوك معياري ، متى ما احترمه الفرد حقق له حياة اجتماعية ناجحة ، والعكس بالعكس. ومن خلال العناصر الثلاثة السابقة ، سميت هذه النظرية بــ (3R) ، وهي : Reality + Responsibility+ Right .
4ـ السلوك Behavior : حيث يرى ( جلاسر ) أن التركيز يجب أن يكون منصبا على السلوك ، أكثر من العواطف ، لأن السلوك هو الذي يمكن تغييره . فالعلاج الواقعي ، يعتقد أنه من السهل أن يضبط العملاء ، أو المسترشدين سلوكهم ، من أن يضبطوا مشاعرهم وعواطفهم .
5ـ الاضطرابات Disorders : يقول ( جلاسر ) إن الاضطرابات تنشأ عند الشخص في حال فشل في تحقيق حاجاته كلها ، أو بعض منها مما يشكل له معاناة قد يخفيها ، وقد يظهرها . ودور الإرشاد هنا هو الكشف عن هذه المشكلات ، ومن ثم مساعدة المسترشد على إيجاد حل لها .
وقد حدد ( جلاسر ) أسباب اضطراب السلوك ، وهي :
1ـ نقص إشباع الحاجات للفرد ، أو فشله في إشباعها .
2ـ ارتفاع المعايير الأخلاقية للمريض بدرجة غير واقعية .
3ـ فشل الفرد في القيام بدوره الاجتماعي الموكل إليه .
4ـ ضعف أو انعدام المسؤولية لدى الفرد ( اللامبالاة ) .
5ـ إنكار الواقع ، أو فقدان الاتصال بالواقع .
• تطبيقات النظرية :
تتلخص أهم إجراءات عملية الإرشاد بالواقع فيما يلي :
1ـ إقامة علاقة إرشادية : وأساسها المشاركة ، والاندماج ، والاهتمام ، وكسب ثقة العميل ، ومصادقته . وهذا يتطلب المودة ، والدفء ، والتقبل ، والصبر ، في مناخ يسوده الفكاهة ، وإحياء الأمل عند العميل ، وتشجيع العميل على التعبير حول حاجاته التي لم يشبعها .
2ـ دراسة السلوك الحاضر : ويكون التركيز على السلوك الحالي للعميل ( هنا والآن ) ، وخاصة السلوك غير الواقعي ، وعدم التركيز على الماضي ، مع نظرة مستقبلية تتيح فرصة وضع خطة أفضل للمستقبل .
3ـ تقييم السلوك الحاضر : أي مواجهة ما هو موجود في الواقع ، وتقييم السلوك الحالي ومدى مسايرته للواقع ، ومدى إشباعه للحاجات ، ومدى مسايرته للمعايير الاجتماعية . ويقوم بذلك العميل ، ولا يصدر المرشد أحكاما ، بل يساعد العميل على إصدار أحكام واقعية .
4ـ التخطيط للسلوك الواقعي المسؤول الصائب : أي وضع خطة تتضمن تحديد احتمالات ، وبدائل السلوك الواقعي ، المسؤول ، الصائب ، المشبع للحاجات . ويجب أن تكون الخطة محددة وواضحة ، ومنطقية ، وقابلة للتنفيذ .
5ـ التعاقد على الالتزام بالخطة : وهنا يتم التعاقد بين الطرفين على الالتزام بالخطة الموضوعة التي تؤكد التزام العميل بتحمل المسؤولية ، لتغيير سلوكه إلى سلوك صائب ، لإشباع حاجاته في ضوء الواقع .
6ـ تقييم جدية الالتزام : وهنا يتم تقييم جدية الالتزام بالخطة ، وتقييم النتائج السلوكية لتنفيذ الالتزام . وعلى العميل أن لا يقدم الأعذار التي تعفيه من مسؤولية تنفيذ الاحترام . وعلى المرشد أن لا يتقبل الأعذار .
7ـ تعليم وتعلم السلوك الملتزم : ويتضمن ذلك إتاحة الخبرات ، وتقديم المعلومات . وهنا يتم تعزيز السلوك الملتزم ، وتعزيزه ، وتدعيمه ، وتصحيح الذات عند ارتكاب الأخطاء .
8ـ المثابرة حتى يتحقق الهدف : يحب المثابرة ، وعدم الاستسلام من جانب الطرفين ، حتى يتحقق الهدف . وحتى إذا فشلت الخطة ، وجبت المحاولات مرات عديدة .
• نقد النظرية :
نظرية العلاج بالواقع لوليام جلاسر فيها من القوة والضعف ، وفي البداية سأذكر جوانب القوة التي تتميز بها نظرية العلاج بالواقع .
أولا ـ جوانب القوة :
1ـ نظرية العلاج بالواقع ، نظرية سهلة التطبيق ، وتتصف بالمرونة التي تلائم المرشد ، والمسترشد على السواء .
2ـ يكون الإرشاد فيها متمركزا حول المسترشد ، ودور المرشد هنا مساعد .
3ـ نظرية العلاج بالواقع لا تنظر إلى ماضي العميل أو المسترشد ، لأن الماضي لا يمكن تغييره في ضوء هذه النظرية . وهي في هذه النقطة تخالف نظرية التحليل النفسي التي تهتم بماضي العميل .
4ـ تتصف نظرية العلاج بالواقع بالجدية في إجراءات تطبيقها مع زرع ثقة العميل بنفسه ، لكي يقوم هو بحل مشكلاته .
5ـ نظرية العلاج بالواقع ، صالحة كجانب وقائي ، وعلاجي على حد سواء .
6ـ اعتمادها بصورة رئيسية على المعرفة والحقيقة في الإرشاد .
7ـ يمكن استخدامها في عدد من الجلسات ومع أعداد مختلفة من الأفراد ، أي في الإرشاد الجمعي .
8ـ يمكن استخدامها مع جماعات صغيرة أو كبيرة ، كما هو الحال في غرفة الفصل الدراسي .
9ـ يمكن استخدامها في حل المشاكل التعليمية ابتداء من الروضة ، وحتى المدارس الثانوية .
1.ـ يمكن استخدامها من قبل الآباء والمعلمين خلال وقت قصير وبفاعلية .
11ـ تعتبر فعالة في معالجة الأفراد الذين صنفوا على أنهم يصعب التعامل معهم ، مثل : الجنوح ، والمنحرفين ، والفصاميين ، والمكتئبين ، والمدمنين على المخدرات ، والصراعات الزوجية ، والذهان ، وفي حالات التوتر .
ثانيا ـ جوانب الضعف في نظرية العلاج بالواقع :
1ـ صعوبة استخدام العلاج بالواقع مع بعض حالات التخلف العقلي ، وحالات الاجترارية الذاتية في الأطفال Autism ، وكذلك مع حالات الأمراض الذهانية ، وحيث توجد اضطرابات في الجوانب المعرفية .
2ـ تركز نظرية العلاج بالواقع على السلوك وتقلل أهمية المشاعر وترى أن السلوك هو الأهم في الاهتمام وفي التغيير ، وهذا التركيز يتعارض مع رؤية نظريات نفسية أخرى .
3ـ لا توجد أساليب محددة يستند إليها المرشد في محاولاته لتغيير السلوك بخلاف مساعدة المسترشد على الوفاء بخطة التغيير .
4ـ التعارض الذي تشتمل عليه النظرية بين الدور الذي تلعبه المسؤولية ، والدور الذي يلعبه الاندماج في تكوين هوية النجاح ، أو تكوين هوية الفشل . فعلى حين ترى أن الاندماج شرط مبدئي للوفاء بالحاجات ، فإنها تقرر أن الفرد لديه القدرة على الوفاء بحاجاته بمسؤولية ، ودون شروط مسبقة .
5ـ ترى النظرية أنه يمكن توجيه النقد من جانب المسترشد للمرشد ، وإمكانية أن يطرح المرشد مشكلاته على المسترشد لا يتسق مع ما تفرضه معظم النظريات من وجود حدود مهنية بين المرشد والمسترشد ، وضرورة أن تكون العلاقة مهنية .
6ـ ما أشار إليه ( جلاسر ) على أنه صحيح أو الحق ، لم يحدد لنا معياره ، وإنما تركه للمعايير الأخلاقية التي يراها المرشد ، ولاستبصارات المسترشد بمعايير المجتمع . وبهذا فإنها يمكن أن تشتمل على جوانب ذاتية للمرشد قد لا تكون هي الصحيح دائما .
7ـ المدى الواسع الذي يقرره ( جلاسر) لإمكانيات طريقته في العمل مع عديد من الحالات . بينما نجد أن الاستخدامات الحقيقية للإرشاد بالواقع ، أو العلاج بالواقع لا تخرج عن إطار المدارس والمؤسسات الإصلاحية والتعليمية بصفة خاصة .
8ـ إن ترك الحكم على السلوك للمسترشد وحده قد يستغرق وقتا طويلا ، وربما لا يحدث إطلاقا إذا كانت هناك مشكلات معرفية ( عقلية ) لدى هذا الشخص.

استاذ محمد نادر

ما شاء الله على الموضوع الرائع
وما يحمله من فوايد
بارك الله فيك
ودي

للأخت لميس
مرورك نور مشاركتي

موضوع اكث من رائع

وبه فوائد كثيره

سلمت يداك

موضوع رائع اخي محمد

تشكر عليه

الأخت شهد
ألا تستحق هذه الموضوعات ( العلاج بالواقع)
أن تثبت
لأن فكرة هذه الطريقة تعادل فكرة العلاج بالتحليل النفسي

حيث أن جلاسر من العلماء المحدثين إذ ولد عام
1925في مدينة أوهايو الأمريكيةحيث يقول صاحب النظرية ( وليام جلاسر ) : " إن السلوك اللامسؤول هو سلوك انهزامي يستدعي إيذاء الذات وإيذاء الآخرين " . وتركز هذه النظرية على فكرة أن الإنسان كائن عقلاني ومسؤول شخصيا عن سلوكياته . وعندما كان ( جلاسر) يعمل في التعليم كمرشد في الستينات ، طبق مفاهيمه الأساسية للعلاج بالواقع على وسائل التعليم والتعلم .

وهناك عدة مشاركات حول العلاج بالواقع أرجو أن تحقق الفائدة منها

الكاتب
فيصل قريشي
أخصائي نفسي عيادي
مشرف سابق



المعلومات



المنتدى : مكتبة علم النفس الـعــيـــادي
الفصل الثاني عشر العلاج بالواقع ( Reality Therapy ) .

--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد :
اليوم نلتقي مع :

الفصل الثاني عشر العلاج بالواقع ( Reality Therapy )
أولا : مفاهيم أساسية
1 ـ الواقع
2 ـ المسؤولية
3 ـ الصواب و الخطأ
ثانيا : مسلمات أساسية
ثالثا : أسباب اضطراب السلوك
رابعا : الأعراض
خامسا : إجراءات عملية العلاج بالواقع
سادسا : فنياته
1 ـ الاندماج
2 ـ مواجهة السلوك الشائع
3 ـ تقييم السلوك
4 ـ مسؤولية السلوك الموجه
5 ـ التعهد
6 ـ رفض الأعذار


الفصل الثاني عشر
العلاج بالواقع ( Reality Therapy )
يعتبر ثورة على التحليل النفسي ابتكرها وليام جلاسر ( Glaser ) سنة 1965 حين ظهر كتابه " العلاج بالواقع " و حين أنشأ معهد العلاج بالواقع في لوس أنجلوس بأمريكا سنة 1968 .
أولا : مفاهيم أساسية :
يقوم على ثلاثة مفاهيم رئيسية يجب تعلمها و يرمز لها أحيانا بــ " 3Rs " و هي :
1 ـ الواقع : و هي الخبرات الحقيقية الواقعية الشعورية في الحاضر ، و الفرد السوي هو الذي يتقبل الواقع و لا ينكره . و من أهداف العلاج تنمية الواقع .
2 ـ المسؤولية : و تتجلى في قدرة الفرد على إشباع حاجاته ، و يحقق ما يشعره بقيمة الذات ( في نظره ، و في نظر الآخرين ) ، و الجدية ، و الأمانة ، و الصدق ، و الوفاء بالوعد ، و النزاهة ، و الحكمة . و تتضمن المسؤولية حرص الفرد و هو يشبع حاجاته ، على أن يمكن الآخرين من إشباع حاجاتهم . و السلوك غير المسؤول يؤدي إلى المرض النفسي لذلك يوصف العصابي أو الذهاني بأن سلوكه غير مسؤول . و من أهداف العلاج بالواقع زيادة تحمل المسؤولية ، و زيادة النضج ، و الضمير الحي .، بحيث يصبح الفرد قادرا على إشباع حاجاته .
3 ـ الصواب و الخطأ : هو مبدأ معياري أخلاقي يحدد السلوك السوي ، و غير السوي بهدف تحقيق حياة اجتماعية ، و من أهداف العلاج بالواقع إتباع الصواب ، و اجتناب الخطأ .
ثانيا : مسلمات أساسية :
من أهمها :
1 ـ السلوك في الواقع إما صحيح أو خاطئ ، حسب المعايير السلوكية ( يحددها الدين ، و القانون ، و العرف ) .
2 ـ الاضطرابات و المعاناة سببها الفشل في إشباع الحاجات الأساسية .
3 ـ الحاجات الأساسية أهمها :
أ ـ الحاجة إلى الانتماء و الاندماج مع شخص أساسي على الأقل ( الوالدان ـ الأصدقاء ـ الزوج ـ الأولاد ....) .
ب ـ الحاجة إلى الحب و المحبة و هذه الحاجة تتضمن الحاجة إلى الأمن و الميل إلى الاجتماع .
ج ـ الحاجة إلى الاحترام ، و لكي يشبع الفرد هذه الحاجة و يكون جديرا بالاحترام فلابد أن يكون ملتزما بالمعايير الاجتماعية ، و السلوك المعياري و الأخلاقي و القيمي .
د ـ الحاجة إلى تقدير الذات ( الشعور بقيمة الذات ) بالسلوك السوي الذي يكون مقبولا و معياريا و ملتزما بالقيم و الأخلاق ، و هذه الحاجة ترتبط بالحاجة إلى تأكيد الذات .
هـ ـ الحاجات الفيزيولوجية مثل : حاجة الفرد إلى الهواء ، و الماء ، و الغذاء .....
4 ـ العلاج جزء من العملية التربوية .
ثالثا : أسباب اضطراب السلوك :
من منظور هذا العلاج فإن أهم الأسباب هي :
1 ـ نقص إشباع الحاجات و أنه كلما بدأ الفرد مبكرا في تعلم إشباع حاجاته بنجاح كلما كان توافقه أفضل .
2 ـ ارتفاع المعايير الأخلاقية للمريض بدرجة لا يمكن مسايرتها .
3 ـ خلل التنشئة الاجتماعية فيما يتعلق بتعلم السلوك المعياري المسؤول المؤدي إلى إشباع الحاجات بأسلوب واقعي صحيح .
4 ـ انخفاض الأداء أو اضطرابه ( قصور في الخلق و السلوك ) .
5 ـ عجز الفرد أو فشله في قيامه بأدواره الاجتماعية .
6 ـ الفشل في تعلم السلوك المسؤول ، و ضعف أو انعدام المسؤولية .
7 ـ إنكار الواقع أو إخفاؤه ( عدم الواقعية أو فقدان الاتصال بالواقع ) .
رابعا : الأعراض :
من أهم أعراض اضطراب السلوك التي يمكن التغلب عليها باستخدام العلاج بالواقع ما يلي :
1 ـ نقص القدرة على إشباع الحاجات الأساسية .
2 ـ إنكار واقع العالم الحقيقي من حول الشخص ( جزئيا أو كليا ) ، و يلاحظ أن المريض ينكر واقع الحياة من حوله عندما يفشل في إشباع حاجاته ، فالواقع فيه قانون ، و لكن الفرد لا يلتزم به ، و الوقع ليس فيه أعداء متآمرين على الفرد و لكنه يدعي ذلك و يعتقد فيه ، و الواقع يحتاج إلى مواجهة و حل المشكلات بدلا من الانطواء و الاكتئاب ، و من الأمثلة : الخواف ( تشويه للواقع ) ، و الاكتئاب ( هروب من الواقع ) ، و الجناح ( خروج على الواقع ) ، و الفصام ( إنكار الواقع ) ، و ذهان الشيخوخة ( عزلة عن الواقع ) ، و الانحراف الجنسي ( محاولة غير واقعية لإشباع الحاجة إلى الحب و المحبة ) .
خامسا : إجراءات عملية العلاج بالواقع :
هي في جوهرها عملية تعليم و تعلم ومن أهم محاورها إشباع الحاجات و تتلخص فيما يلي :
1ـ إقامة علاقة علاجية إنسانية ( المعالج و المريض ) أساسها الاندماج والاهتمام و قوامها الثقة و الانفتاح و الصدق .
2 ـ دراسة السلوك الحالي في ضوء إدراك الواقع و الاعتراف به و التعامل معه ( تقبل العالم الحقيقي ) ، و في إطار التركيز على الحاضر و العمل للمستقبل من الآن فصاعدا مع التركيز على الشعور .
3 ـ تقييم السلوك الحالي و مدى إشباعه للحاجات ( في ضوء المعايير ) تمهيدا لتغييره حتى يشبعها بسلوك مسؤول .
4 ـ تحديد احتمالات السلوك المشبع للحاجات في إطار الواقع .
5 ـ اختيار و تقرير السلوك المشبع للحاجات ( في العالم الواقعي ) ، و المحقق للهدف ( في إطار الواقع ) بصورة ناجحة و الالتزام ( تعاقد علاجي ) كعمل ما هو واقعي و مسؤول و صواب .
6 ـ تعليم المريض طرق و أساليب سلوكية واقعية و ناجحة لإشباع حاجاته .
7 ـ تقييم النتائج السلوكية لتنفيذ الالتزام .
8 ـ إثابة الذات على السلوك المعياري الملتزم ( الصواب ) و تصحيح الذات عند ارتكاب السلوك المعياري غير الملتزم ، و تحسين السلوك إذا كان دون المعايير .
9 ـ المثابرة حتى يتحقق الهدف .
سادسا : فنياته :
تتلخص فيما يلي :
1 ـ الاندماج : تقبل المريض بواقعه الحالي .
2 ـ مواجهة السلوك الشائع : هو إبلاغ المريض بسلوكياته غير المسؤولة حتى يمكن دفعه للقيام بسلوكيات أكثر مسؤولية .
3 ـ تقييم السلوك : يساعد المعالج المريض على تقييم سلوكه و نقد ذاته نقدا محايدا ليرى ما إذا كان هذا السلوك مسؤولا أم لا
4 ـ مسؤولية السلوك الموجه : يساعد المعالج المريض على تعلم الطرق الحديثة للتعلم من خلال توجيه سلوك المريض لبعض المواقف التي تقابله حتى يتحمل المسؤولية و يبدي تحسنا ملموسا في تناوله مشكلاته .
5 ـ التعهد : يقدم المريض تعهدا إلى المعالج بالكف عن السلوك غير المرغوب .
6 ـ رفض الأعذار : و هنا يرفض المعالج و لا يتقبل الأعذار التي يقدمها المريض مهما كانت الأسباب .
7 ـ تجنب العقاب : يجب على المعالج عدم استخدام العقاب نهائيا حتى لا يعوق المريض عن تقييم سلوكه .

فيصل قريشي .

أسـاليب العلاج الحديثـة بدأت تبتعد عن العلاج فى داخل المستشفى نحو علاج فى داخل مجتمع للصحة العقلية حيث يشاهد المريض وهو يتعامل مع واقعـه ، ويوجـه للتعامل مع هذا الواقع دون أن يكون باحثاً عن العلاج أو هارباً منه . وهناك فائدة أخرى نجنيها من العلاج بعيداً عن المستشفى - وبعيداً عن الاريكة التحليلية - هى ابقاء المريض فى بيئته الطبيعيـة، وبالتالى التخفيف من حدة قلقه، والتقليل من مشكلات اعادة التوافق عندما يعود الى التعامل مع الواقع الخارجى بعد فترة العلاج.

ان العلاقة فى جلسات التحليل النفسى تكون علاقة شخص بشخص ( أى المحلل والمريض) وهذه العلاقة علاقة تعسفية وغير واقعية إذ قليلاً ما يتصرف الناس بهذه الطريقة فى العالم الخارجـى .

ان الأريكة - نفسها - رمز للعزلة ، والوحدة التى يفرضها المحلل النفسى على مريضه. فبهذا الموقف يساعد المحلل المريض على أن يواجه منعزلا نفسه، وغيره من الناس والأشياء.

وعلى هذا فإذا ذهب المريض الى الطبيب يشكو من الاكتئاب، والشعور بالوحدة وهو مع أصدقائه وبين أفراد أسـرته فإننا لن نصل الى علاج حقيقى لهذه المشاعر من مجـرد الاستلقاء على اريكة وثـيرة الصنع .

ما البديـل ؟ : والبديل لهذا أن يتحدث الطبيب الى المريض ويواجهـه وربما فى وجود الزوجـة، أو بوجود بعض الناس الآخرين وأن يحدثـه فى هذا الموقف من الخصائص الشخصية التى نجعل الناس ينعزلون عنه وينفـرون منه .

وقد يطلب منه مثلاً أن يخفف ميله الى السخرية غير المرحـة دون اهتمام بما أدى به الى هذا الاسلوب من خبرات طفولية مبكرة .

ان الدكتور " وليم جلاسر " - وهو من أحد الاطباء النفسيين المحدثين - ومؤسس ، ومدير مركز علاج الواقع بلوس أنجلوس يقول " ان المحلل النفسى قد يظن نفسه بأنه عالج مشكلة مريضة فى حجرة التحليل. ولكن علينا ألا نتصور أن المريض يمكن أن يقضى حياته بأكملها فى داخل هذه الحجرة .

ويتساءل متعجبا : ما الذى يحدث للمريض عندما يعود الى زوجته وجيرانه؟ أنه إذا لم ينجح هنا فلا نجاح على الاطلاق، ان مشكلته اذن قائمة كما هى، ولعل هذا هو السبب الذى يجعل من التحليل النفسى اسلوباً غير ملائم فى مواجهة الحياة الواقعية.

وبسبب الرغبة فى مساعدة المريض، ومواجهته بصعوباته الوجدانية فى بيئته الطبيعية يجمع المعالج النفسي بين المريض، والأقران، وغيرهم فى الجلسات العلاجيـة .

فى الوقت الذى لا زال فيه المحلل النفسى - حتى الآن - ينظر الى أن شكلاً من أشكال الاتصال الشخصى بالمريض على أنه نوع من انتهاك نقاء العلاقة التحليلية.

ويدرك - الآن - الأطباء النفسيون أن أقران المريض وزوجته وأصدقاءه يمكن أن يقدمـوا نواحى مختلفة من المعرفة بالمشكلة، لا يستطيع ان يقدمها الطبيب وحده فى مدة شهور، ووجود هؤلاء " الخارجين " يساعد على ابراز استجابات عدة عند المريض لم يكن من الممكن ظهورها دون وجودهم أو بوجود المعالج وحده.

ولعل هذا ما يفسر الانتشار المفاجئ لعيادات علاج جنس فى الولايات المتحدة أمكن تنظيمها بحيث تتبع اسلوباً علاجياً يعتمد على الجمع بين الزوجين معـاً فى الجلســــات العلاجيـة .

جلســات المواجهـة : كما انتشرت أيضاً جلسات المواجهـة، وجلسات العلاج الجمعى بناء على هذا التحقق من أن فاعليـة الإنسان تتحقق فى داخل المجموعـة وليس كفرد منعزل. وعلى الرغم من أن الجماعة قد تعمل على كف أو شل المرضى دون تشجيعهم، فإن غالبية الأطباء النفسيين المحدثين يرون أن مزايا اسلوب العـلاج مع الجماعة أكثر من أخطائه .

اذا جردتني من نعمة الصحة فاترك لي نعمة الايمان